تشهد مختلف المبادرات الحثيثة التي يقوم بها المغرب في مجال الوقاية من أمراض السرطان والتكفل بها، على إرادة قوية من أجل الانخراط في الجهود الدولية الرامية إلى الحد من انتشار إحدى آفات العصر، وتحسين سبل التشخيص المبكر والتكفل وتسهيل الولوج إلى العلاج لفائدة شرائح واسعة من المجتمع. فمن خلال الجهود التي تبذلها مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان، منذ 11 سنة على تأسيسها، من أجل تحسين ظروف العلاج والتكفل بحالات الإصابة بالمرض وتتبعها عبر كافة أنحاء التراب الوطني، قطع المغرب أشواطا هامة على درب تحسين الخدمات المقدمة للمرضى والقيام بحملات تحسيسية واسعة بشأن مختلف أنواع السرطانات، وذلك في أفق التقليص من عدد الوفيات الناجمة عن هذا المرض، الذي ينتشر غالبا داخل الجسم في صمت. ويشكل تاريخ 22 نونبر من كل سنة، الذي يخلد اليوم الوطني لمحاربة داء السرطان، محطة للوقوف على مختلف الإنجازات التي تحققت في إطار المشاريع الرامية إلى تطوير منظومة العلاج على المستوى الوطني، وتحسين ظروف التكفل والتتبع لفائدة المرضى، وكذا استشراف آفاق تقليص عدد الإصابات والكشف المبكر عن بعض أنواع السرطان بفضل حملات التحسيس والتوعية. وتميزت سنة 2016 بمواصلة مختلف الأوراش والمشاريع التي تروم تطوير البنيات التحتية المخصصة للتشخيص والتكفل بالعلاج والتتبع، من خلال توسيع شبكة العلاج وإحداث مراكز للقرب تهدف إلى التشخيص المبكر لبعض أنواع السرطان في عدد من المناطق. إذ عرفت السنة الماضية ارتفاعا ملحوظا في وتيرة إنجاز مشاريع مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان في كل مجالات تدخلها، سواء ما يتعلق بالوقاية والتشخيص المبكر والتكفل بالمرضى والدعم الاجتماعي والتكوين والبحث. ويعد المخطط الوطني للوقاية ومراقبة السرطان، الذي أطلق رسميا في 24 مارس 2010 ، ويعتمد 78 إجراء عمليا قابلا للتفعيل في المجالات الاستراتيجية، مثل الوقاية، والكشف المبكر، والتكفل العلاجي، والعلاجات المخففة، وإجراءات لمواكبة المرضى، آلية مندمجة فعالة تروم تجميع كافة المبادرات والمشاريع المندرجة في إطار الجهود الوطنية المرتبطة بمحاربة داء السرطان بكافة جهات المملكة، وتوسيع شبكة العلاج لتشمل فئات واسعة من الساكنة. وشهدت السنة الجارية، برسم هذا المخطط، إنجاز العديد من المشاريع وإعطاء انطلاقة مشاريع أخرى، بعدد من جهات المملكة، وذلك بهدف تقريب الخدمات العلاجية من الساكنة وتخفيف عبء التنقل إلى المراكز الكبرى. وفي هذا الإطار، أشرفت الأميرة للا سلمى، رئيسة مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان، في ماي الماضي، بمدينة العيون، على وضع الحجر الأساس لبناء المركز الجهوي للأنكولوجيا ودار الحياة، بكلفة إنجاز تقدر ب 57 مليون درهم، بينما تقدر كلفة تجهيزهما ب 20 مليون درهم. هذا المشروع، الذي يروم من خلال المركز توفير التكفل المتخصص للمرضى المصابين بالسرطان على مستوى جهة العيون- الساقية الحمراء، بسعة استقبال تفوق أزيد من 2000 مريض في السنة، إلى جانب دار الحياة التي تقدر طاقتها السنوية للإيواء ب 500 مريض وأفراد أسرهم، الوافدين من المناطق البعيدة، يندرج في إطار الجهود التي تبذلها المؤسسة من أجل تعميم خدمات العلاج، وتوسيعها لتشمل كافة ربوع المملكة. وسيرى هذان المشروعان، المندرجان في إطار المخطط الوطني للوقاية ومراقبة السرطان لاستكمال خريطة العرض الصحي الخاص بالأنكولوجيا بجهة العيون- الساقية الحمراء، النور بفضل الهبات التي تم تحصيلها بمناسبة الأمسية الخيرية المنظمة من طرف مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان بمراكش يوم 3 أكتوبر 2015. كما أشرفت الأميرة للا سلمى، خلال السنة الجارية أيضا، على تدشين معهد البحث في السرطان بفاس، الذي يعد الأول من نوعه على الصعيد الوطني والإفريقي، الذي كلف إنجازه غلافا ماليا بلغ 15 مليون درهم ممولا بالكامل من طرف « مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان ». ويعد معهد البحث في السرطان، الذي تم تشييده داخل المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، مؤسسة ذات نفع عام تتمتع بالاستقلالية المالية والعلمية، يمثلها كل من المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، وجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس و »مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان ». ويتبنى معهد البحث في السرطان مقاربة شمولية في محاربة السرطان تأخذ بعين الاعتبار جميع المستويات الصحية والاقتصادية والاجتماعية وتجعل من البحث والتكوين والعلاج مجالات تدخله، يساعده في ذلك أنه مؤسسة ذات نفع عام تتمتع بالاستقلالية المالية والعلمية. كما تم مؤخرا بورزازات افتتاح المركز المرجعي للصحة الإنجابية لتشخيص سرطان الثدي وعنق الرحم، الذي تطلب إنجازه غلافا ماليا إجماليا بلغ أزيد من 4 ملايين و61 ألف درهم. ويتوفر هذا المركز، الذي تكلفت بتجهيزه مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان والمنجز لفائدة ساكنة أقاليم ورزازات وتنغير وزاكورة على مساحة 1346 متر مربع، منها 338 متر مربع مغطاة، على موارد بشرية من الأطباء العامين المكونين في تشخيص سرطان الثدي وعنق الرحم (2) والممرضات (03) وتقني الأشعة وطبيب أخصائي في الفحص الإشعاعي وطبيبة أخصائية في أمراض النساء والتوليد. يتمثل الهدف من مختلف المبادرات التي تقوم بها المؤسسة، إلى جانب شركائها، في الارتقاء بظروف التكفل بالمرضى وتحسين وسائل العلاج والتتبع، وذلك في سياق الاستجابة إلى الأولويات المسطرة على المستوى الوطني، من خلال المساهمة في تحقيق أهداف المخطط الوطني للوقاية ومراقبة السرطان في مجال البحث ومواكبة البحث الوطني للتطور العلمي تماشيا مع متطلبات وانتظارات المواطن العلاجية منها والاقتصادية والاجتماعية.