يستقطب رئيس الحكومة الفرنسية « مانويل فالس » هذه الأيام الاهتمام السياسي والإعلامي بسبب مواقف الصريحة في انتقاده المباشر للخطاب الإسلامي المتطرف الذي يحاول البعض الترويج له في فرنسا مستغلين أجواد التهديدات الإرهابية التي تخيم على فرنسا. وكان أخر التصريحات التي أدلى بها بمناسبة مشاركته في مناظرة سياسية حول مصير وقيم الجمهورية تلك التي أكد فيها ان الخطاب السلفي لا يمثل أكثر من واحد في المائة من مسلمي فرنسا لكنه يحدث ضجيجا كبيرا عبر شبكات التواصل الاجتماعي و انه في طريقه لربح المعركة الأيدلوجية و الثقافية. وقد أستغل « مانويل فالس » مناسبة أخرى لتوجيه دعوة قوية لمحاولة خطاب التطرّف في المدارس و الفضاء العام معتبرا أن العدو الأساسي هو التطرّف الإسلامي. هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث بها « مانويل فالس » بهذه الصراحة و النبرة المباشرة. فقد سبق له أن وجه انتقادات لاذعة لما اسماه وقتها بحاملي الفكر « الفاشي الإسلامي » الذين ينشطون على التراب الفرنسي …بعد ذلك أثار « مانويل فالس » الانتباه باستعماله كلمة /أبارتايد/ في أشارة إلى مناطق بأكملها لا يطالها نفوذ الدولة الاقتصادي و الأمني. وقد تفاجأ المراقبون بلجوء « مانويل فالس » لهذا القاموس للتعبير عن مواقفه و قناعاته. لكن تبين بعد ذلك انه اتخذ سياسية تسمية الأشياء بمسمياتها كإستراتيجية تميزه داخل عائلة اليسار المتهمة تاريخيا من طرق اليمين بالتساهل في قضايا الأمن و الهجرة. وقد تسببت مواقف « مانويل فالس » في ردود فعل صاخبة في المشهد السياسي الفرنسي. فقد صفقت له صحافة اليمين معتبرة أن الرجل يستعمل منطق الواقع و الحقيقة في مقاربته لهذه القضايا الحساسة في حين تحفظت الصحافة المحسوبة على اليسار على المصطلحات المستعملة من طرف رئيس الحكومة و رأت فيها عملية ركض و تقليد و محاولة سحب بساط من تحت إقدام اليمين التقليدي والمتطرف. أما الفعاليات المسلمة مثل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أو المرصد الوطني ضد الإسلاموفوبيا فقد تبنت مواقف مناهضة و منتقدة بقوة لتصريحات « مانويل فالس » معتبرة أن ذلك قد يَصْب في مصلحة الجماعات المتطرفة التي تريد المحكومة الفرنسية محاربتها. عبر هذه المواقف التي يتبناها « مانويل فالس » تتولد لدى المراقبين قناعة ان الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ستشمل أساسيا الجدل حول الأمن و الإرهاب و التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي وقدرة كل المتنافسين على تقديم ضمانات للرأي العام الفرنسي حول استعداده لتوفير حلول فاعلة .. و يبدو أن « مانويل فالس »، الذي يطلق عليه البعض صفة « ساركوزي » اليسار لا يريد أن يترك الصرامة في الأمن و الحزم اتجاه قضايا الهجرة و التطرّف حكرا على اليمين اعتقادا منه بان الفرنسيين سيحددون خياراتهم انطلاقا من قابلية وقدرة أي شخصية الاستثمار في حماية أمنهم و استقرارهم الذي تقول استطلاعات الرأي أنها تأتي على أولويات الفرنسيين و مخاوفهم.