في الوقت الذي لإزال فيه الحوار السياسي الليبي يراوح مكانه لازالت الأزمة الليبية تستقطب الأضواء الإعلامية و المخاوف الإقليمية بسبب زوارق الموت التي تهدد السواحل الاروبية بتدفق استعراضي للمهاجرين السريين و بسبب أيضا عدوى انتشار الأنشطة الإرهابية و تصديرها الى بلدان الجوار…فغداة انعقاد قمة بروكسيل ظهرت إلى الوجود فكرة توجيه ضربات عسكرية الى شبكات و سفن المهربين و تجار البشر التي تنطلق من الموانئ الليبية …فور الإعلان عن هذا الاقتراح ارتفعت أصوات تصف الصعوبة القانونية و السياسية و الميدانية التي قد تقف عائقا أمام مثل هذا المبادرة حتى و ان حصلت على غطاء و ضوء اخضر من الاممالمتحدة كما تنوي تحقيقه ذلك فرنسا في الأيام المقبلة .. وجاء هذا الجدل حول محاربة المهربين و اللجوء الى قصف محتمل على بعض الأماكن في ليبيا لتعيد طرح المعالجة العسكرية للازمة الليبية و في هذا الإطار ظهر جدل فرنسي على هامش قمة بروكسيل عندما وجه الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند انتقادات مباشرة لسلفه نيكولا ساركوزي متهما إياه بالقيام بعمل عسكري دون التفكير في الحقبة ما بعد و ترتيب الوضع بعد عملية كسر نظام معمر القذافي …و قد قالها الرئيس هولاند صراحة لو بقي العالم لا يهتم بجدية بليبيا و بالرغم من ضخ كل الوسائل المادية لمحاربة الإرهاب تبقى البؤرة الأساسية لهذه الأزمة هو غياب سلطة مركزية تدير هذا البلد …و قد كان لهذا الجدل حول لبييا تداعيات على المشهد الفرنسي حيث عابت المعارضة اليمينية على الرئيس فرانسوا هولاند استغلاله لازمة الليبية لمحاولة أضعاف الرئيس ساركوزي و محاولة تأليب الرأي العام الفرنسي ضده … فرضية المعالجة العسكرية لازمة ليبيا أعادت الى الواجهة الخلاقات العربية لدول الجوار ضد الي تدخل عسكري أجنبي في لبييا …فهناك خلاف واضح المعالم بين الجارة المصرية بزعامة الرئيس عبد الفتاح السياسي مدعومة بدول الساحل مثل التشاد و النيجر و عربيا من طرف المملكة العربية السعودية الإمارات العربية المتحدة و الأردن …مصر التي تريد أن تقنع المجموعة الدولية بان لا مفر من الحل العسكري للقضاء على المجموعات الإرهابية…و مع تدهور الأوضاع الأمنية بشكل فظيع أصبحت تجسده قوارب الموت الهاربة من الجحيم الليبي ..أصبح للمقاربة المصرية صدى إيجابيا و أذانا صاغية تتفهم حاجة دول الجوار لحسم عسكري لهذه الأزمة … في المقابل هناك دول مثل الجزائر التي تعد من بين الدول المغاربية الى جانب المغرب التي ترعى الحوار السياسي الليبي تعارض بشكل قوي اي تدخل عسكري بحجة أن هذا التدخل سيخلق فوضى اكبر ستستفيد منها المجموعات الإرهابية لتقوية نفوذها و تواجدها …و يبدو أن هذا الموقف و مصداقيته وقدرته على إقناع الطرف المساند للحل العسكري رهين بالاختراقات التي سيحققها الحوار السياسي الليبي تحت مظلة الأمم المتحدة