دعت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي جميع المؤسسات التعليمية بالمغرب إلى الاحتفاء على صعيد كل مؤسسة بذكرى تقديم وثيقة 11 يناير للمطالبة بالاستقلال وذلك يوم الأربعاء 12 يناير، عبر مذكرة (رقم 1) صادرة عن نفس الوزارة بتاريخ 3 يناير 2011، ورغم ذلك تأخر وصولها إلى المؤسسات التعليمية... ومن المعلوم أن "الحركة الوطنية" تقدمت للإقامة العامة الفرنسية بمطلب الاستقلال، بعدما كانت قد وضعت تحت اسم "كتلة العمل الوطني" لدى الإقامة الفرنسية مطالب إصلاحية فقط سنة1936، اعتبرها المقيم العام آنذاك الجنرال نوكيس بمتابة أطروحة جامعية استهزاء منه بذلك... أعدت وثيقة الاستقلال في سرية تامة ووقعت من طرف بعض النخب من مدن مغربية ضمنهم امرأة واحدة هي مليكة الفاسي.. وإذا كانت قد نصت وثيقة المطالبة بالاستقلال على ضرورة استقلال المغرب ومغادرة فرنسا له، اعتمادا على ما نصت عليه وثيقة الحماية الموقعة في 1912 بفاس، حيث بررت فرنسا احتلالها للمغرب بتحديث إدارته... لكن وثيقة المطالبة بالاستقلال بقية ناقصة فيما يخص طريقة أسلوب الحكم بالمغرب، رغم تنصيصها على "الشورى"، وهو ما يمثل إغفالا لاستحضار الديمقراطية ،ومستوى وعي نخبة تلك المرحلة التي كانت "سلفية" في أغلبت اتجاتها، وقد كان الهدف الأساسي بالنسبة لهم هو "الاستقلال" .. غير أن هذا الاستقلال لم يأت نتيجة رفع مطالب والاكتفاء بذلك، بل تطلب تضحيات جسام، ومقاومة عرفت شدة في غالب الأوقات، انطلقت حسب أغلب القراءات سنة 1953 (هناك من يعتبر أن المقاومة بقيت مستمرة منذ الحماية، وتوقفها سنة 1933 بجنوب الأطلس الصغير، لم يكن إلا لجمع الأنفاس وتغيير الخطط).. على الأجيال الحاضرة الآن أن تتمم المشوار من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية والحداثة، واعتماد الانتخابات الحرة والنزيهة لتسيير دفة التدبير في المغرب.. ونتمنى ألا يكون الاحتفال بهذه المناسبة مجرد وقفة للنظر في التاريخ، أو جعل الأمر مجرد حفل فلكلوري، بل يجب التعريف بالتضحيات التي خيضت من أجل الاستقلال بعدما كانت فرنسا تهدف إلى توطين مواطنيها في المغرب بشكل دائم، ولا أدل على ذلك من استحواذهم على خيرات البلاد الاقتصادية أثناء فترة الاستعمار.. من المنتظر أن يحمل الأطفال الأعلام الوطنية في المدارس، ويؤدون النشيد الوطني جماعيا، لكن من المفروض على الوزارة أن توفر على الأقل مطويات تحكي عن الذكرى ومدلولاتها، تعد من طرف مؤرخين وتربويين، وتكون على شكل مقبول، بحيث لا يكتفي كل طفل بقراءتها فقط، بل سيحملها إلى منزل أسرته ليطلع عليها آخرون... فهل تقدر الوزارة على هذا "التحدي" البسيط؟