لأنّ المدرسة والتعليم هما غذاب دائم لروح التلميذ، غير أنّنا نحن الكبار نتكتّم على ذلك، لعلّه من أجل الفائدة الآجلة والمصلحة الاجتماعية. بما أنّه عندي غلّ قديم على المدرسة والمدرسين وقد تعذبت روحي بواجب الحفظ والامتحان والمراقبة المستمرة ونظرات معلم العربية الشزراء وهو يلوّح بعصاه الخضراء في وجوهنا ووجه معلم الفرنسية الصارم المتجهم وهو يهوي بعصاه الرمادية الجهنمية، فتكاد يتوقف الدم في عروقنا ويتمنى كل واحد منّا أن يسكت قلبه عن الخفقان حتى لا يسمع دقاته المعلم وينقض عليه بالسؤال. زوتهديد الأستاذ بتسليط الفرض الفوري وبالحجز يوم العطلة، وقهر الإدارة ومعاناة القيام الباكر والعودة المتأخرة والحرمان من اللعب، ونهر الوالد بدعوتي إلى المراحعة وذهني في اللعبة التي يهيئ لها الأصحاب، وحرماني من التمتع بالنزهة في اليوم الدافئ والقائمة طويلة وأنواع العذاب لا تحصى، فإنّني أضمّ صوتي إلى هذا التلميذ الكسول وأبلغه بأنّني متعاطف معه وأحسّ بمعاناته..وفي الأخير أقول له وفي الخاطر حسرة وفي القلب لوعة، بأنّ ليس له شفاء من محنته سواء الصبر