ترددت كثير قبل أن أقرر الخروج عن صمتي. أولا لأنني أعلم أن هناك قضايا ذات أولوية لمواطنينا، بدءا من تفاقم البطالة، وثانيا، لأنه خلال السنتين الماضيتين، قررت التزام الصمت منذ الانسحاب الذي أعلنت عنه خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لعام 2012 (...)وعلى عكس ما يكتب عني يوميا ، فإنني لا أشعر بأي رغبة في التورط اليوم في الحياة السياسية في بلادنا، ولا ألمح في هذا المقام لأي رغبة في الانتقام ولا أحس بأي مرارة تجاه الفرنسيين الذين قلدوني مسؤولية الإمساك بزمام وطننا خلال خمس سنوات. (...) إنني أعلم يقينا حجم الآلام و الأحزان و المعاناة والهموم التي يكابدها كل مواطنينا (...). فهذا الواقع الممزوج بمزاجي الحاد جعلني غير قادر على التذكر، ولم أحب يوما الشكوى. فأنا اليوم في التاسعة والخمسين من عمري، وربما فات الأوان للقيام بالتغيير (...)أعتقد أنه من واجبي الآن تكسير هذا الصمت، لأنني أعلم أن القيام بذلك جزء من الوفاء للمبادئ المقدسة التي تأسست عليها جمهوريتنا، والتي تعرضت للعنف وانعدام الضمير بشكل لم يسبق له مثيل.
لقد علمت من خلال الصحافة أن جميع مكالمتي كانت تخضع للتنصت منذ ثمان أشهر (...) وتمكن القضاة من الاستماع إلى كل النقاشات التي جمعتني بالسياسيين الفرنسيين والأجانب، ضمنها المحادثات التي كانت بيني وبين محامي الشخصي، التي استمع إليها بدون أدنى حرج (...)فأنا أعلم أن وزيرة العدل ليس على علم بهذا التنصت الفظيع، على الرغم من كل التقارير التي طلبتها وتلقتها، كما أن وزير الداخلية ليس على هو الآخر على علم بما يجري على الرغم من عشرات ضباط الشرطة الذين خصصوهم لدراسة وضعيتي (...) إن الأمر شبيه ربما بنكتة أليس كذلك؟ فيمكننا أن نضحك إذا كانت هذه الأمور لاتمت بصلة للمبادئ الأساسية للجمهورية، وبالتأكيد، فقد تغيرت فرنسا حقوق الإنسان "، كما يقال.
واليوم، يجب أن يعلم أي شخص يرغب في الاتصال بي أن مكالمته ستخضع للتنصت. عليكم أن تعلموا جيدا أن كل ما يحدث ليس مقتطفا من فيلم رائع يجسد حياة الآخرين في ألمانيا الشرقية أو أنشطة "ستاسي". إن هذه التصرفات ليس نابعة من ديكتاتور في العالم ضد خصومه. بل هي تخص فرنسا، وتستهدف شخص نيكولا ساركوزي. إنني أقبل كل المعارك شريطة أن تكون متكافئة، وأرفض أن تكون الحياة السياسية الفرنسية فضاءا للحيل القذرة والألاعيب السخيفة، لكنني أثق في نزاهة أغلبية القضاة وفي المؤسسة القضائية، فلم أطلب يوما ما أن أكون فوق القانون، لكنني لن أقبل أن أكون تحتها".
وأخيرا إلى كل أولئك الذين يرتعدون خوفا من عودتي، أطمئنهم وليكونوا متأكدين أن أفضل طريقة لتفاديهم هو أن أعيش حياتي بكل بساطة وهدوء..مثل أي مواطن "عادي" !