تسيطر المسلسلات التركية على النسبة الاعلى من المشاهدة الدرامية في الوطن العربي بحسب استطلاعات قامت بها اكثر من مجلة عربية فنية، على الرغم من ان المسلسلات التركية دخلت ايضا في عمق القضايا السياسية العربية. فقد قامت جميع القنوات الفضائية المصرية بوقف عرض المسلسلات التركية، احتجاجا على الموقف التركي الرسمي من الثورة المصرية، اذ انحازت تركيا اردوغان الى جماعة الاخوان المسلمين وحكم محمد مرسي. قصص رافقناها حتى النهاية أو كما يقال حتى الرمق الاخير, تفاعلنا معها وتأثرنا بها, غزت حياتنا وتعلقنا بها وأصبحت حديث الناس في لحظات فراغهم وحتى في أوقات انشغالهم.
الصغير والكبير يشاهدها, كل يتأثر بها حسب ميوله وحسب ما يثير اهتمامه، تلك هي الدراما التركية, البعض اعتبرها ملاذا جيدا لكسر الملل والهروب من الروتين اليومي الذي يرافقنا في وتيرة حياتنا, وآخرون يعتبرونها فسادا فكريا واخلاقيا ودراما وهمية تسيطر على الروح والعقل والاحساس بمثاليتها المفرطة في كل أوراقها. في ظل حالة الاحباط والضبابية التي يعيشها العالم العربي أصبحت الدراما التركية مهربا من الواقع الى الوهم والخيال, الذي تجسده قصص المسلسلات التركية, فالتقنيات العالية واختيار الاماكن والشخوص والبعد الجمالي فيها،والديكورات البديعة والطبيعة الخلابة, والنساء الجميلات المزينات وفق آخر طرز التجميل, بملابسهن الرائعة, وشباب فارعو الطول, غاية في الوسامة، كل ذلك جعل من المسلسلات التركية عالما لا نراه الا بالاحلام. خمس نجمات تركيات حظين بشعبية كبيرة مع عرض مسلسلاتهن على القنوات العربية ربما كانت أولهن النجمة بيرين سآت التي عرفها الجمهور في مسلسل "العشق الممنوع" ثم مسلسل "فاطمة" والنجمة توبا بيوكستون التي حققت نجاحا كبيرا في عدد من المسلسلات أشهرها "عاصي" و "بائعة الورد". النجمة نورجول يشيلجاي نالت شعبية كبيرة أيضا واشتهرت بشخصية مرام في "قصر الحب" وياسمين في "عشق وجزاء" والفنانة هذال كايا التي جسدت شخصية نهال في "العشق الممنوع" وأخيرا الفنانة فرح زينب التي أحبها الجمهور في شخصية "إيلين" بمسلسل "على مر الزمان". إضافة إلى الموهبة هناك عامل آخر يجمع بين الفنانات الخمس وهو الجمال وتحديدا جمال العيون التي سحرت الشباب العربي فراح يطلق الصفحات التي تحمل أجمل صورهن.
