نساء في حياة القذافي: هو عنوان كتاب صدر باسم خليل عبد السيد، حاول من خلاله أن يرصد علاقة الديكتاتور المقتول بالمرأة. الكتاب، الذي تنشر أهم ما ورد فيه "فبراير.كوم"، لا يخلو من غرائب ترسم جزءا من ملامح رجل لم تفك كل طلاسم شخصيته الغرائبية. كانت صفية فركاش قبل أن تعرف معمر القذافي، ممرضة في أحد مستشفيات طرابلس، و لم تكن تدري أن القدر يخبئ لها أن تكون السيدة الأولى في ليبيا على مدار أربعة عقود، و أن عشق القذافي غير المفهوم للممرضات سيلقيها في طريقه و يجمعها به !!
قبل صفية تزوج القذافي عام 1970 م بفتيحة خالد نوري، المعلمة الارستقراطية ابنة ( نور خالد): الذي كان مديرا للأمن بمحافظات الجنوب و هو والد الملازم ( خيرى خالد) أحد ضباط تنظيم حركة الضباط الأحرار التي قادها القذافي، و يبدو أن العلاقة بين القذافي والضابط خيري كانت السبب في مصاهرتهما،و قد حرص القذافي على أن يشهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على عقد زواجه بفتيحة خالد، ورغم ذلك فإن زيجتهما لم تدم أكثر من بضعة أشهر بسبب الاختلافات الثقافية والاجتماعية بين القذافي ذي الأصول الفقيرة و ( فتيحة) ابنة الأسرة الثرية، فطلقها بعد أن حملت منه بابنه البكر ( محمد)، و الغريب هنا أن القذافي حرم على مطلقته أن تتزوج بغيره بعد طلاقها منها تشبها بنبي الإسلام محمد ( صلى الله عليه وسلم) الذي حرم الله على زوجاته الزواج من بعد وفاته !!
و بعد طلاقه تزوج القذافي من صفية فركاش..
سيدة غامضة:
قلما سمعنا على مدى الأربعين عاما الماضية أخبارا عن زوجة الرئيس الليبي معمر القذافي، حتى إن اسمها لا يذكر إلا فيما ندر.فمن هي هذه السيدة التي تقف في الظل، و بقي نفوذها لا يستهان به على مدى أربعين عاما؟ !
مع توالي الأنباء عن ثورتي تونس و مصر، كانت أخبار زوجتي رئيسي البلدين المخلوعين تحتل حيزا كبيرا من اهتمام الصحافة العالمية، و يبحث عنها الناس لكونها من أشهر سيدات العالم، و ثوراتهما تقدر بالملايين و حتى بالمليارات .لكن مع انطلاق شرارة الثورة في ليبيا، و تناول الإعلام تاريخ الزعيم الليبي معمر القذافي، لم تبرز إلى الواجهة أخبار عن زوجته صفية فركاش، حتى إن الكثيرين لا يعرفون من هي و لا حتى اسمها.
و إذا كانت السيدة الليبية الأولى معروفة من أبناء الشعب استنادا إلى سنوات الحكم الطويلة التي رافقت فيها زوجها، فإن العالم لا يعلم الكثير عن هذه السيدة.
قالت عنها الصحافية باربرا والترز في مذكراتها إنها كانت السبب في تسليم زوجها برنامج أسلحة الدمار الشامل في عام 2003 بعد مقتل ابني صدام،" عندما طلبت منه أن يفعل شيئا لحماية أولادهما بعدما أصبحوا كبارا كي لا يوجهوا المصير نفسه".
و قد أخذت نشاطات السيدة الليبية الأولى تكثر، فظهرت في احتفالات ليبيا بالثورة، مع زوجات الرؤساء الضيوف، كما حضرت في حفل تخرج فتيات الثورة الليبية من كلية الشرطة في عامة 2010م.
