سائقو الطاكسيات في ليل طنجة شياطين أم ملائكة، لا هذه ولاتلك. إن لبعضهم وجها آخر "متعدد التخصصات" يكشفه هذا التحقيق. مساء الكورنيش مختلف هذا اليوم، إنه الجمعة، يوم التخلص من أعباء الأسبوع، القطار القادم إلى محطة طنجة "يلفظ" زوار "الويكاند"نهاية الأسبوع، قرص الشمس يختفي وراء هضبة الشرف، في طنجة ليس هناك مشهد الغروب، ليل الشاطئ ينزل بسرعة، محج محمد السادس يقسم الكورنيش إلى قسمين:المقاهي من جهة، وعلى الشاطئ تصطف الحانات والكاباريهات والعلب الليلية..
تنزل نوال من الطاكسي والضجر واضح على ملامحها، تكلم السائق بألفاظ بذيئة، وهي تداعب شعرها وتنزل إلى حانة مسائية.
إننا أمام واحدة من الحانات الليلية التي جرت العادة أن تقفل أبوابها في منتصف الليل، أثمنتها رخيصة، وتعتبر مكانا نموذجيا للتسخينات، وهي ملتقى للكثير من فتيات الليل اللواتي سينطلقن في اتجاه موسم "الصيد" اليومي..
نوال، اسم مستعار، فتاة "ذكية" تعلمت الحرفة بسرعة:"بعدما دازت عليَّ" تقول عاملة الجنس ل"فبراير.كوم"، وتضيف:"اليوم أنا الحمد لله بخير" أكتري منزلا في المجمع ولا أضطر للعمل يوميا، لأنني انتقي جيدا زبنائي.. أنادي على سائق الطاكسي فيأتي ليأخذني من أي مكان أتواجد به، فبحكم احتكاكي به نمت بيننا ثقة متبادلة.."
،صحافي "فبراير.كوم" يسأل ما معنى نمو الثقة بين سائق الطاكسي وامرأة تبيع جسدها، تخفض نوال صوتها:"كلهم خدامين" أين؟ يسأل الصحافي، فيأتي الجواب صادما:"مع البوليس" تجيب نوال وهي تنفث دخان سيجارتها، كيف؟ وإليكم رواية نوال، فسائقوا الطاكسيات أنواع: يحملك كزبون رفقة صديقتك من الملهى ويحرص على أن ينقلك إلى المنزل، ويبلِّغ عنك الشرطة، وفي حالات أخرى يعطي إشارة إلى الشرطة بمجرد ما تركب معه، وهكذا تطارد دورية الأمن الطاكسي ويحاصرونك! هل نحن أمام مخبر إذن يستفسر صحافي "فبراير.كوم"؟، فتجيب نوال:"بالأحرى أمام سمسار، "كيضبَّر عليهم" يضعك في فخ كي تتعرض للابتزاز، وأنت وحظك، إذا كنت متزوج، فإن الثمن يرتفع، أما إذا كنت شخصية عامة سيختلف وضعك. وإذا كانت الفتاة التي ترافقك قاصر أو توحي بأنها قاصر يرتفع الثمن" والمصيبة، تضيف نوال، أنك قد تكون ضحية لعملية ثلاثية (تضحك)، فماهي العملية الثلاثية؟ أن تكون الفتاة أيضا طرفا في اللعبة، وقد راقبتك وأنت تقوم بأداء مشروبك مثلا واطلعت على محفظتك! هنا تنتهي شهادة نوال فيدفع الصحافي ثمن المشروب الذي استهلكته فيشكرها وينسحب بينما هي ترقبه بنوع من الاشمئزاز.
سائق الطاكسي أو المٌخبر؟
في حانة ذات لمسة شرقية تخنقه رائحة الشيشة، تجلس كاميليا، بشموخ ومجد غابر تنظر باستعلاء إلى الفتيات، هل تعرفين معنى إسمك؟ يسأل الصحافي، نعم إنها وردة الكاميليا، ولها معنى آخر النقاء والبراءة. ستفاجئون، لكن كاميليا خريجة إحدى كليات الآداب في المغرب، ومع ذلك لها بدورها قصة طويلة مع أصحاب الطاكسيات، وكما توضح لنا أمامها خياران: إما التنسيق معهم أو ينتهي أمرها إلى شرطة الآداب.
تقول بالحرف:"شخصيا لدي أيضا مخبر، صاحب الطاكسي يبلغني باستمرار بموعد الحملة وأسماء الضباط الذين سيقودونها، نستفزها بالسؤال:أي حملة؟ هل تقصدين الحملة الانتخابية؟ فترد ضاحكة:"لا إنها حملة الشرطة على الدعارة، عندما أربط به الاتصال يخبرني بالأجواء الأمنية، هو يعرف جيدا الأحوال.. عميل مزدوج إذن؟ "لاواه رأفت الهجان" ترد كاميليا بتهكم..