الاكثر اثارة
نجمات تركيا فرضن وجودهن على الساحة العربية من خلال مسلسلاتهم المدبلجة التي لاقت اعجاب الكثيرين إلى جانب جمالهم الملفت للأنظار. وفي استفتاء أجرته مجلة Magazine City للنجمات التركيات الأكثر إثارة، فقدت النجمة بيرين سات ، الشهيرة في الوطن العربي باسم "فاطمة" المركز الأول لتحل محلها النجمة كيندي شيسيلدي. حول هذا الامر تقول العشرينية يارا مراد بأن الدراما التركية تشكل الجزء الاكبر من يومها, فهي تتابع أكثر من ثلاثة مسلسلات في آن معا بشكل مستمر وتشاهد إعادتها, طبيعة قصة المسلسل تؤثر فيها وتشغل تفكيرها وفقا لمراد, فالقصص الرومانسية لها تأثير السحر عليها, فمعرفة ما الذي سيحدث للعاشقين في نهاية المسلسل يستولي على تفكيرها, ويأخذها إلى خيالات جميلة. أفكار غريبة يختلف الثلاثيني محمد الرمحي مع ما قالته مراد، إذ يعتبر ان الدراما التركية قد ضيّقت المستوى الفكري والوعي الثقافي لدى كثير من الشباب والشابات بقصصها غير الهادفة وغير الأخلاقية، وانها تتضارب وتخالف معظم قوانين الشريعة الإسلامية, فعلى الرغم من أن الاتراك مسلمون, لكنهم يعتدون بمسلسلاتهم على كثير من العادات والتقاليد التي تتمسك بها المجتمعات العربية, إضافة إلى أن المشاكل التي يعالجونها في مسلسلاتهم, تتناول قضايا غير مهمة وليس لها تأثير على قضايا العرب المهمة. "لا اسمح لابنائي بمشاهدة المسلسلات التركية " ذلك ما أكدت عليه ام صلاح, وهي أم لثلاثة ابناء, تقول بانها لا تسمح لابنائها بمشاهدة المسلسلات التركية ابدا، لاعتقادها بانها ستترك عليهم اثرا سلبيا من خلال تفاصيل المسلسلات التي تخل بالعادات والتقاليد .
قنبلة موقوتة
ويرى استاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية وجامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي ان المسلسلات التركية المدبلجة قنبلة موقوتة داخل الاسر, تجذب المشاهدين من خلال المبالغة في الرومانسية والتركيز على جرعات كبيرة من الاثارة والاغراء, فرغم أن قصص هذه المسلسلات عادية ولا جديد فيها, لا تختلف عن الدراما العربية, إلا أنها تزخر بعناصر الإثارة السمعية والبصرية, ما يجعلها ذات تأثير أكثر من العربية.
وقال ان معدي ومخرجي هذه المسلسلات نجحوا في استخدام الفنون كافة لجذب المشاهدين من خلال الترجمة السريعة, واللقطات المصاحبة للترجمة ولباس الممثلين واختيار قصص اقرب الى القصص التي تحدث في المجتمعات العربية، والحرص على مخاطبة وجذب افراد المجتمع بمختلف اعمارهم لمتابعتها كون احداث هذه المسلسلات تراعي وجود كبار السن والاطفال والمراهقين, والجميع يتابع هذه الافلام ويحضرونها مجتمعين ولكن لكل جيل رؤيته واهتماماته ومتابعته وفي ظل صمت الاسر امام الشاشات الفضائية وعدم التحدث حتى مع بعضهم بعضا خلال مجريات الافلام فان كل فرد من افراد الاسرة يفسر ويحلل هذه الافلام من وجهة نظره ويتأثر بها ويتقمص الشخصيات التي يحبها ويتابعها والمناظر الطبيعية الخلابة الجذابة تعمل على شد الانتباه والحرص على المتابعة ونجحت الافلام في الترويج السياحي لتركيا.
دكتور علم الاجتماع سري ناصر يقول لا شك أن أي مسلسل يقضي المشاهد معه وقتا سيؤثر عليه ويتأثر به, لذا علينا أن نجري بحوثا ميدانية وعلمية للتأكد من ذلك الاثر أو ما هو ذلك الاثر بالتحديد. يضيف الدكتور ناصر بأنه في الماضي كانت اللهجة المصرية هي اللهجة السائدة، أما اليوم المسلسلات التركية جاءت بلهجة سورية بدأت تنافس اللهجة المصرية، وتأثير تلك المسلسلات لا يكون فقط على فئة معينة بل تشمل جميع الفئات. المجتمع التركي هو مجتمع اسلامي وبالتالي عندما يشاهد الناس سلوكيات لا يجرؤ الفرد على القيام بها في مجتمعاتنا فمن الممكن ان يدفع الكثير من الشبان لان يقلدوا تلك السلوكيات بحسب الدكتور ناصر