عند سقوط نظام الرئيس بن علي، قيل إن ليلى الطرابلسي زوجته حملت معها أثناء هروبها ألف و خمسمائة كيلوجرام من الذهب الخالص تساوي حوالي ستين مليون دولار، فكم تبلغ ثورة السيدة صفية؟
بعيدا عن الظهور الإعلامي النادر، يبدو أن صفية فركاش كانت تنشط في مجالات أخرى، حيث إنها كما يبدو كانت تمتلك شركة خاصة للطيران هي " طيران البراق"، التي يقال إنها تنافس الشركة الوطنية للطيران " الخطوط الليبية"، كما إنها تستأثر بعقود نقل الحجاج في ليبيا، و تتخذ مطار معيتيقة مقرا لها بإذن من زوجها الزعيم.
لعل هذا ما يفسر ما جاء في وثائق الدبلوماسية الأمريكية السرية التي سربها موقع "ويكيليكس" أخيرا عن ليبيا و زعيمها القذافي أنه " يقود عائلة ثرية و قوية، لكنها منقسمة و مختلة وظيفيا، و تعاني صراعات ضروسا".
و نقلت الوثائق عن السفير الأمريكي في طرابلس جين كريتز، قوله عن صفية القذافي إنها " تسافر في طائرة مستأجرة في ليبيا، بينما ينتظر موكب من سيارات المرسيدس لنقلها من المطار إلى وجهتها المطلوبة، لكن تحركاتها محدودة، وتتسم بالحصافة، و قد استضافت مأدبة في مجمع باب العزيزية لمناسبة الذكرى السنوية للثورة فكانت احتفالية و غير مسرفة.وهي تنحدر من مدينة بنغازي، مركز التمرد في شرق ليبيا".
يذكر أنه إثر أزمة لوكيربي كشف التحالف الدولي لمحاكمة مجرمي الحرب " إيكاوس" ( مقره فرنسا) إحصائية عن ثورة أفراد عائلة القذافي في عام 1992م، من دون أن يذكر مصدر معلوماته، و فيها ورد أن ثورة القذافي تبلغ80 مليار دولار، بينما ثروة زوجته صفية30 مليار دولار.و بلغت ثروة كل من أولاده محمد ( من زوجته الأولى فتيحة نوري خالد) و سيف الإسلام والساعدي و هانيبال والمعتصم و خميس و عائشة 5 مليارات دولار لكل منهم.
و يتناقل الكثيرون أرقاما عن حجم الثروة اليوم، حيث إن البعض يقدر أن السيدة الأولى صفية فركاش " تكنز أكثر من عشرين طنا من سبائك الذهب) عدا الأموال.لكن أحدا لا يستطيع معرفة الرقم الحقيقي.
و إذا كانت هذه الأرقام تعو لسنوات عشرين مضت، فإن تضاعف الأرقام لا يمكن تقديه .و مهما حاولنا البحث و التنقيب سنظل عاجزين عن اكتشاف ما خفي في مصارف العالم من أموال و ما استثمر منها في مشاريع.
من أصول كرواتية:
حسبما ذكر موقع " عرب تايمز" في مارس 2011 م فقد نشرت صحيفة " دينيفيك" التي تصدر من البوسنة والهرسك تقريرا مثيرا عن صفية فركاش و أرفقت بالتقرير صورة الرئيس الليبي و زوجته الكرواتية الأصل مع الزعيم اليوغسلافي تيتو.و جاء في التقرير أن الرئيس الليبي تزج صفية فركاش حفيدة أحد أشهر الشخصيات في مدينة موستار التي تقع الآن في جنوب جمهورية البوسنة والهرسك على حدود جمهورية كرواتيا، و التي درس بها القذافي أواخر الستينات و أقام بها فترة دراسته في أكاديمية القوات الجوية التابعة للجيش اليوغسلافي !!
و تذك الصحيفة أن صفية فركاش هي حفيدة ( إيفان فركاش) المولد في منطقة بيترينيا عام 1808 م و عمل في فيينا عاصمة النمسا و انتقل لإدارة المدرسة النمساوية الشهيرة في مدينة موستار من سنة 1880م حتى وفاته سنة 1902م في فترة الحكم النمساوي ليوغسلافيا... و قد تعرف القذافي على زوجته صفية خلال إقامته في مدينة موستار و كانت صفية و أسرتها من الشخصيات والعائلات المشهورة في ذلك الوقت في المدينة !!