سيلاحظ قراء " فبراير.كم " من خلال الفيديو أن الإضاءة ضعيفة، ووجه مستضيفنا الخفيف الظل، الذي لم يتوقف عن اطلاق دعابات تسقطني على قفاي من الضحك، يبدو شاحبا، تلك نتائج انعدام نوافذ تتسلل منها أشعة الشمس إلى فراشه كل صباح، وكذا ضعف الإنارة داخل الأمتار التي يعيش فيها ساعات حياته المنزلية. اعتاد الكل البحث عن صوره، ومقاطع فيديو جديدة ترسم الابتسامة على شفاههم من فرط العفوية في حديثه، والإجابة على أسئلة شباب، وجدوا فيه ضالتهم لاستقطاب أكبر عدد من المعجبين داخل صفحات " الفايسبوك " وموقع " اليوتوب ".
عشقه للفريق الأخضر، الذي أنشأه ابن خالته " شرف " على حبه، حفر في مخيلته المستقبلية رغبة كررها الملايين من المغاربة بطريقته ومحاولة تقليد صوته " أنا باغي نكون لعاب ديال الرجاء حقيقي ".
انتشرت وجالت صوره داخل آلاف الصفحات والمنتديات والمواقع، نشرها وأعجب بها الصغار والكبار، غدت " البراكة " التي يتقاسمها رفقة أمه " أمينة " وخالته وأولادها، مزارا للعديد من الباحثين عن إلصاق صورته وابتسامته بأنشطتهم ومعارضهم ومنتجاتهم، كنوع من الإشهار، وللأسف في بعض الحالات بطريقة " استغلالية ورخيصة"
مسقط الرأس " ولاد حدو " تاريخ الميلاد 17 ماي 2002، السن حسب المدة بين تاريخ الميلاد والسنة الجارية 10 سنوات، المستوى الدراسي، الرابعة ابتدائي، كان يمكن أن يكون الفي سادسة، لولا حمق ورداءة وتخلف التعليم المغربي، الذي حرمه وزملائه في قرية ب " ولاد حدو " من الدراسة سنة 2008 لعدم توفر قسم وسبورة وطبشور ومعلمة، فكان مصيره ضياع سنة، لم تعوض وانتقل إلى القسم الموالي حارقا المراحل التعليمية، فكان مصيره الرسوب في السنة الموالية.
قرب " جوطية درب غلف "، داخل الحي القصديري " عرسة الحاج مبارك "، يقطن نجمنا الصغير، أمه اضطرت للهجرة إلى البيضاء، كي يتمكن صغيرها من إتمام دراسته، فهي المعيل الوحيد له، بعدما طلبت " الشقاق " عن والده، وهو لم يتجاوز بعد شهرين في الرحم. الأم " أمينة " فرحة بابنها، وتكابد كل يوم بمساعدة الخال، في توفير شروط العيش والتدريس له، كي لا يحس بأنه يتيم أب لازال قيد الحياة.
" أنا راني تشهرت في العالم " جملة رددها على مسامع أمه، حين نزل أول فيديو له وهو يحاول قراءة أسم اللاعب الدولي " زين دين زيدان" على قميص صديقة " عبد الهادي "، الأم وكما روت ل " فبراير.كم "، طلبت منها العائلة رفع دعوى قضائية ضد من سجل مع الطفل الفيديو ونشرها على موقع " يوتوب "، كان هاجس الخوف على سلامتها وسلامة ابنها، خاصة أنها حديثة العهد بالعاصمة الاقتصادية، وراء رفضها للمقترح. هذا دون أن تعبر عن حقيقة شعورها ب " الحكرة " عندما نعث ابنها ب " الشمكار " لأن أظهر لمن التقط الفيديو خدشا في يده، هذا الأخير سببه حلوة " فقاصة " عندما كان في سن الثالثة، سقطت من كفيه، فأراد التقاطها، ليصادف قطعة من زجاج، أصرت أن يحمل معه وشم مسقط الرأس، حيثما ولى وجهه.
الوجه الآخر لمهدي فهمي، هو ما اختارت " فبراير.كم " كشفه لقرائها وكل محبيه، وللذين ينشئون صفحات ومنتديات باسمه يجنون من وراءها الملايين عبر الإشهار، ولكل من يتصل بأمه ليدعوها رفقة المهدي إلى معرض تجاري أو نشاط جمعوي يستغل فيه وجها بات معادلة مرحة داخل الانترنيت تشد الأنظار. إلى كل هؤلاء وغيرهم المهدي ستكتشفونه في فيديو حصري، صورته " فبراير.كم " داخل " بيته " بموافقة الأم والعائلة، وليس خلسة، يتحدث كما ألفتموه عن فريق الرجاء والكرة والمعجبين والدراسة ومحبوبيه من الفنانين والمغنيين الذين اختار من بينهم " الصنهاجي " و"حسن الفد " و" فاطمة الزهراء العروسي "، بل يعرف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووصفه ب " المعقول " لكن إذا أراد أن" يكمل خيره"، يقول المهدي، عليه أن ينقذه وعائلته وجيرانهم من " عرصة الحاج مبارك "، فهل هناك نضج أكبر من صياغة مطلب اجتماعي بهذه البراءة والعفوية ؟.
كنتم مع الدنيا الأخرى، والعالم اليومي الواقعي ل " لوبراسون ".