بعد 3 سنوات من «الهدنة»، عاد ملف أبو بكر بلكورة، عمدة مكناس المعزول، للبروز مجددا، فبعد 3 سنوات قررت النيابة العامة باستئنافية العاصمة الإسماعيلية إحالة ملف بلكورة ومن معه على قاضي التحقيق بالقسم المتخصص في الجرائم المالية باستئنافية فاس. وعلم من مصدر قضائي أن قاضي التحقيق بالمحكمة المالية بفاس شرع، صباح الثلاثاء الماضي، في الاستنطاق التفصيلي لنجل أبو بكر بلكورة، ومجموعة من الموظفين والمستشارين في المجلس السابق، على رأسهم النائب الثاني لعمدة مكناس سابقا، وفق جدول زمني يكون فيه أبو بكر بلكورة آخر المستنطقين.
ووفق المصادر ذاتها، فان الأسئلة الموجهة إلى المستنطقين تمحورت حول مجموعة من الملفات التي كانت محط تقرير سابق للمفتشية العامة لوزارة الداخلية، وتسببت في عزل بلكورة قبيل الانتخابات المحلية ل2009، ورصدت فيها مجموعة من «الخروقات» التي يُتهم المعنيون بالضلوع فيها، خاصة الخروقات المتعلقة بالتعمير.
وكشفت المصادر أن قاضي التحقيق حدد 20 يناير تاريخ أول جلسة استنطاق لبلكورة لتقديم روايته في العديد من النقاط التي رصدها تقرير الداخلية، خاصة المشروع الذي أثار جدلا واسعا، والمتعلق بمجموعة سكنية بتجزئة la patrouilleuse مكونة من 200 شقة موزعة على 9 عمارات من فئة سفلي + 4 طوابق، حيث تم تغيير خصائص القطعة الأرضية ومنح استثناء للشركة المالكة للعقار حينها «مارين غولدينغ»، قبل أن تقتنيها زوجة بلكورة التي أشركت ابنها معها، وتقدم المالكة الجديدة المشروع في 19 أبريل 2005 أمام لجنة المشاريع الكبرى قصد الحصول على رخصة البناء، غير أن المشروع، وفق المصادر نفسها، لم يحصل على التوافق، حيث رأت الوكالة الحضرية أن استثناء يوليوز 2002 يعتبر لاغيا بحكم انقضاء أجل 6 أشهر المحددة.
شهر بعد تقدمها إلى لجنة المشاريع الكبرى، جدد الاستثناء لفائدة زوجة الرئيس مع تحديد 3 أشهر أجل لوضع ملف طلب رخصة البناء، إلا أن لجنة الاستثناء، وفق المصادر ذاتها، لم تكن قانونية إذ ترأس أشغالها الكاتب العام للولاية عوض والي الجهة، كما تنص على ذلك الدورية الوزارية المشتركة عدد 3020 المتعلقة بشروط استفادة المشاريع الاستثمارية من استثناءات في مجال التعمير، هذا بالإضافة إلى المخالفات التي لم تراع القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، والإعفاء من جزء مهم من الضريبة على عمليات البناء بحجة أن المشروع يدخل في إطار برنامج أطلقته الدولة حينها، ويستهدف إنجاز 200000 وحدة سكنية.
ومن الملفات أيضا التي سيُسأل بشأنها بلكورة أثناء الاستنطاق التفصيلي، وفق المصدر ذاته، ما «تعلق بمنح رسائل التخلي عن المتابعة القضائية لصالح بعض مخالفي قانون التعمير خارج مصالح الإدارة، ودون التأكد من إصلاح أو حذف سبب المتابعة القضائية وإعادة الأمور إلى نصابها، والترخيص ببناء الأشغال في تجزئة (لاسيندة) بصفة غير قانونية، وهي الخروقات التي قالت المصادر إنها وردت بتفاصيلها في تقرير المفتشية العامة للداخلية في يوليوز 2008. مصادر مقربة من بلكورة كشفت أن العمدة السابق يتمتع بجاهزية تامة للإجابة عن كل الاستفسارات التي ستوجه إليه، وأنه يتمتع بمعنويات كبيرة خاصة أنه، وفق تعبير المصادر نفسه، «ألف مثل هذه الجلسات التي بدأت حتى قبل الانتخابات الجماعية لصيف 2009». وعن المشروع السكني الذي أثار الضجة الكبيرة ورصدت لجنة الداخلية الخروقات التي ارتكبت فيه، كشفت المصادر ذاتها أن «التوصيات الصادرة عن مختلف لجان الاستثناء وكذا لجنة المشاريع الكبرى في أبريل 2005 لا تمس بمحتويات المشروع، ولا تشمل أي تغيير في التصاميم من طرف المهندس المعماري صاحب المشروع، ونظرا لقصر الأجل الذي حددته لجنة الاستثناء فقد تم الترخيص بعد أربعة أسابيع»، وبالنسبة إلى الملاحظة المتعلقة بإضافة طابق خامس قال المصدر ذاته إن «المشروع يحترم العلو المرخص به، حيث يتعلق الأمر بقبو + سفلي +4 طوابق وليس سفلي و5 طوابق»، وهذه المعطيات وأكثر وردت في المذكرة الجوابية، وسيتم تأكيدها أمام قاضي التحقيق والكشف عن تفاصيل أخرى تعزز من موقف بلكورة السليم.
وبخصوص تجزئة (لاسيندة)، قالت المصادر ذاتها إن الوكالة الحضرية والولاية هما المعنيتان الأوليان بملف الاستثناءات، حيث اعتمدت الجماعة على موافقة لجنة المشاريع الكبرى للترخيص للمشروع، بالإضافة إلى ذلك فإن أجل ستة أشهر المنصوص عليه في الدورية الخاصة بالاستثناء في مجال التعمير درجت الإدارة على التعامل معه بمرونة في إطار التوجه العام لتشجيع الاستثمار، وذلك على المستوى الوطني وليس فقط على مستوى مدينة مكناس.
أما رسائل عدم المتابعة فإن المعني بها بالأساس هما النائب الثاني والتاسع للرئيس السابق، وأن الرسالة الوحيدة التي منحها بلكورة لإحدى المواطنات، منحت لها بناء على «إرجاع الأمور إلى أصلها على شكل إبراء مخالفة صلحية عبر التزام متبادل بين المعنية بالأمر والجماعة».