تتذكرون تلك الليلة، عندما خرج علينا السي بنكيران، بعد الزيادة الأولى في أسعار المحروقات، وأكد للمغاربة بأن قراره سليم وأن أسعار المواد الأساسية لن تتغير وخصوصاً « البنان ». وفعلاً ارتفعت بعد ذلك أثمنة كل المواد الأساسية إلا « البنان » الذي لا يمكن للمغاربة الفقراء الاستغناء عنه في حياتهم اليومية. دابا غير واش السي بنكيران كان كيطنز على المغاربة ولا شنو ؟ المهم، سيخرج علينا السيد رئيس الحكومة مرةً أخرى، بعد الزيادة الثانية في أسعار المحروقات ابتداءً من تاريخ اليوم 16/09/2013, ليذكرنا بنفس الطريقة بأن أسعار « البنان » لن تتحرك وبأنه لا داعي للقلق. نعم، لا داعي للقلق لأن « البنان »، الوجبة الأساسية لفقراء المغرب، لن يرتفع ثمنها. هذه هي سياسة حكومة بنكيران « سياسة الطنز وديني على قد عقلي ». وأنا شخصياً لي حكاية عجيبة مع وزراء هذه الحكومة العجيبة، ففي شهر يونيو 2012 وبعد الزيادة الأولى في أسعار المحروقات، شاءت الأقدار أن يجمعني حوار على قناة « ميدي 1 سات » بالسيد ادريس الأزمي، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، وأتذكر يومها كيف « خرج فيا الوزير عينيه » وقال بالحرف « رفعنا أسعار المحروقات لكي نحافظ على الميزانية المخصصة للاستثمار العمومي »، وأصر على فكرته طيلة ساعة ونصف. ولم تمر 9 أشهر حتى جمَدت الحكومة 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار العمومي، وشاءت الأقدار بأن يجمعني حوار ثاني، على القناة الثانية، مع السيد نزار البركة، وزير الاقتصاد والمالية المستقيل، وقال الوزير بالحرف بأن « الحكومة جمدت جزء من الاستثمار العمومي لكي لا تلجأ إلى الرفع من الأسعار ». ولم تمر 4 أشهر على لقائي بالسيد نزار البركة حتى اتخذت الحكومة قرارها الثاني برفع أسعار المحروقات، وبالتالي ارتفاع أسعار جميع المواد الأساسية للعيش، إلا « البنان » طبعاً. فهمتو دابا منطق بنكيران ؟ الشيء ونقيضه، منطق سهل الفهم : نرفع الأسعار لنحافظ على الاستثمار، ثم نجمد الاستثمار لنحافظ على الأسعار، ثم نرفع الأسعار لنحافظ على الاستثمار ... تماماً كما يستعمل بنكيران خطاب المعارضة وهو في الحكومة، وتماماً كما يخرج بنكيران يوم فاتح ماي مع العمال للاحتجاج على الحكومة التي يرأسها، وتماماً كما يقول بنكيران بأن هناك من يحاول نسف علاقته بالملك وفي نفس الخطاب يؤكد أن علاقته بالملك جيدة. وتماماً كما يؤكد رئيس الحكومة بأن حزبه وحركته لا ينتمون لجماعة الإخوان، ثم بعد ذلك يرفع شعار « رابعة العدوية ». وتماماً كما يحاول بنكيران إقناع المغاربة بأن قراراته في صالحهم، ويستشهد بمثال « البنان » الذي لا يعرف فقراء المغرب شكله. وليس بنكيران وحده، ففي شهر يونيو أكَدت وكالة « رويترز » على أن الحكومة تستعد لرفع أسعار المحروقات مباشرةً بعد رمضان، وخرج السيد بوليف، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لينفي كل ما قالته « رويترز ». وبعد انتهاء رمضان تبين بأن « رويترز » كانت صادقة في كل ما قالته، وخرج بوليف ليؤكد بأن نظام المقايسة لا يعني الزيادة، وبأن أسعار المحروقات لن تتحرك إلا إذا وصل سعر البرميل إلا 120 دولار، واليوم يكتشف المغاربة بأن أسعار المحروقات ارتفعت رغم أن سعر البرميل لا يتجاوز 111 دولار. إيوا كاين شي نفاق كثر من هادا ؟ لا تنتظروا شيئاً من حكومة « المهرجين الفاشلين »، ففاقد الشيء لا يعطيه، وبنكيران لا يهمه استقرار البلاد الذي يتحدث عنه في كل كبيرة وصغيرة، لأن فكر جماعته لا ينجح إلا في الفوضى. أما الاستقرار فهو أكبر عدو لمن يريد التحكم والاستبداد؟ لخبار فراسكم