هناك مقولة ظلت تتردد تعتبر المتعلم مركز العملية التعليمية التعلمية ، الا ان واقع حال المنظومة التربوية لا يجسد هذا الواقع وبالتالي يكون المتعلم آخر ما يمكن التفكير فيه ، وفي جزء من هذا الخلل تتحمله الادارة التربوية ، من خلال تدبير يساهم بشكل ما في تعميق ازمتها والاجهاز على حقوق المتعلم ، فهل يمكن تخيل تلاميذ ببعض المناطق بجرادة لم يتعرفوا على استاذهم لجأ اولياؤهم الى الاستنجاد بالسلطة من خلال صورة مأسوية لأزمة التدبير التي تعانيها النيابة ، فيما حصيلة ما تلقاه المتعلمون من دروس خلال الأسدس الاول لا تساوي الشهر في سياق سلسلة من الشواهد الطبية التي يلجأ اليها الاساتذة المحتجون عن التدبير النيابي لعملية التكليفات التي يروا فيها نوعا من التفاضل المرفوض ... ونوع من المحسوبية التي لا تضع جميع الاساتذة في كفة واحدة كرد فعل عن تدبير اتهم بامتدادات سياسية ونقابية ... فالعديد من التلاميذ يحرمون من الدراسة لأسابيع عديدة وفي فترة حرجة من السنة الدراسية وعلى مشارف الامتحانات علما أن كل تأخر دراسي يؤثر على نتائج المتعلم بل قد يؤثر على حياته التعليمية خصوصا إذا تكرر حرمان المتعلمين من الدراسة عبر فترات متقطعة الأمر الذي سيؤدي حتما إلى التعثر الدراسي وفي آخر الأمر الهدر المدرسي الذي تحاول الوزارة تجاوزه . فهنا تبرز أهمية تدبير الموارد البشرية . وحتى لا نتحدث عن ظاهرة الموظفين الأشباح كظاهرة متشعبة ، ما نعنيه انطلاقا من الواقع التعليمي المحلي الذي يؤكد وجود فائض يتم تدبيره بطرق تصنف في وضع غير طبيعي ، ويتم تصريف الفائض تحت طاولة اللجان الموسعة التي تجمع الإدارة و " الفرقاء الاجتماعيبن " غالبا ما ترسو الاتفاقات على تصريف الامتيازات بعيدا عن مصلحة المتعلم ، وما اللجنة الموسعة الاخيرة الا تعبير عن رداءة التدبير ، ومحدودية اللجان الموسعة في ظل تضارب المصالح ، وعجز النقابات – التي تصرح بمناهضة الاختلالات والفساد – في الوقوف امام الاختلالات ، فلم يقدم النائب الاقليمي ما كان منتظرا من شفافية ووضوح وجرأة في اصلاح المشاكل التي حولها الاختلاف . وهكذا يتم التستر على فئة من الموظفين الأشباح المختبئين في وظائف وهمية ، تحاول النيابة ايهام النقابات او بالأحرى رجال التعليم بانهم في " وضعية خاصة " او مقدسة من غير أي مبرر قانوني بمعنى انه من المحرم المساس بهم ، سوى ما يفسر التمايز بين رجال التعليم ونسائه ، فظهرت وظائف وتكليفات لا تندرج في قاموس وزارة التربية الوطنية ، يتفنن في رسمها لوبي متحكم من داخل النيابة ، فئة قطعت علاقتها بالقسم لتحجز لنفسها تكليفا مفتوحا ومريحا في سبيل تغيير الاطار ، ولم يعد النائب يجرؤ على ململتها ، هؤلاء الذين أصبحوا في منأى عن أي تكليف قد تلجأ اليه الادارة لسد الخصاص وكأنهم في حكم من غير الإطار ، مع العلم أن هؤلاء لم يكونوا اكثر من اساتذة القسم فيضوا وتم تكليفهم من داخل اللجنة الموسعة ، وبالتالي يجب ان يعود القرار الى اللجنة الموسعة ، وليس من حق النيابة مصادرة هذا الحق تحت أي مبرر ، بل أصبح هؤلاء يعتبرون أنفسهم خارج نطاق الفائض ، رغما عن الإدارة ولو باستعمال الترهيب النقابي . سياسة الامتيازات المتداولة لن تزيد الا في ارتفاع احتقان متزايد يحتم على السيد مدير الاكاديمية والنائب الاقليمي تحمل المسؤولية فيما يقع من عبث اداري يضر المتعلم والاستاذ ، هذا العبث الذي اصبح ينتج ردود افعال لا تعرف تبعاتها مستقبلا . ظاهرة الفائض والتكليفات بنيابة جرادة وما ظلت تفرزه من تفاعلات كشفت عن فساد اداري من خلال تدبير مشوه وتسابق نقابي نحو الامتيازات ، اثرت بشكل كبير على المتعلمين الذين اصبحوا ضحايا وضع مختل . ففي الوقت الذي تعرف نيابة جرادة فائضا كبيرا نلاحظ أنها تعاني ظاهرة الهدر المدرسي حيث لم تعد النيابة قادرة على ضمان سير تعليمي عادي