لا أجد حتى الآن مبررا منطقيا للزج بالقارئ و المتلقي المغربي في صراعات خفية أبعدتنا عن الدور الحقيقي المنوط بالصحافة الوطنية و رجالاتها و التي من المفروض فيها أن تنأى عن الخصومات و المصادمات التي أصبحت سمة طاغية في بعض المنابر الإعلامية التي تتشدق باحترامها للقارئ المغربي، أكيد أن أي عمل مهما كانت طبيعته تشوبه في بعض الأحيان أخطاء و هذا طبيعي على اعتبار أن أي ممارس للعمل الصحفي يخطأ لكن أن يصل هذا حد الخروج عن أدبيات و أخلاقيات مهنة المتاعب فهذا ما لا نسمح به كقراء نعانق كل هذه العناوين الصحفية كل صباح. فلا أحد منا ينكر بأن صحافتنا الوطنية دخلت عالم الاحترافية من بابه الواسع فهي لم تطأ بعد عتبته و مخطأ اليوم من يصور لنا على أن هذا المنبر الصحفي أو تلك الجريدة دخل البرج العاجي و بالتالي أصبح من غير المعقول و الغير منطقي توجيه أي نقد لصحيفته أو لرأيه حتى و إن كان هذا الرأي شخصيا قد يحتمل الخطأ، صحافة أصبحت بعيدة إلى حد ما عن هموم و انتظارات الشارع و المواطن المغربي على حد سواء و الذي لم يعد ير في بعض المنابر الإعلامية سوى أنها مجرد ناقلة أخبار بامتياز، صحافة لم تطرق الملفات الكبرى و لم تقارب المشاكل الحقيقية التي نعيشها إلا لماما و بعيدا عن التحليل المعمق الذي يقارب مشاكلنا الحقيقية في أبعادها الموضوعية، فإذا أجيز لنا أن نتحدث اليوم من خلال هذه الورقة عن العبث السياسي و النقابي عبر هذه الترسانة الكبرى من الأحزاب السياسية و المنظمات النقابية التي ولدت لنا كيانات سياسية و نقابية تستعمل لضرب أي عمل سياسي أو نقابي جاد و فاعل، أحزاب و نقابات لا توجد إلا على الورق. فمن الإجحاف أن لا نقر بهذا العبث الإعلامي و الصحفي الذي تعيشه الساحة الوطنية ،صحفيون خرجوا عن قواعد اللعبة و عن أدبيات و أخلاقيات صاحبة الجلالة ، أجازوا لأنفسهم قول و كتابة ما يشاءون دون حسيب و لا رقيب حتى و إن كانت كتاباتهم طعنا و تجريحا في شخصية زميل لهم خالفهم توجها أو رأيا، فنحن اليوم أمام واقع خطير ينذر بفوضى صحفية تستبيح في طريقها كل شيء. لقد تابعنا و على مدى أيام و أسابيع الاتهامات التي يطلقها بعض الزملاء الصحفيين متهمين زملاء لهم باتهامات تفتقد للدقة و الموضوعية و الأنكى من هذا كله هو محاولاتهم اليائسة للزج بالقارئ المغربي في هذه اللعبة و الذي لا يمكنه لا أن يدين هذا الأسلوب الرخيص الذي جعل منبر إعلامي ينحرف عن خطه التحريري الإعلامي و ينصب نفسه وصيا على معشر القراء و الصحفيين على حد سواء و يدعي بامتلاكه كل الحقيقة دون سواه من الصحفيين الآخرين،أننا و من خلال استقراءنا المتواضع لهذه الظاهرة التي تستشري في الجسم الصحفي كالنار في الهشيم لن نكون طرفا قي القضية لا مع هذا و لا ضد ذاك بقدر ما نلفت أنظار الجميع أن الصحافة قبل أن تكون مهنة فهي سلطة و أن المسؤولية الأخلاقية الوطنية تقتضي وضع حد لهذه الأفعال التي تسيء إلى مهنة الصحافة و على أن النقابة الوطنية للصحافة الوطنية الخروج عن صمتها فهي الإطار الوحيد الذي له سلطة الدفاع عن كل المنتسبين للجسم الصحفي و الإعلامي الذي يجمعنا معها ميثاق شرف أخلاقي /فاستمرار هذا السيناريو الذي خرج عن كل الأعراف باستمرار مسلسل الاتهامات بين الزملاء الصحفيين أمر مشين للغاية يجب العمل على القطع معه بصفة نهائية لأنه يسيء للجسم الصحفي في شموليته و المسؤولية الأخلاقية تقتضي من الجميع العمل على إيجاد صيغة عملية للتعاطي مع كل من تسول له نفسه العبث بهذه الرسالة النبيلة أو تسخيرها كوسيلة للتشهير أو لتصفية حسابات شخصية ضيقة فالصحافة قبل أن تكون سلطة فهي التزام.