أصر الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي على إهداء خصومه الأبرز في انتخابات الرئاسة المقبلة، أكبر كمية ممكنة من "الارتباك" ،عندما دعم من وراء الستار، خطة الرئيس المؤقت عدلي منصور لإصدار قانون إنتخاب رئاسي جديد، ينطوي على "تحصين" مبرمج لقرارات اللجنة العليا التي ستشرف على الانتخابات. التحصين المشار إليه أثار فوضى عارمة في الوسط السياسي المصري، خصوصا في وسط المرشحين المحتملين لمنافسة السيسي، حيث يحرم التحصين المرشحين من آليات الطعن، ويضع مستقبل عمليات الترشح نفسها وفرصها بأحضان النخبة الحاكمة في الإدارة الحالية للدولة، أي بأيدي السيسي وجماعته بشكل خاص. التحصين كان ثمرة للتعاون الكبير بين الرئيس منصور والجنرال السيسي الذي أربك الأجواء بالمفاجأة الجديدة، والذي يتردد في الوقت نفسه أنه يجري حسابات معمقة ودقيقة، هدفها ضمان ترشحه وفوزه، مما يصعد مجددا بسيناريو "التزكية" العملية التي تدعمها دول الخليج، وسبق ل "العرب اليوم" أن تحدثت عنها الشهر الماضي. وفقا لحملة المرشح الأوفر فرصة لمنافسة السيسي، جاء التحصين محصلة لخضوع مؤسسة الرئاسة كليا للجنرال السيسي، الذي لا يرغب في الخضوع لأية مفاجآت من أي نوع . قانون الانتخابات الرئاسية الجديد، الذي صدر السبت، صادم للعديد من المرشحين المحتملين للسباق الرئاسي المقبل في مصر؛ والذين أعربوا، عبر حملاتهم، عن رفضهم لما ورد في القانون من تحصين لقرارات اللجنة المشرفة على الانتخابات. وتسبب تحصين القرارات هذه اللجنة في إرباك حسابات هؤلاء المرشحين المحتملين، حسب استطلاع أجرته وكالة الأناضول، فبينما لم تستبعد حملة حمدين صباحي الانسحاب من السباق الرئاسي احتجاجا على القانون، لفتت حملة خالد علي إلى أنها ستعيد دراسة موقفها من الترشح في ضوء ما ورد في هذا القانون، ودخلت حملة سامي عنان في اجتماعات مكثفة لدراسة القانون وتحديد الموقف منه. وفي وقت سابق أصدر الرئيس المصري المؤقت، عدلي منصور، قانون الانتخابات الرئاسية الجديد الذي يبقي على تحصين قرارات اللجنة المشرفة على الانتخابات، حسب ما أعلنه مستشار الرئيس للشؤون الدستورية، علي عوض. لكن هذا البند أغرق الحالة المصرية مجددا بجدل قانوني ودستوري حول الخلفيات والاعتبارات ونهايات العملية الانتخابية، خصوصا وان لجان الانتخابات بالعادة وبموجب كل الصفحات الدستورية الانتقالية والمؤقتة لا تخضع للتحصين ويمكن الطعن فيها . خارطة انتخابات الرئاسة المصرية الوشيكة التي بدأت فعلا بإعلان القانون الجديد أصبحت عمليا مفتوحة على احتمالات موحدة قوامها ترشح السيسي بأضعف منافسه ممكنة وعدم دخوله في أية مجازفات من أي نوع .