ومستمر للمتعلمين يضمن لهم حقهم في تعلم طبيعي دون ارتباك أو تقطعات في ظل تصنيف داخل رجال التعليم يضع البعض في خانة المقدس الذي لا يمكن المساس به ، من منطلق التصور الذي يصرفه المسؤولون بالنيابة ويحاولون اقناع رجال التعليم به رغم عدم شرعيته ، لخلق حالة غريبة من الدرجات والتمايز داخل الوظيفة العمومية وعلى حساب التشريعات والقوانين التي هي صريحة ولا تحتاج الى أي تأويل . فالتاريخ اصبح يعيد نفسه والصورة تتكرر فالمشاكل التي عرفتها النيابة في عهد النائب السابق ، من انفجار مشكل الفائض وامتناع الاساتذة عن القيول بالتكليفات يعيد نفسه مرة اخرى ، ونفس الاشخاص الذين وقع حولهم الاحتجاج لا زالوا يتمتعون بامتياز مرفوض من طرف رجال التعليم ، وهو ما دفع النائب السابق الى اتخاذ قرار التراجع عن جميع التكليفات بما فيها تكليفات الزرقطوني والبخاري الا ان انتقاله حال دون ذلك ، وكان اعتراف النائب السابق بخطئه صريحا للنقابات بعد الازمة التي عرفتها النيابة في فترته والتي فجرتها مشكلة مدرسة الانبعاث بعد ان وجد نفسه امام اتخاذ قرار احالة الاساتذة الممتنعين عن التكليفات على المجلس التأديبي . وقد تم في عهده تكليف حالة الزرقطوني ، وهي الحالة التي تم تكليفها السنة الفارطة إلا ان النيابة اخذت تروج بأن التكليف اندرج في سياق تطوعي !!! وليس تكليفا بالمعنى الحقيقي ، للتأكيد على الوضعية الامتيازية لهذه الحالة . إن من الأمور التي تمت ملاحظتها هو الخلل الذي تعرفه الإدارة من علاقات الزبونية والمحسوبية وإسناد المهام الوهمية والتغطية عن الخروقات والتي ترسخت منذ خلق النيابة ، وفي النهاية يصبح المتعلم أول الضحايا ولا زال لم يحصل القطع مع هذه السلوكات مما يزيد من الاحتقان ومزيد من الاحتجاج ومزيد من الرفض للسياسة التدبيرية بالإقليم ، خاصة وان وضعيات غير قانونية لا تريد النيابة اصلاحها . مما يجعل المنظومة التعليمية معطوبة مريضة تجتر الفشل والتسرب والهدر المدرسي . فنائب التعليم السابق يتحمل جزءا من المسؤولية لكن الادارة الحالية امام مسؤولية ما يقع اليوم من استمرار للاختلالات ، خصوصا ما تعلق بالتكليف بالاقتصاد ، وكانت ان جرت حركة انتقالية في عهد النائب السابق خاصة بالمقتصدين ، وقد تفاجأ رجال التعليم حينها بما لم يخطر على بال حيث أن المستفيدين من مناصب الاقتصاد الشاغرة ( الزرقطوني والبخاري ) توصلوا بتكليفات بمهمة في النيابة ليتم إبقاء الوضع على ما هو عليه من احتفاظ المكلفين بمهام تسقط بمجرد تعيين المقتصد الاصلي ، وكان هذا التحايل من طرف لوبي الموارد البشرية ، حتى لا يمس المهددون بالرجوع إلى القسم طبقا للمذكرة الوزارية ، لكن تحت الضغط النقابي ، اضطر النائب الى التراجع عن التكليفات وإلحاق المقتصدين بمهامهم ، غير ان الوضع استمر قائما من خلال محاولة جديدة من الالتفاف بخلق مهام وهمية تجسدت في الزرقطوني تحت مسمى " الانصات الاجتماعي " ، بينما ابتدع منصب " مساعد مقتصد " بالبخاري تحت مبرر تمديد تكليف مقتصد المؤسسة بالنيابة بدعوى خصاص الموظفين بالنيابة ، دون الحديث عن ما وقع من تلاعب تلقت النيابة حوله مراسلات احتجاج ، لأن ذلك خالف ما كان يتم الاتفاق حوله داخل اللجنة الموسعة ، حيث ظل هذا المشكل حاضرا في جميع اللجان الموسعة ، وكان رفض النقابات للتكليفات المفتوحة صريحا بما في ذلك الاتحاد الوطني للشغل حينها . هاجس تغيير الاطار لعب دورا مهما في انقلاب بعض النقابات عن مطالبها ، وتغيير لغتها ومعاكسة اطروحتها المحلية لما طرح مركزيا ، ما يؤكد الهوة في الانسجام بين المحلي والوطني . الوزارة كانت منسجمة مع ذاتها ، والسيد مدير الاكاديمية كان صريحا بداية في التزامه بمنطوق المذكرة الوزارية ، فطلب تغيير الاطار الذي بني اساسا على انصاف العاملين بالأكاديميات والنيابات المستحدثة ما بعد 2003 والذين