فشلت الدول العربية في الزام إسرائيل بالإنضمام الى وكالة الطاقة الذرية رغم الإتصالات الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها على أكثر من صعيد حيث صوتت 51 دولة وعلى رأسها الولاياتالمتحدة الأميركية الى جانب رفض اسرائيل الإنضمام مقابل 46 دولة مؤيدة ، فيما امتنعت 23 دولة عن التصويت وذلك خلال اجتماع الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية بتاريخ 24/9/2010 والتي تضم 151 دولة . وكانت المساعي العربية تهدف الى ضم اسرائيل بإعتبارها الدولة الشرق اوسطية الوحيدة التي لم تنضم بعد ، كما انها الدولة الشرق اوسطية الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية رغم انها لم تصرح عن ذلك علانية حيث تذهب تقديرات الخبراء المختصين الى ان اسرائيل تمتلك نحو 200 رأس نووي على الأقل عملت على انتاجها في مفاعل ديمونة الخارج عن أي رقابة دولية وغير الخاضع لأي تفتيش من خبراء الوكالة الدولية المختصة . وأعتبر العرب ان خطوة التحرك لدفع اسرائيل للإنضمام الى وكالة الطاقة الدولية تأتي في سياق ما تم الأتفاق بشأنه دولياً لجهة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل ، ولكن الرفض الأميركي حال دون نجاح هذه المساعي الأمر الذي دفع ببعض الدول الى تعديل مواقفها بعد إن كانت موافقة فيما تعرضت دول أخرى لضغوطات من واشنطن وعواصم اوروبية أخرى . والذريعة الأميركية هي ان أي ضغط على اسرائيل الأن لضمها الى وكالة الطاقة الدولية من شأنه ان يؤثر سلباً على مفاوضات السلام الجارية الأن ، ويعيق تحقيق أي تقدم علماً ان المفاوضات اساساً بدأت وفق منطلقات خاطئة بسبب عدم وجود أي مرجعية لها وبسبب التعنت الإسرائيلي بمواصلة الإستيطان وعدم الخضوع لكل ما صدر عن المجتمع الدولي من استنكار وتنديد . وبذلك يتبين ان اسرائيل لا زالت بدعم غربي خارج أي مساءلة ، كما ان الإنحياز الأميركي شكل احراجاً كبيراً للجانب العربي للأسباب التالية : 1 – تخوض الولاياتالمتحدة الأميركية حرباً اعلامية ضروسة ضد ايران على خلفية مشروعها النووي وتطالب الدول العربية بمساندتها فيما ترفض واشنطن حتى وضع المنشأت النووية الإسرائيلية تحت اشراف خبراء الطاقة الدولية . وهنا بدأ الشارع العربي يطرح اسئلة عن مدى امعان الولاياتالمتحدة بالكيل بمكيالين متناقضين ويمسان نفس الموضوع في نفس المنطقة خاصة وإن هذا الشارع مؤيد لإخلاء منطقته من أي سلاح نووي وعدم السماح لأي دولة بإنتاجه او امتلاكه تحت أي ذريعة كانت . 2 – تتحضر مصر لإستضافة مؤتمر دولي عام 2012 من اجل جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل . والسؤال هو كيف سينجح هذا المؤتمر لطالما ان الدولة الوحيدة التي تمتلك اسلحة الدار الشامل غير خاضعة لأي مراقبة دولية ؟ والسؤال الأخر هو بأي صفة سيتم دعوة اسرائيل للمشاركة في المؤتمر لطالما تعتبر نفسها غير معنية بأي قرار او توصية تدعوها الى إزالة ترسانتها النووية . 3 – إذا كانت اميركا تريد فعلاً جر اسرائيل الى مفاوضات سلمية ناجحة فيجب ان تبدأ بالضغط عليها عبر التهديد بوقف دعمها في الملفات التي تهمها وليس عبر مساندتها والوقوف الى جانبها رغم عدم مشروعية ذلك . 4 – استمرار اسرائيل بإمتلاك اسلحة الدمار الشامل وبعدم اخضاع منشأتها النووية لأي مراقبة سيدفع بالكثير من الدول الشرق اوسطية الى السعي لإمتلاك قدرة ردع مماثلة ، والى التملص من أي رقابة مما يعني ان كل المؤتمرات الرامية الى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل ستصبح مضيعة للوقت . ولكن ومقابل هذه الأجواء التشاؤمية ترى بعض الدول العربية ان ما حصل هو نجاح وليس فشلاً لأن الفارق في التصويت ما بين المؤيدين والمعارضين كان طفيفاً مما يعني ان محاولات اخرى في المستقبل القريب ستتكلل بالنجاح خاصة وأن الطرف العربي بات يعرف الأن الكثير من التفاصيل التي قد تساعده في اعادة بعض الدول الممانعة الى دائرة الدول الموافقة وعندها ستجد اسرائيل نفسها مرغمة على الخضوع للشرعية الدولية . فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة .