نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالا مطولا عن الأمير مولاي هشام العلوي، بمناسبة صدور كتابه "الأمير المنبوذ". تقرير الصحيفة الأمريكية، الذي حمل عنوان " الأمير المغربي المتمرد يسلط ضوءا قاسيا على المملكة"، يعود إلى حياة الأمير مولاي هشام، وكيف كانت علاقاته مع الملك محمد السادس، علاوة على أهم التفاصيل التي كشف عنها في مذكراته، المثيرة للجدل. "فبراير.كوم" تقدم لقرائها الترجمة الكاملة لمقال الصحيفة الأمريكية. جلس الأمير مولاي هشام داخل السيارة وقد تجمد من شدة الخوف، وبمجرد أن وصل رفقة والدته إلى حاجز أمني قرب قصر الصخيرات أشهر جندي بندقية في وجه أمه الحامل. لقد كانا الاثنان في طريقهما لحضور احتفالات عيد ميلاد الملك الحسن الثاني حينما تناهى إلى سمعهما أن هناك مؤامرة تدبر ضد الملك.
ففي صيف عام 1971، تمكن الجيش المغربي من قتل أكثر من 100 من الضيوف المدعوين لعيد ميلاد الحسن الثاني في محاولة منه للسيطرة على السلطة والنظام الملكي بالمغرب. حينما علم أحد الجنود بأن والدة الأمير، لمياء الصلح، كانت حاملة، تراجع عن قتلها رفقة ابنها الذي كان لايتجاوز عمره السبع سنوات، ويوم واحد بعد الحادث، علم الجميع أن الانقلاب على نظام الملك الحسن الثاني مني بالفشل.
بنظامه الملكي المحافظ، حاول الملك الحسن الثاني بشدة تشديد الرقابة على رعاياه بما في ذلك عائلته.
الطفل الذي لم يكن يتجاوز عمره آنذاك السبع سنوات لازال يحتفظ في ذاكرته بأدق التفاصيل عن الحادث. يتعلق الأمر هنا بالأمير مولاي هشام، الابن البكر لشقيق الملك الراحل الحسن الثاني، مولاي عبد الله، وهو أيضا ابن عم الملك الحالي، محمد السادس، وهو ما يجعله في المرتبة الثالثة في ولاية العرش بالمغرب.
نشأ وترعرع الأمير الملقب ب "الأمير الأحمر" ليصبح فيما بعد ناشطا سياسيا، حيث وضعه دعمه المعلن للديمقراطية في خلاف دائم مع عائلته الملكية في المغرب. نفى الأمير نفسه إلى أمريكا، حيث عرف بمناصرته وتأييده لنظام الملكية الدستورية، على غرار ما هو حاصل في بريطانيا أو اسبانيا.
لم يكن الأمير، مولاي هشام العلوي، موضع ترحيب من قبل عائلته، حيث تشيع ثقافة تلزم الأمراء بالتزام الصمت وعقد ألسنتهم عن الكلام، وتمنع أسرار وخبايا العائلة الملكية من تجاوز أسوار القصر. "لقد أحسست بصدمات نفسية، لقد شاهدت والدي وهو يدمر. انه عالم حيث كل الأشياء مصطنعة ولاشيء يبدو حقيقيا"، هكذا صرح الأمير، البالغ من العمر 50عاما، في حديث صحفي بفندقه بالعاصمة الفرنسية، باريس. "أنا سعيد للعيش بعيدا. فعوض أن يكون لديك 100 صديق، لديك فقط خمسة أصدقاء، لكن على الأقل تعلم أنهم هنا من أجلك".
أصدر الأمير مولاي هشام العلوي، في شهر أبريل الماضي، مذكرات "الأمير المنبوذ"، التي تنسج سلسلة من المقالات القصيرة والحكايات لمنح القارئ المغربي لمحة نادرة عن حياة العائلة الملكية بالمغرب. لكن الكتاب يعد أيضا بمثابة نقد سياسي شديد اللهجة للمملكة من الداخل.
فالكتاب، الذي ستتم ترجمته إلى اللغة الانجليزية في غضون الأشهر المقبلة، يكشف عن تفاصيل كيف أن الحسن الثاني، الذي توفي في عام 1999، قام بتشييد نظام حكم أمكن فيه للنخبة أن تنتهك القانون وتفلت من العقاب. فبالرغم من أنه لم ينكر عظمة الحسن الثاني، فقد وصفه بأنه كان "عبقريا حاذقا"، وتمكن من وضع المغرب على مصاف الدول التي تتمتع باحترام الجميع. ألقى الأمير أيضا في كتابه نظرة عن الحياة الحميمية داخل أسوار القصر، وكيف نشأ في جو تسوده الدسائس والمكائد، والألعاب الذهنية التي كانت بينه وبين عمه الحسن الثاني.