أثار حضور حفيظ بنهاشم المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، لتقديم ميزانية وزارته صباح أول أمس الخميس دون حضور أحد أعضاء الحكومة جدلا دستوريا وسياسيا بين الحكومة والمعارضة، حول مشروعية حضور رئيس مؤسسة عمومية دون الوزير الوصي. مصطفى الرميد وزير العدل والحريات بعد مطالب قدمت له من طرف برلمانيي المعارضة والأغلبية رفض أن يجلس إلى جانب بنهاشم مبررا ذلك بأن الاختصاصات الموكولة لوزير العدل في صيغتها الحالية لا تجعل مندوبية السجون ضمن الاختصاصات الموكولة للرميد، موضحا أنه "يستحيل أن أحضر ما دامت العلاقة القانونية بين وزارته ومندوبية بنهاشم "منفصلة" قبل أن يبدي امتعاضه بالقول:"أرفض" أن يكون حضوري إلى جانب المدير العام الأسبق للأمن الوطني "مجرد كومبارس" وأضاف القيادي في البيجيدي "يوم تصبح المندوبية ضمن اختصاص وزارة العدل فسأحضر وأتحمل مسؤولتي السياسية في المحاسبة".
وكان عبد اللطيف وهبي الذي أثار هذا الجدل قد طالب من مصطفى الرميد ليلة أول أمس أثناء مناقشة ميزانية وزارة العدل بضرورة حضوره أثناء مناقشة ميزانية المندوبية السجون، مخاطبا إياه "نحن لا نريد مناقشة مسؤول إداري" لأن "الدستور يجعل من البرلمان آلية لمراقبة أعمال الحكومة". نفس التوجه عبر عنه حسن طارق البرلماني عن الاتحاد الاشتراكي الذي شن هجوما قويا على حضور الساهر على المساجين إلى البرلمان بدون وزير وصي عليه موضحا أن ذلك "يحمل في طياته رسائل سياسية"، مضيفا أن الاتحاد لا يفهم أن يأتي "شخص يدير إدارة أو موظفا ساميا يقدم تقريرا دون أن يستتبع ذلك مسؤولية سياسية"
واعتبر كبير شباب الاتحاد بمجلس النواب أن حزب الوردة "لن يقبل هذا الوضع"، خصوصا وأن رئيس الحكومة يضيف –طارق- التزم "بإدماج جميع المندوبيات في ضمن التشكيلة الوزارية". قبل أن يتوجه للرميد بالقول "إذا كان مرسوم وزارتكم لا علاقة لها بهذه المندوبية" فإننا "نطالب بحضور رئيس الحكومة لمرافقة بنهاشم إلى البرلمان". قبل أن يتدخل رئيس لجنة العدل والتشريع محمد حنين لوضع حد لهذا الجدل السياسي والدستوري ويبشر وزير العدل والبرلمانيين أنه تم إيجاد مخرج لهذا المشكل بعد قبول الحبيب شوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني بتمثيل الحكومة إلى جانب بنهاشم خلال الجلسات المقبلة من ميزانية مندوبية السجون.
فهل هذا معناه أن حفيظ بنهاشم المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج لا يشتغل تحت إشراف وزير العدل الذي يضع السياسة الجنائية في المملكة المغربية؟ وفي هذه الحالة مع من ينسق بنهاشم؟ هل هذا معناه أن تقاريره وعمله تحال مباشرة على الملك؟ ماذا عن التنزيل الدستوري وعن الاختصاصات الجديدة التي خولت لرئيس الحكومة هامشا كبيرا من اتخاذ القرار، فإذا بنا اليوم نفاجئ بأن وزير العدل يعلن رفضه لعب دور الكومبارس، في علاقته بالمندوب العام لإدارة السجون، ويزداد الأمر تعقيدا إذا علمنا أن وزير العدل ينتمي إلى الحزب الذي يتزعمه رئيس الحكومة؟ فكيف تعجز الحكومة برئيسها ووزير عدلها عن تطويع الآلة السجنية التي توجه إليها بعض الهيئات الحقوقية الكثير من أصابع الاتهام؟ يبدو أن الأجوبة عمياء وأن الأسئلة وحدها ترى ملامح مأزق دستوري.