حينما تتشابه المآسي والفواجع إلى درجة التطابق فاعلم أنك في دولة غير معنية بتاتا بالنظر بعمق في مسببات تلك الفواجع تفاديا لعدم وقوعها مرة أخرى. مناسبة هذا الكلام مأساة السيدة المسنة التي لم تجد سوى تسلق لاقط هوائي وسط العاصمة الرباط لإسماع صوتها إلى من يهمهم الأمر بعد أن طرقت جميع الأبواب دون جدوى من أجل استرجاع أراضيها التي تقول إنها سلبت منها بالباطل. الأكيد والمؤكد أن هذا الشكل الإحتجاجي الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة داخليا وخارجيا ما كان ليحدث لو أن مسؤولينا استخلصوا العبر والدروس من وقائع أخرى محركها هي الأخرى الرئيسي الظلم و »الحكرة ». فهل كانت مثلا « مي عيشة » ستقرر الصعود إلى لاقط هوائي في محاولة للإنتحار احتجاجا على « الحكرة » لو أن المسؤولين عن فاجعة « مي فتيحة » بالقنيطرة نالوا نصيبهم من المساءلة والعقاب؟ ونفس السؤال ينطبق على مسنة تزنيت « أبا ايجو » التي تمرغت بجسدها قبل سنوات أمام المحكمة الإبتدائية تعبيرا عن الظلم الذي طالها بعد أن استولت إحدى العصابات في مجال العقار على منزلها بالنصب والإحتيال. وطبعا الأمثلة من هذا النوع كثيرة وكلها تظل شاهدة بما لا يدع أي مجال للشك أن المظالم والمآسي في هذا الوطن العزيز لن تتوقف بتعليقات الغضب والسخط على مواقع التواصل الإجتماعي، وإنما بوجود إرادة حقيقية مقتنعة بضرورة التجاوب الفوري والآني مع نداءات المقهورين والمهمشين وضحايا الظلم والمافيات العقارية حفاظا على هذا الوطن من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وهنا وجب التذكير أن مي عيشة مجرد الشجرة التي تخفي غابة من القصص المؤلمة لمواطنين ومواطنات مع الحكرة والنصب والإحتيال. فهل نحن مستعدون للنظر في مشاكلهم قبل أن يقرروا الإحتجاج على طريقتهم الخاصة؟ من باب التذكير ليس إلا..