"خضعت اثر ذلك لتكوين في "التلكس" الذي لم يكن قد مضى وقت طويل على ظهوره بشكل متطور، لمدة ستة أشهر، وكنت أعتقد انه سيتم تعييني في مدينة "نانت"، حيث كان المركز الكبير للتلكس، لكنني عندما عدت من التكوين والتقيت بالمسؤول، أخضعني لامتحان في الهاتف، ثم بعثني الى الاستعلامات العامة التابعة لادارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، حيث قضيت شهرا، تم تعييني بعده في مصلحة الانصات التقنية " service d'écoute téchnique" هكذا يروي صاحب كتاب "ميت حي"، التونسي الاصول، وابن العلوية التي كانت تقرب الملك محمد الخامس، وهو احد افراد اسرة انتقلت من القرب من القصر الى دهاليز المعتقلات. كان مفتشا مراقبا في البداية لعاملات الهواتف، يتنصت على طريقة اشتغالهم وتقييمها كميا وكيفيا. عدد المكالمات التي يربطونها وجودة عملهم...وذات يوم، كما يروي، وقع علي الاختيار لاكون ضمن فريق منتخب من كل جهات فرنسا، لا يعرف اي من افراده الاخر، لوضع خطة جديدة les nouvelles instalations الخاصة بالرئيس الفرنسي الجنرال دوغول في قصر الاليزيه. وهكذا اقمت في القصر، ولم اكن اخبر حتى اقرب اصدقائي بمكان اشتغالي.. بعدها قمت بالشيء نفسه بوزارة الداخلية، ثم خلال اشغال النندوة الدولية للسلام. وبعد مدة طرق باب بيتي البوليس، وطلبوا مني تحضير حقيبتي لمرافقتهم للعمل في احدى الادارات، التي تكتسي حساسية خاصة.. وبعد خضوعي لتكوين قصير، استانفت عملي فيها.." ويحكي بوريكات في مذكراته ليومية "المساء" انه كان يعمل في مصلحة مرتبطة مباشرة بقصر الاليزيه، بحيث كان يشتغل فيها لعشر ساعات يومين متتاليين، وكانت مهمته التنصت على "منظمة الجيش السري "oas"، وهي منظمة ارهابية فرنسية تأسست في فبراير 61 لمناهضة استقلال الجزائر عن فرنسا عن طريق العمل المسلح، كما كان يتنصت على مكالمات شخصيات بعينها، منها الكولونيل طبيب، وهو مناضل يساري نقابي.." اذ كان يخضع هواتفهم للمراقبة مدة 24 ساعة على 24 ساعة، وقد اشترط عليهم ان لا يخبروا اباءهم أو زوجاتهم بطبيعة عملهم. ويقول بهذا الصدد:" كنت شابا مقبلا على الحياة وكنت اصاحب العديد من الفتيات، واحسست مرارا بان بعضهن مبعوث من المخابرات الفرنسية، لامتحان مدى حرصي على عدم البوح بطبيعة عملي، ولهذا كنت حريصت على تغيير اسمي وعدم تحديد مكان اقامتي"