خلال الأسبوع الذي أعقب وقفة 27 مارس، فكرنا في المشاركة الى جانب الجمعية المغربية لحقوق الانسان وباقي الاطارات التقدمية تنظيم وقفة احتجاجية تضامنية مع الشعب الفلسطيني وتخليدا ليوم الأرض، الذي يوافق يوم 30 مارس من كل سنة، والذي تزامن سنة 2011 مع يوم الاربعاء. شاركنا كشباب في وقفة يوم الأرض بساحة الامم وسط المدينة، كانت الوقفة تضم يساريين وإسلاميين جاءا كلاهما للتضامن مع الشعب الفلسطيني، كان ثمة بعض الشنآن في طبيعة الشعارات المرفوعة، لكن في مجملها ما دام ان الجهة المنظمة هي الجمعية المغربية لحقوق الانسان، فقد انضبط التيار الاسلامي للشعارات المألوفة، رغم وجود بغض الانفلاتات التي تريد رفع شعار « خيبر خيبر يا يهود » والذي يعتبره اليساريون شعار يقزم القضية الفلسطينية في بعدها الديني، وهو شعار أيضا قائم على عدم التمييز بين اليهودية كدين وبين الصهيونية كعقيدة عنصرية استعمارية، لكن عموماً كانت وقفة ناجحة، وأظهرت أن ثمة امكانيات لتجسير الهوة بين اليساريين والإسلاميين حتى في القضايا الشائكة والتي هي محط خلاف دائم. بعد نهاية الوقفة تواصل معنا بعض أعضاء التنسيقية الداعمة، واقترحوا علينا تنظيم مهرجان خطابي الأحد المقبل، قلنا لهم لا يمكن أن نحسم الامر الان على هامش الوقفة، من الأفضل سيكون النظر في طبيعة الشكل النضالي ليوم الأحد في الجمع العام للحركة، غير أن أعضاء التنسيقية يبدو أنهم كانوا حسموا في طبيعة الشكل، وكانوا يريدون منّا فقط أن نبصم عليه، ونعتبره قرارا خرج به شباب الحركة. أغلب شباب الحركة الفاعلين حينئذ كانوا مستقلين، غير منتمين للهيئات السياسية المشكلة في التنسيقية الداعمة، لذلك اعتبرنا الامر نوعا من الوصاية، رفضنا اقرار المهرجان الخطابي دون الرجوع الى الجمع العام، وهو الامر الذي لم يعجب اعضاء التنسيقية الداعمة، فقاموا بتوجيه شباب الحركة المنتمي لشبيبات احزابهم من أجل فرض ذلك من داخل الجمع العام نفسه، وهو ما تم فعلا حيث يوم الجمع العام للحركة، توافق كل شباب شبيبات الهيئات الداعمة على اقتراح المهرجان الخطابي، حاولنا أن نناقش الامر كونه يضرب في استقلالية الحركة، ما دام أن المقترح جاء بشكل قبلي وتم اقتراحه على هامش وقفة يوم الأرض، لكن اصرار شباب الأحزاب والهيئات جعلنا نقبل الامر رغما عنّا، وخضوعا للديموقراطية العددية، لكن بقي في قلبنا شيء من حتى، واعتبرنا أن هذا الامر قد يؤدي الى صراعات لا تنتهي مع التنسيقية الداعمة، لذلك قبلنا بالقرار لكنا تحفظنا على تنفيذه كأفراد، احسسنا ان القرار رغم ديموقراطيته الشكلية إلا أنه جاء بايعاز وتدخل من التنسيقية الداعمة. العدل والإحسان كانوا أكثر حماساً لتنظيم المهرجان الخطابي، وكانوا في تواصل مع الرابور مسلم لينشط فقرات المهرجان الى جانب أسماء أخرى، اذا حسب ما توصلنا به من اخواننا في العدل والإحسان انهم حصلوا على موافقة مبدئية من مسلم للمشاركة في المهرجان، من جهة اخرى تم التواصل مع الفنان صلاح الطويل للمشاركة في المهرجان بجانب بعض مواهب المدينة. غير أن مسلم سيتراجع أخيرا عن مشاركته في المهرجان، الاخوة الذي كانوا مكلفين بالتواصل معه، فسّروا ذلك بكونه تلقى ضغوطات من السلطات المحلية وحذرته من المشاركة في المهرجان الخطابي لحركة 20 فبراير، هو لم يصرّح بذلك بشكل واضح، لكن من خلال تراجعه، ومن خلال المبررات التي ساقها لتبرير تراجعه يبدو أن ثمة ضغوطات مورست عليه. أقيم المهرجان الخطابي يوم الأحد 3 أبريل في قاعة بدر، احدى اكبر قاعات ملاعب كرة السلة في المغرب حينئذ، والتي كانت تحتضن مباريات فريق اتحاد طنجة لكرة السلة وباقي الرياضات المشابهة، قاعة ذات طاقة استيعابية كبيرة، انطلق المهرجان حوالي الساعة الثالثة والنصف، وسط اختلاف بين الشباب، فالمحسوبون على شبيبات التنسيقية الداعمة كانوا متحمسين وفاعلين في انجاح المهرجان، بينما الشباب الاخر المستقلون عن هذه الشبيبات أغلبهم قاطع المهرجان احتجاجا على طريقة فرضه من طرف التنسيقية الداعمة. تم الاتفاق بين أعضاء التنسيقية الداعمة على أن يكون المهرجان وفق حده الأدنى من احترام الاختلاف بين التيارات الاسلامية والتيارات اليسارية، من حيث الاغاني والشعارات والكلمات التي ستلقى، ومن حيث التنظيم وجلوس المواطنين أيضاً، وتم تشكيل لجن من أجل السهر على ذلك، صحيح حدثت بعض الاختلالات لكنها لم تكن بحجم افشال المهرجان، وكان جلوس المواطنين بشكل مختلط بين الرجال والنساء، قد اثارت بعض النقاش، فرغبة اخوة العدل والاحسان كانت جلوس النساء لوحدهن والرجال كذلك، لكن كانت الصيغة تم رفضها وتم الاتفاق على ترك حرية الاختيار المواطنين أين سيجلسون. عموما كان مهرجانا خطابيا ناجحا من حيث الكم الجماهيري، ومن حيث القوة التنظيمية التي ميزته، ومن حيث الكلمات التي ألقيت اثناءه، خاصة كلمة المرحوم أيمن المرزوقي باسم الاشتراكي الموحد الذي شدّد فيها على أن « الملكية البرلمانية هو حد أدنى لن نتنازل عليه » وهو ما جعل جو الثقة يسود بين الفرقاء، حين لم يطرح الملكية البرلمانية كسقف كما هو حاصل في بعض المدن الأخرى، وفُهم على أنه رسالة واضحة للسلطة وللفرقاء، مفادها أننا في تجربة مدينة طنجة أقوياء ومتراصين وقادرين على تذويب اختلافاتنا وتدبيرها بشكل معقلن وناجح.