هكذا ودع فايسبوكيون الراحل المفكر والمحلل الاقتصادي ادريس بنعلي. ودعونا نبدأ مع المشاغب عبد العزيز العبدي صاحب رواية رأس وقدمان وقبلها كناش الوجوه. خانت كلمات الوداع السيد العبدي، ففضل أن يقول له تصبح على خير، ورفض أن يرثيه بالكلمات الجاهزة والتي عادة ما نستعملها لننعي أشخاصا عاديين. وهذا ما كتبه بالضبط: "هل قرر الوطن أن يهرب منا فجأة؟ حين يحزم الكبار حقائبهم، ولا يلتفتون حتى لتوديعنا... فقط تلك القناديل المشتعلة التي تركوها بيننا وهم آسفون عليها ما تشكل صفعة على خدودنا حين ندرك فجأة أنهم رحلوا... لم يرحل المفكر والأستاذ ادريس بنعلي في صمت، بل فعل ذلك صراخا وهو يعري واقع "عهد الخير والنماء"، حين يضع عيوب اقتصادنا على انزلاق السياسة نحو العبث الصغير...، أدان سوء توزيع القوت في هذا البلد، وكشف الصدأ الذي ينبته اقتصاد الريع في مفاصل الوطن... كتب وصرخ وندد ثم أسلم قلبه للصمت كي يدين صمتنا الذي قتله... عرفته أستاذا لي في كلية الاقتصاد بالرباط، ثم صديقا لامني ذات تاريخ لانقطاعي عن الدراسات العليا... وتفرقت بنا السبل بين الحياة النسيان، أتابعه عبر مقالاته وحواراته هنا وهناك... وتفاجئني شجاعته كلما وهن جسده... لم يمت ادريس بنعلي... فقط خلد لراحة مرحلية، لذا لن أنعيه... سأقول له فقط: تصبح على خير أيها الأستاذ العظيم" وكتبت الصحافية اللامعة فاطمة الإفريقي:"مساء حزين يا وطني .. ما أتعس الوطن حين يرحل عنه الحكماء والمثقفون الصادقون .. وكم هو رهيب الصمت، لما يخرس الموت أصوات الحق والحقيقة وداعا ادريس بنعلي." وتوالت الآهات، كتبوا:"إنه مصاب جلل" وقالوا:" آه هي طعنة أخرى تنغرس في ذاتالجرح لتزيده غورا وتورما ونزيفا.." وكثير منهم قالها بصراحة:"تخونني الكلمات" لتعزية مواطن ومفكر لأنه خسارة كبيرة لوطن لا يفتح ذراعه لكفاءات أبنائه الحقيقيين، كما كتبت السيدة حياة. محمد شهيد تقاسم مع أصدقائه على الفايسبوك إحساسه بإنطفاء شمعة ستزيد المشهد ظلمة وقتامة. عبد اللطيف وقف عند شخصيته والكاريزما التي كان يتمتع بها وركز على مواطنته. أما السيدة أمينة فأكدت لعبد العزيز العبدي أنها لن تكتب أجمل مما دبجه وهو يصر على أن يبقيه حيا في الذاكرة والوجدان وفي العقل، وأن لا ينعيه، فقط تصبح على خير لأنك بيننا ها هنا... الصحافية فتيحة أعرور كتبت بالحرف:" أشعر بحزن شديد لوفاة المثقف والمفكر الاقتصادي ادريس بنعلي... الرجل النزيه والحر والنظيف، إنه مثال للمثقف الملتزم ورحيله خسارة لهذه البلاد التي خرس فيها مثقفوها عن قول كلمة حق.. المثقفون في وطني أخلفوا موعدهم مع الحرية... لقد عزفوا عن القيام بدورهم التاريخي لما هرولوا إلى طابور الانتهازيين! لا عزاء لنا بعدك دريس...لترقد روحك بسلام"