أكدت دراسة – على ذمة وكالة أنباء السي إن إن- تناولت ظاهرة مواقع التعارف وتأثيراتها الإجتماعية أن موقع (فيسبوك) الأليكتروني على الإنترنت نت، والذي يجمع مئات الملايين من المشتركين في كل أنحاء العالم، بات يؤثر على كيفية ونوعية تعرف الشباب على الفتيات(والعكس صحيح تماما)، وعلى طريقة إعلان الوقوع في الغرام، وطريقة الغرام، وطريقة إنهاء العلاقات. وقد تم نشر هذه الدراسة خلال الأسبوع الماضي ، وتزامن نشرها مع دعوة قس أمريكي لجميع أعضاء كنيسته من الذكور والإناث الى الغاء حساباتهم على موقع الفيسبوك، على اعتبار أن التواجد على الموقع يشجع على الزنا(حسب قول القس الغيور)، ويعقب بأن الكثير من الأزواج والزوجات يلتقون على هذا الموقع بأحبائهم القدامى، وربما يسعى الكثير منهم الى الإلتقاء بهم أو بهن ، وحصول ما لا يحمد عقباه. لاحظوا أن تلميذا في مدرسة ثانوية استطاع عن طريق إنشاء هذا الموقع الأليكتروني الى تغيير السلوك البشري الإجتماعي في العلاقات الإنسانية والعاطفية تحديدا، وأنه أصبح ملياديرا وثروته تزداد يوميا بشكل هائل. وهذا يعيدنا الى نظريات البنية الفوقية(القيم والعادات والتقاليد) التي كان علماء الإجتماع يدعون بأنها تتغير بدرجة أشد بكثير من درجة تغير الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية للناس في كل زمان ومكان، وها نحن نرى هذه البناءات الفوقية تتداعى وتتغير جذريا بدون الحاجة الى تغير يذكر في الواقع الإقتصادي أو الإجتماعي ، لا بل أن واقعنا يتغير نحو الأسوأ في أغلب الأماكن والأمصار في وطننا العربي الكبير حجما. ما علينا ....وأنا أقرأ بتقرير السي إن إن، كنت أدندن بصوت مسموع كلمات أغنية الفنان الكبير محمد عبده، التي تقول: لا لا لا لا لا تردين الرسايل ويش أسوّي بالورق كل معنى للمحبة ذاب فيها واحترق. بالتأكيد فإن جيل الفيسبوك حاليا- مع الإعتراف بأني أمتلك شخصيا حسابا نشطا في الفيسبوك- لن يفهم هذه الكلمات ولا المعاني ، فهو لا يتعامل بالورق ، ولا بالقلم ، بل بالرسائل الأليكترونية والنكزات والهدايا الأليكترونية ، والعبارات الأليكترونية ، والمشاعر الأليكترونية ، والعلاقات الأليكترونية ..... بالمناسبة أنا لا أشكو ولا أتذمر ولا أنتقد بل أعرض الحال فقط لا غير. الجيل القادم لن يفهم اطلاقا لماذا لم يتزوج روميو وجوليت مثلا ، في مسرحية شكسبير، وما الذي كان يمنع من أن يلتقيا على الفيسبوك الذي يعمل على طاقة الفحم أو البخار وأنهما لو فعلا ذلك لما وقع بينهما سوء التفاهم الذي أدى الى انتحارهما وموتهما بلا مبرر. ولن يفهم الجيل القادم لماذا يقتل عطيل في - مسرحية شكسير ايضا- زوجته المخلصة لمجرد الإشتباه بمنديل أحمق ووشاية كاذبة ، أما كان الأجدر به أن يراقب حسابها على الفيسبوك؟؟؟ لن يفهم الجيل القادم قصة عنترة بن شداد وابنه عمه عبلة، ولا لماذا كان يعاني قيس ومعشوقته –ثم زوجته، ثم طليقته- ليلى العامرية، كل هذه المعاناة، ولا لماذا يتشبب عروة بعفراء على الملأ. بالمجمل لن يفهم الجيل القادم تراثنا الفني العاطفي منذ الجاهلية مرورا بصدر الإسلام، فالدولة الأموية، فالعباسية ، فالفاطمية فالأيويين فالمماليك، فالعثمانيين ...حتى ساعة اعداد هذا البيان. لا ننسى أن لغة الفيسبوك الغالبة بين الشاب الحالي والقادم هي اللغة الإنجليزية ..أو بالأحرى استخدام الحروف والأرقام الإنجليزية للتواصل بالعربي أو بالإنجليزي، مع استخدام النكزات والصور والمثرات البصرية والصوتية.....بدون عواطف ولا دموع ولا تأوهات، بل على قاعدة: ( بدّك، أهلا وسهلا ..ما بدّك فيه غيرك..باي).