لم يستفيدوا من تغيير الاطار، وهذا ما طرحته النقابة وهو ما كان الجدال حوله بين النقابات والوزارة ، وهناك العديد من الوثائق التي تؤكد هذا المطلب وعلى راسها لوائح رفعت للوزارة ، وبالتالي لم تكن النقابة في اي يوم من الايام ضد تغيير الاطار ، الذي وجب ان يقوم على اسس سليمة تعطي له مصداقيته ومفعوله من خلال منظور شمولي منصف لجميع رجال التعليم وفي حدود السياق الذي طرح فيه ، وليس مكافاة تعطى للهاربين من القسم تحت اي مسمى على حساب المتعلم وعلى حساب نساء ورجال التعليم ، وعلى هذا الاساس فان التكليفات الادارية هي اجتهاد من طرف النيابات لمساعدة مؤسسات التعليم في تدارك خصاص مرحلي وليس تكليفا مفتوحا لأن الاساتذة هم موظفون تلقوا تكوينا للعمل بالقسم ، ولا يمكن اسنادهم مهام مفتوحة ، ويظلون رهن تكليفهم كلما كانت حاجة المتعلم اليهم ، وقد صرح السيد النائب بعظمة لسانه ان التكليفات الادارية اعطيت لضمان دخول مدرسي عادي – وان كان هناك اعتراض النقابات على الطريقة التي تمت بها - يفهم من هذا ان التكليفات لم تكن اكثر من اجتهاد شخصي ، الا ان بعض النواب خرقوا القانون والمتعارف عليه من خلال اعطاء تكليفات مفتوحة غير قانونية ، وهذا ما جعل العديد من النواب ببعض النيابات بمجرد تسلمهم مهامهم الجديدة القيام بإلغاء جميع التكليفات وعملوا على صياغتها حسب مصلحة المتعلم والقسم ( الناظورالحسيمة ...) ، فتكليفات الاساتذة لم تكن الا اجتهادا توافقت عليه الادارة مع النقابات في مرحلة ما ولفترة ما ، حاول البعض الاستفادة منها وجعلها بابا نحو تغيير الاطار على حساب المذكرة الوزارية ، بل ان المذكرة 97 التي تحدد الفائض لم يتم احترامها في اي يوم من الايام مما جعل البعض يستفيد من الفائض بشكل متتالي ومفتوح ، لأسباب معروفة لم يخف نساء ورجال التعليم تورط مصلحة التخطيط والموارد البشرية في مرحلة ما ، كان لها احتجاجات امام النائب السابق . ويظل العدد الحقيقي للفائض غير معروف جراء إخفاء الحقيقة بواسطة تكليفات ملتبسة ومتعددة ومتكررة بالعديد من المؤسسات التعليمية بالإقليم ... لكن الغريب هو دفاع الادارة عن هذه الاختلالات دون التفكير في مسؤوليتها اتجاه التلاميذ الابرياء الذين يحرمون من دروسهم ، ويحق للرأي العام التعليمي أن يطرح العديد من الأسئلة حولها كما يسائل ويحاكم النقابات حول هذه الأوضاع الشاذة فالعديد من رجال التعليم وعلى رأسهم " نقابيون " يتمتعون بوضع وامتيازات من خارج أي إطار قانوني ، مما يشكك في علاقتها ومصداقيتها في الدفاع عن رجال التعليم ان لم تكن احد اطراف الفساد الذي يعشعش داخل الإدارة المغربية . بقدر ما اصبح يرى فيها نساء ورجال التعليم مجرد وكالة للامتيازات . إن سوء تدبير الموارد البشرية - والفساد – مؤخرا يعطي الانطباع بان هناك خصاص وهو ما تحاول الادارة ايهام النقابات به حيث أنها لم تعد تستطيع تدارك الخصاص المفاجئ الذي يحدث بالمؤسسات التعليمية في فترة من فترات السنة الدراسية بل اللجوء الى التحايل والتأجيل والمماطلة كما حصل بالنسبة للأمازيغية ويحصل اليوم بالنسبة للتخصص بمدرسة مفاحم1 ، فلماذا تتهرب النيابة من المساس بالمدللين من رجال التعليم وجعلهم في منأى عن أي تكليف ؟ بينما يسهل تكليف البعض او حتى التهديد بالعقوبة التأديبية ، على حساب رجال التعليم الذين سئموا التلاعب النيابي المضحك والمخجل ، وهم ينظرون الى الخراب الذي يضرب المنظومة التعليمية ويعقد مهام الاساتذة المرتبطين بالقسم الذين يتضررون من تسرب وهدر مدرسيان يتعرض لهما تلاميذ ابرياء . سياسة الامتيازات التي تحاول النيابة الدفاع عنها ، لا تفصح عن رغبة في الاصلاح بقدر ما تدفع رجال التعليم ونسائه الى ردود افعال ستكون عواقبها وخيمة ولا احد يضمن حدودها ... فالكرة اليوم في ملعب مدير الاكاديمية والنائب الاقليمي وغدا ....