منذ وصوله إلى قيادة حزب الجرار، يحاول مصطفى الباكوري وضع لمساته الخاصة على حزب أثار جدلا كبيرا في الساحة السياسية منذ ولادته قبل ثلاث سنوات على يد فؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب في الداخلية سابقا والمستشار الملكي حاليا. الباكوري قال ل«أخبار اليوم» إن حزبه «أجرى ما يشبه النقد الذاتي، وإنه طوى صفحة الصراع مع الإسلاميين، وإنه منكب على تدقيق أجوبته عن مشاكل المغاربة اليوم من أجل توضيح المشروع المجتمعي الذي يدافع عنه الحزب».
وبدا الباكوري، في لقائه مع «أخبار اليوم»، مطمئنا لنتائج المؤتمر الأخير الذي توّجه رئيسا جديدا ل«البام» بدون منافس. وحول مشاريع تحالفاته السابقة في إطار G8، قال الباكوري: «G8 انتهى، نحن في مرحلة مشاورات ولقاءات مع كل أحزاب المعارضة، ونحن ننتظر مؤتمرات عدة أحزاب –في إشارة إلى مؤتمر الأحرار والاتحاد الاشتراكي- لنرى ماذا يمكن أن يجمعنا في المعارضة، وماذا يفرقنا». وحول احتمال أن يتقدم المدير السابق ل«CDG» إلى الانتخابات الجماعية القادمة، قال: «هذا ممكن جدا، فنحن مستعدون للانتخابات القادمة، ونتوقع أن تكون نتائج حزبنا إيجابية، خاصة بعد نجاح المؤتمر الذي أعطى دفعة قوية للحزب، حيث خرج أكثر تماسكا ووضوحا في أفكاره واختياراته»، وبخصوص «الخلطة الإيديولوجية» التي تجمع اليمين باليسار في الحزب، رد الباكوري: «هذا أمر طبيعي. الحزب حزب وطني يتوجه إلى فئات مجتمعية عريضة، وبالتالي، فإن تنوع مشارب أعضائه أمر صحي، على أن تبقى الاختلافات تحت سقف الحزب ومشروعه وخطابه الرسمي». وعن ظروف خروجه المفاجئ من «إمبراطورية بلاس بترا» «CDG»، أبدى الباكوري عزوفا عن الرد على هذا النوع من الأسئلة، واكتفى بالقول: «أنا كنت في خدمة بلدي ومازلت. ظروف خروجي من «CDG» كانت خاصة، نعم، لكن هذه الأمور صارت اليوم متجاوزة، وحصيلتي في «CDG» يعرفها الجميع، وإن كنت قد أزعجت أحدا، فهذا كان لمصلحة البلاد واقتصادها».
الباكوري، الذي مثل حلا وسطا بين الجناحين المتصارعين في «البام»، أجرى لقاءات عدة مع الفرقاء السياسيين منذ انتخابه أمينا عاما للحزب، وفي مقدمة من التقاهم، رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، حيث رحب هذا الأخير بالتوجه الجديد للحزب في عهد الباكوري، الذي سألناه: هل هو مستعد لدخول حكومة بنكيران غدا إذا حدث تصدع في الأغلبية الحالية؟ ابتسم وقال: «نحن الآن في المعارضة، ونحاول أن نقدم نموذجا جديدا في سلوك معارضة بناءة تشتغل على يسار الحكومة لتنبهها إلى أعطابها واختلالات أدائها، أما التأويلات التي تعطى لكلامنا أو مواقفنا، فهي أمر صار اعتياديا بالنسبة إلينا. تصويتنا لصالح ميزانية الصحة أقلق قيادة «PPS» لا أعرف لماذا. نحن، وتقديرا لعمل وزير الصحة، أعطينا إشارة سياسية إلى نوع المعارضة الذي نريد، ولم يكن في ذهننا ما ذهب إليه السيد نبيل بنعبد الله من أننا نريد تفجير الأغلبية. هذا تعبير عن عدم الثقة في النفس أكثر من أي شيء آخر». أما عن الطوابع الكثيرة (les tampons) الموجودة فوق جبين البام، من أنه حزب الدولة أو القصر أو فؤاد عالي الهمة، فقال الباكوري: «هذه الأمور ستزول مع الوقت والعمل. نتائج الانتخابات الأخيرة، التي لم يطعن فيها أحد، أعطت للحزب مكانته ووزنه، وعلينا أن نتوقف عن إنتاج ثقافة التشكيك في كل مبادرة، مرة لأنها صادرة عن وافد جديد، ومرة لأنها من منافس قوي».
بحسه البراغماتي، يحاول الباكوري أن يشتغل بمنهجية «تدبير المؤسسات المالية» لإعادة هيكلة الحزب وحل مشاكله، ومصالحته مع محيطه، وإرجاع قاطرته إلى السكة الأصل، تماما كما لو استلم شركة فيها مشاكل كثيرة، وكانت على وشك أن تخسر مكانتها في السوق، وهو الآن يحاول أن يعالج أمراضها بهدوء. فهل ينجح في مهمة لا تبدو سهلة؟ الأيام القادمة ستكشف عن حظوظ البنكي في توقع المخاطر القادمة، فعالم السياسة أكثر تعقيدا من عالم المال والأعمال والأرقام.