طاكسي:ألو زبون جديد
الساعة الثالثة صباحا، بدأت مساحة السهر تضيق، وحدها بعض الأماكن تتجاوز هذا التوقيت، الكورنيش يوحي لك بالساعة الثامنة مساء أو أقل، تخرج شاكيرا،إسم الشهرة، بسرعة من الحانة وتقف على حافة الرصيف وهي تنظر إلى ساعتها، يتقدم منها الصحافي يسألها، أ أنت مشغولة؟، تجيب نعم لقد تلقيت مكالمة، سأذهب إلى فيلا في مالاباطا، اتصل بي سائقي وأخبرني أن هناك زبونا ينتظر، هل يستدعيك السائق باستمرار؟ تجيب:غالبا يومي السبت أو الجمعة، وبمجرد ما يعثر على زبون أو اثنين يتصل بي على الفور، يسأل الصحافي إذن ما مهنة هذا السائق؟، تجيب كاميليا بعصبية:"وأنت مالك..
سائق الطاكسي ينفي
بمجرد ما فتحت الجرح مع سائق أقلَّ فتاتين ترتديان ملابس عارية إلى نادي ليلي، حتى تغير لونه. واجهناه بادعاءات بعض من ممتهنات الجنس، اللواتي يؤكدن إنهن يمارسن أقدم مهنة في التاريخ بمساعدة سائقي الطاكسيات أو على الأقل بعض السائقين منهم تحولوا إلى غطاء أو أداة للسمسرة والقوادة أحيانا وأحايين أخرى وسيلة للتبليغ عنهن.
ظهرت على ملامحه علامات الغضب وقال بالحرف:"لا حول ولا قوة إلا بالله. أعوذ بالله، أنا متزوج وأب لثلاثة أطفال، ألم تسمع ما الذي حدث منذ أيام؟ سائق طاكسي سهل وصول فتاة إلى أحد الأشخاص في إحدى الفيلات، ولما داهم البوليس المنزل اعتقلوا الجميع، وقد أطلق سراح كل من كان في البيت إلا سائق الطاكسي، تهمة القوادة خطيرة..
مصدر أمني أكد ل"فبراير.كوم"، أن هناك بعض السائقين الذين يقدمون لهم معلومات في إطار سرية المخبر، وأضاف الأمر- ساري المفعول –حتى في أعرق الديمقراطيات، أما قصة السائق الذي اعتقل بتهمة الوساطة فملخصها، كما يروي مصدرنا الأمني، أن أحد الأشخاص طلب من السائق أن يقله إلى ملهى في أقصى المدينة، وفي الطريق تجاذبا أطراف الحديث فعرض السائق عليه خدماته، مؤكدا له بأن لديه أرقام مغربيات غير عاديات، ولما طلب منه الزبون الاتصال بإحداهن، حضرت الفتاة فعلا، وأخذهما الطاكسي إلى شقة تكترى لهذه الأغراض.. وحينما اختلا الزبون بممتهنة الجنس توهم أن الفتاة تصوره بهاتفها، هذا في الوقت الذي أكدت هي إن للزبون ميولا شاذا، وهكذا ضرب الزبون الفتاة ليتطور الأمر إلى شجار عنيف، تدخل على إثره الأمن، وأثناء التحقيق، تم إحضار السائق، وقد اقتضت المسطرة تحرير محضر على إثره تم إخلاء سبيل الزبون والفتاة التي كانت برفقته، أما السائق فقد حول إلى النيابة العامة، بتهمة الوساطة(القوادة).. في طنجة، السائقون يلعنون الزمن الرديء ويتذكرون بحنين زمن "العز والتبزنيس"، كان السائق في ليلة واحدة، كما يؤكد أحدهم يجني أموالا طائلة، ويضيف، لم أكن اشتغل إلا مع كبار "البزناسة"، أقوم بنقل الفتيات إلى الكوافير، وأنتظرهن، وأقوم بإحضار الأكل والشراب وكل مستلزمات السهرة، وكنت أحتفظ بالباقي دائما، كان شرطهم الوحيد أن أبقى على استعداد لتلبية رغباتهم خلال الليلة بأكملها، أحيانا أجالسهم، وأحيانا أرابط بباب الفيلا، ماذا بقي الآن؟ لا شيء.. كانوا عايشين وكنا عايشين معاهم".. هنا في الكورنيش تتعايش التناقضات، بينما أطفال الشوارع يتربصون ببقايا الصحون في المطاعم الشاطئية، يرمي شخص آلاف الدراهم بين قدمي راقصة، سيارة الأمن تحرس شاطئا "داعرا"، يبول رجل على سيارة ليموزين، يشتري شخص لفتاة اصطادها أو اصطادته منذ نصف ساعة وردة حمراء، السائق الذي سيقل شاكيرا إلى مالاباطا يستمع إلى شريط للشيخ عبد الحميد كشك، وأشعة الشمس الأولى تكشف بوضوح عن شواطئ إسبانيا فردوس "الحراكة"..