تدفق حجاج بيت الله الحرام تلهج ألسنتهم بالتهليل والتلبية وباختلاف ألسنتهم وألوانهم على مشعر عرفات، اليوم الأحد التاسع من ذي الحجة، لأداء الركن الأعظم في الحج المتمثل في الوقوف بعرفات والذي لا تصح بدونه المناسك، في مشهد مهيب تحيطه إجراءات أمنية مشددة ومتابعة لصيقة من السلطات السعودية. ووصل ما يقارب المليوني حاج من ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات على بعد 12 كيلومترا من مكةالمكرمة بعد قضائهم يوم التروية في مشعر منى يوم الثامن من ذي الحجة، ليقفوا اليوم على صعيد عرفات الطاهر مستغرقين بالخصوص في الذكر والدعاء، وذلك في أفضل يوم طلعت عليه الشمس، والذي ينزل فيه الله تعالى إلى السماء الدنيا ليباهي بعبيده الحجاج الملائكة ويستجيب لدعائهم ويعتق رقابهم من النار. وواكبت قوافل ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات متابعة أمنية مباشرة يقوم بها أفراد مختلف القطاعات الأمنية، التي أحاطت طرق المركبات ودروب المشاة لتنظيمهم حسب خطط تصعيد وتفويج الحجيج، إلى جانب إرشادهم وتأمين السلامة اللازمة لهم. وأعلن الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكةالمكرمة، رئيس لجنة الحج المركزية « نجاح صعود جميع الحجاج من مكة إلى منى بكل سلامة وراحة وطمأنينة، ونجاح الخطة الأمنية التي وضعت لهذا الغرض ». وأكد الفيصل، خلال مؤتمر صحفي عقده مساء أمس بمشعر منى، انسيابية خطط الصعود إلى منى، قائلا « الجميع رأى هذه الانسيابية التي توصف بأنها طبيعية جدا، الأمر الذي يبعث الارتياح »، مشيرا إلى أن عدد من تمت إعادتهم عن أداء الحج بلغ أكثر من 253 ألف مخالف. وأعلنت الهيئة العامة للإحصاء السعودية، مساء أمس السبت، أن إجمالي أعداد حجاج بيت الله الحرام، تجاوز المليون و800 ألف حاج حتى الساعة الخامسة مساء يوم التروية، موضحة أن حجاج الخارج بلغوا مليونا و325 و372 حاجا، بينما يمثل حجاج الداخل القادمين إلى مكة عبر مداخلها الستة 199 ألفا و922 حاجا، وحجاج مدينة مكةالمكرمة 330 ألفا و112 حاجا. وأكدت وزارة الداخلية السعودية، أمس السبت، أنها لم تسجل أية ملاحظات « تعكر صفو الحج » حتى الآن، مشيرة إلى أن رجال الأمن « جاهزون للتعامل مع أية حالة تستدعي التدخل ». وجاء ذلك على لسان المتحدث الأمني للوزارة اللواء منصور التركي في المؤتمر الصحفي الثاني للجهات الأمنية العاملة بالحج في مشعر منى، بالتزامن مع وصول الحجاج أمس السبت، إلى المشعر لقضاء يوم التروية. وأشار إلى أن الحركة المرورية على جميع المداخل التي تربط مكةالمكرمة بالمشاعر والمداخل المؤدية إلى المشاعر والعاصمة المقدسة اتسمت بمرونة عالية على جميع المحاور. واعتمدت وزارة الحج والعمرة السعودية في موسم الحج لهذا العام مناهج جديدة في برامج تفويج الحجاج لهذا العام من مخيماتهم في منى إلى مكان رمي الجمرات لتسهيل عمليات التفويج وتمكين الحجاج من أداء نسكهم بكل يسر وسهولة واطمئنان، منها اعتماد نظام الرقابة الإلكترونية والكاميرات لرصد حركة الحشود، فضلا عن تطبيق مشروع السوار الإلكتروني على الحجاج لأول مرة بهدف سرعة التعرف عليهم وقراءة بياناتهم إلكترونيا، خصوصا من لا يتحدثون العربية. ومع غروب شمس يوم عرفة ستبدأ جموع الحجيج نفرتها إلى « مزدلفة » ليصلوا بها المغرب والعشاء، ويقفوا بها حتى فجر الإثنين العاشر من ذي الحجة، لأن المبيت بمزدلفة واجب تأسيا بالرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بات بها وصلى فيها الفجر. ويعود الحجاج إلى منى صبيحة اليوم العاشر لرمي جمرة العقبة (أقرب الجمرات إلى مكة) والنحر (للحاج المتمتع والمقرن فقط) ثم الحلق والتقصير، وبعدها يتوجهون إلى مكة لأداء طواف الإفاضة. ويقضي الحجاج في منى أيام التشريق الثلاث (11 و12 و13 من ذي الحجة) لرمي الجمرات الثلاث، مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة (الكبرى)، ويمكن للمتعجل من الحجاج اختصارها إلى يومين فقط، حيث يتوجه إلى مكة ليكون آخر عهده بالبيت الحرام طواف الوداع في نهاية مناسك الحج.