أنجبت الصويرة العديد من الرجالات في كافة الميادين فكانت ساحاتها وشوارعها مدرستهم وحواريها مرتعا لهم ، علمتهم نسج الحروف بمنوال زجلي ومزج الألوان بفطرة حتى كانت أروقتها لا تتسع إلا لرواق جديد يتخذ من الحايك الصويري مرتعا ومن الغروب إلهاما ومن الطيبة عنوانا هكذا كان بوجمعة لخضر ، الفنان الصويري الذي أطلق صيحته الأولى بها في سنة 1941لينهل منها طقوسه ولتمسك بيده حتى تعلمه أن يخطوا بشوارعها كما تخطوا الألوان بمرسمه فكانت هوسا متفردا له نكهة السحر برموز يصعب قراءتها من مرة واحدة فكانت طابعه المميز الذي ميزه عن غير ه من الرسامين مما كان السبب في اختياره مع مجموعة سحرة الأرض المائة فكان تميزه مثار إعجاب الكثيرين خاصة وانه كسر القاعدة التي كانت دائما تنسب الإبداع الفني للعالم الغربي مما جعل الفنان الصويري بوجمعة لخضر يأخذ على عاتقه تغيير هذه النظرة وإبراز موهبة خارقة متميزة متخذا فلسفة خاصة أشبه برموز السحر في معرض سحرة الأرض الذي نظم في باريس كان فناننا يحمل هاجس انتمائه الإسلامي والعربي والمغربي مما جعله الناطق الرسم باسم الثقافة لهذه البلدان مدافعا عنها بثقة فكانت رسوماته بصمة خلدت هذه الثقافة كما خلدها تصريحه والذي قال فيه: *إن الادّعاء الرائج بعدم وجود الإبداع التشكيلي إلا في العالم الغربي أو في المجتمعات المتأثرة جدا بالغرب ليس سوى أثر باق من النزعة الاستعلائية لثقافتنا. ناهيك عن أولئك الذين يعتقدون حتى اليوم بأن امتلاكنا للتكنولوجيا يجعل ثقافتنا أفضل من غيرها من الثقافات. وحتى أولئك الذين يصرحون بلا مواربة بأن لا مجال للمفاضلة بين الثقافات فهم يجدون صعوبة كبيرة في قبول فكرة أن أعمال فنية من العالم الثالث يمكن أن توضع على قدم المساواة مع الأعمال الفنية لحركاتنا الطليعيات. هذا الموقف يدل على أن المقاومة في مجال التشكيل أقوى منها في مجالات ثقافية أخرى كالموسيقى والمسرح والفنون الاستعراضية أو الأدب ظل الفنان التشكيلي بوجمعة لخضر متشبثا بثقافته الصويرية فنقش بحرفية تكاد تكون نوعا متفردا من الدك الصويري على لوحاته سواء كانت المنحوتة أو المرسومة ليتوحد في رمزية متناهية ، أساطير جمعت ما بين الغرابة والخيال فكأنه يحاول تجسيد أفكار مجتمعه بحرفية رائدة ، عازفا على أوتار ريشته ألحانا سحرية أشبح بأشباح ليل يداعب الأماسي ، خيالات تعبر ما بين الأبواب الستة لمدينته الأم لتجد مستقرها على لوحاته معلنة نوعا من التفرد أبهر النقاد كل هذا وفنانا ظل وفيا لأسوار الصويرة ، مستقر بمتحفه منتظر لكل طارق سائل عن حقبة من التاريخ تلونت بالفضاء فكان رجلا من رجالات الصويرة الذين نقشت أساميهم على أسوارها كما نقشت أمواج البحر على صقالتها توفي بوجمعة لخضر سنة 1998مخلفا وراءه إرثا فنيا واسما لا ينسى