رسم تقرير حقوقي صورة قاتمة عن واقع الطفولة في المغرب خلال هذا العام، محمّلا ما وصفه بالوضع المأساوي وتزايد الهوة بين أطفال الأغنياء وأطفال الفقراء بالبلاد للسياسات الحكومية المتعاقبة، مسجلا إدانته ل»لامبالاة الحكومة المغربية حيال وضعية الأطفال التي تعرف تدهورا مستمرا ومتزايدا». وذكر تقرير صدر أمس عن الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان أن معدل وفيات الأطفال المغاربة دون سن الخامسة بلغ حوالي 36 وفاة عن كل ألف ولادة حية، فيما بلغ معدل وفيات الرضع أقل من سنة نحو 30 وفاة عن كل ألف ولادة حية، محتلا بذلك المرتبة 69 عالميا بين 195 دولة حول العالم.
وكشف التقرير، الذي اعتمد على إحصائيات منظمة «اليونيسف»، أن وضعية الطفولة بالمغرب أسوأ من بعض الدول التي تشهد اضطرابات مثل العراق والسودان وموريتانيا وجيبوتي، حيث حلّ في المرتبة الخامسة، متقاسما المرتبة نفسها مع الجارة الجزائر.
ووفق التقرير نفسه، يعاني نحو 10 في المائة من أطفال المغرب من الهزال الشديد والمتوسط، ويعاني نحو 22 في المائة من الأطفال من النمو المتعثر، في حين يعاني حوالي 2 في المائة من الأطفال دون سن الخامسة من نقص في الوزن.
ورصد تقرير الرابطة ما وصفه ب»تنامي» ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال، مقابل «صمت الحكومة المغربية عن السياحة الجنسية وعن حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال من طرف أشخاص ذوي نفوذ».
وأضاف أن الآلاف من الأطفال يتم الزّج بهم في عالم الشغل ويتم استغلالهم في أعمال مضرة بنموهم وصحتهم في غياب أية حماية أو مراقبة قانونية، مشيرا إلى أن 8 في المائة من الأطفال المغاربة يزاولون أعمالا دون أن يستفيدوا من حقهم في اللعب والدراسة والتمتع بفترة الطفولة التي يعيشونها، وتشكّل الإناث النسبة نفسها مقارنة مع الذكور.
وعلى المستوى التعليمي، سجل التقرير ارتفاع نسب الهدر المدرسي، مشيرا إلى أن نسبة 10 في المائة من الأطفال الذين يبلغون السن المخولة لهم للالتحاق بالتعليم الابتدائي لم يلتحقوا قبل ثلاث سنوات. ونقل عن تقارير دولية أن 13 في المائة من الأطفال المغاربة لم ينتقلوا إلى مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي لأسباب مختلفة، في حين أن عددا من الدول العربية استطاعت أن تحارب الهدر المدرسي وسجلت نسبا أقل من المغرب، مثل الجزائر وتونس والسودان التي لا تتعدى نسبة الهدر بها أكثر من 4 في المائة.
كما سجل أيضا «التزايد المستمر» في أعداد أطفال الشوارع وازدياد الأطفال ضحايا الهجرة السرية، مشيرا إلى أنهم «عرضة لكافة أنواع سوء المعاملة وتنامي ترويج المخدرات وسطهم».
وفي هذا الصدد، طالبت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان الدولة المغربية ب»احترام الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل وملائمة التشريع المغربي والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الطفل».
ودعت في تقريرها إلى «وضع إجراءات ملموسة للحد من السياحة الجنسية، ووضع لائحة سوداء لمغتصبي الأطفال الأجانب لمنعهم من الدخول إلى المغرب قصد السياحة الجنسية».
وطالبت الرابطة ب»اتخاذ إجراءات حمائية لفائدة الأطفال المعرضين للاستغلال الاقتصادي، ومنع تشغيل الأطفال دون سن 15 مع الإسراع بإخراج القانون المنظم لعمل خادمات البيوت قصد تمكين أجهزة تفتيش الشغل من مراقبة ظروف التشغيل في البيوت ومعاقبة مستغلي الطفلات دون السن القانونية للشغل في هذا المجال».
كما ذيلت الرابطة تقريرها بمجموعة من المطالب، من بينها الدعوة إلى منع جميع أشكال العنف ضد الأطفال وحمايتهم منها، بما في ذلك العنف البدني والنفسي والجنسي والمنزلي والإهمال، وسوء المعاملة من قبل المسؤولين الأمنيين في ملاعب كرة القدم ومراكز الشرطة والاحتجاز أو الرعاية الاجتماعية، إضافة إلى وضع برامج لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع وتقديم المساعدة الضرورية لهم ولأسرهم.