خلص الاقتصادي العربي جورج العبد إلى أن انشغال دول التغيير العربي، وعلى رأسها مصر، بالجدل السياسي حول إيديولوجيات الأنظمة الجديدة، يؤخر دفع عجلة التنمية ويغرقها في مخاطر اقتصادية صعبة. ويضيف العبد في ندوة بعنوان «العالم العربي على عتبة التغيير: الفرص والمخاطر» عقدت برام الله، أن الانتفاضات السياسية التي يمر بها العالم العربي «يجب أن تكون فرصة حقيقية لوضع أسس التغيير السياسي والاقتصادي الجذري، والانطلاق باتجاه الدول الناشئة والمتقدمة وصولا إلى إقليم مزدهر صاحب اتصال قوي بالعالم الحديث وليس العكس». ويقر الاقتصادي الفلسطيني بوجود جملة عقبات تواجه دول التغيير العربي، وأهمها مصر التي تعد مركزا جيوستراتيجيا مهما في المنطقة، منها ما هو قديم كالشرخ الاقتصادي القائم بين الدول النفطية العربية التي لم تطلها رياح التغيير غالباً وآخر فرضته تطورات الحراك العربي. ويوضح العبد - وهو مستشار ومدير قسم أفريقيا والشرق الأوسط في معهد التمويل الدولي- أنه منذ عام 2002 شهدت المنطقة العربية ارتفاعا في أسعار النفط وبالتالي ازديادا في إيرادات الدول النفطية قوت اقتصاداتها وحصّنتها، وسجلت فيها معدلات نمو تراوحت بين 5 و6 في المائة، وفي عام 2009 تأثرت الدول العربية النفطية بالأزمة المالية العالمية لارتباطها بالاقتصاد العالمي، فيما ظلت الدول غير النفطية تنمو بمعدلات لا بأس بها، لكن اقتصاداتها تعثرت فيما بعد.
وبعدما سجلت الدول غير النفطية نموا ملحوظا حتى عام 2010 دخلت اقتصاداتها في مرحلة تراجع ابتداء من 2011 أي مع بداية الانتفاضات العربية، ويرى العبد أن الدول النفطية استفادت من نتائج الاضطرابات السياسية التي زادت من نسبة مخاطر توفر النفط في العالم فارتفع سعره وبالتالي زادت إيراداتها.
لكن الحراك السياسي والثورات العربية لم تكن بلا ثمن، حيث يشير العبد إلى تطور العجز في ميزان المدفوعات بهذه الدول، حتى بلغ ما مجموعه 40 مليار دولار في 2012 وسط توقعات ضئيلة بانخفاض هذا العجز حاليا.
وبحسب التقديرات الأولية باتت دول الربيع العربي تحتاج إلى تمويل خارجي بواقع 16 مليار دولار لمصر وستة مليارات لتونس، وعشرة مليارات دولار للمغرب وسبعة مليارات للأردن.