نزل الخبر كالصاعقة على مجموعة من المهتمين بالشأن الثقافي المغربي، عندما تلقوا خبر تأجيل الدورة التاسعة عشرة للمعرض الدولي للنشر والكتاب إلى غاية مستهل أبريل القادم. راج الخبر، في البداية، بين أروقة معرض الكويت الدولي للكتاب، قبل أن تصدر وزارة الثقافة بلاغا صحافيا تعلن فيه قرار التأجيل، مبررة الأمر «بمسار تعديل جائزة المغرب للكتاب». يبدو أن وزارة الثقافة، وهي تقدم هذا التبرير، تسعى إلى تغطية الأسباب الحقيقية، التي فرضت تغيير موعد المعرض، على اعتبار أن وزير الثقافة الحالي، محمد الأمين الصبيحي، سبق له التصريح بأن وزارته تسعى إلى فصل الجائزة عن معرض الكتاب، حتى تعطى لها أهمية أكبر، ولا تبقى حدثا ثقافيا ثانويا ضمن أنشطة المعرض. ويقول مصدر مطلع إن مديرية الكتاب، وخاصة المندوبية العامة للمعرض الدولي للنشر والكتاب المكلفة بالتنظيم، تسجل تأخرا كبيرا في تسطير برنامج الأنشطة الموازية، ويضيف المصدر ذاته أن المديرية لم تختر بعدُ الضيف الذي سيشرف الدورة المقبلة للمعرض. وفي حديث خاص إلى بعض الناشرين العرب، الذين استاؤوا من قرار التأجيل، أسر بعضهم بأن التأجيل ما هو إلا قرار أولي، في انتظار تأجيل ثان ستعلن عنه الوزارة الأسابيع أو الشهور القادمة. وفي تعليقه عن هذا القرار، قال نجيب خداري، رئيس «بيت الشعر في المغرب» الذي يعتبر شريكا أساسيا في المعرض، إن القرار يربك جميع المواعيد الثقافية، حتى وإن كان معقولا من حيث تبريراته. كما قال إن هذا القرار يدل في العمق على ضعف الاهتمام الذي توليه الجهات الرسمية للثقافة، مشيرا إلى ضرورة فصل الجائزة عن المعرض، كما ينص عليها مرسومها الجديد، إذ يعتبر خداري أن الوزارة كانت مطالبة بالتشاور مع جميع الأطراف، حتى لا تتأجل أنشطتها الثقافية، مستشهدا بمثال جائزة الأركانة، التي يسلمها البيت تزامنا مع المعرض. من جانبه، اعتبر عبد الرحيم العلام، رئيس اتحاد كتاب المغرب الذي يعتبر هو الآخر فاعلا أساسيا في أنشطة المعرض، التبريرات المقدمة «نسبية»، على اعتبار أن «أن المرسوم الجديد المنظم للجائزة ينص على إمكانية تسليم الجائزة خارج موعد المعرض الدولي للنشر والكتاب، إلا إذا كانت ثمة أمور أخرى، ضمنية وضرورية، قد تستلزم، حقا، تأجيل موعد المعرض»، كما قال العلام، الذي اعتبر هو الآخر قرار التأجيل مربكا للدخول الثقافي، إن من المهم أن «نأخذ مسألة المواعيد بجدية تامة، وبحرص أكبر، فدخولنا الثقافي مرهون، أصلا، بمعرض الكتاب، وشهر مارس وحتى فبراير، يبدوان بعيدين عن المواعيد الدولية الموازية للدخولات الثقافية». وعبر الشاعر ياسين عدنان عن تخوفه من أن «يشكل تغيير موعد المعرض ضربة لدولية المعرض»، مشيرا إلى أن الناشرين الأجانب قد هيأوا برامجهم وأجنداتهم واللوجستيك الخاص بهم من أجل موعد فبراير. كما اعتبر عدنان أنه «حتى لو افترضنا أن هذا التأجيل مخطط له بجدية، كان يجب الإعلان عنه في شتنبر قبل أن تبدأ دورة المعارض المتلاحقة الآن»، معبرا عن يقينه بأن هذا القرار سيربك أجندات الناشرين، إن لم يؤد إلى غياب دور النشر الوازنة عن المعرض المقبل. وبدوره تحدث عن تأثير القرار في الدخول الثقافي، الذي يأتي في وقت متأخر أصلا، موضحا أنه كان الأجدى تسبيق الموعد، لا تأخيره «الذي يزيد في عمر بياتنا الشتوي على المستوى الثقافي»، على حد تعبير عدنان. أما حسن الوزاني، مدير مديرية الكتاب بوزارة الثقافة، فيعتبر أن قرار التأجيل أملاه تغيير مرسوم الجائزة، مشيرا إلى أن الأسباب الحقيقية، التي أشارت إليها مصادرنا، لم تلعب دورا حاسما في قرار التأجيل، وإن اعترف في خضم الحديث بأن مديريته لا زالت منكبة على إنهاء الاستعدادات والبرمجة. إذ كشف الوزاني أن فريقه منكب حاليا على مشروع أولي خاص بالأنشطة الموازية للمعرض، وأنه سيزف لعموم الناشرين خلال أسبوع خبر الإعلان عن المشاركات. كما أعلن ل»أخبار اليوم» أن الوزارة اختارت «المغرب الثقافي» ضيف شرف الدورة المقبلة، للاحتفاء بالثقافة المغربية.