لم يدرس في معهد ولم يكمل مراحل دراسته الابتدائية او الاعدادية على الأكثر، الظروف أجبرته على ترك مقاعد الدراسة والانخراط في العمل منذ الطفولة ، فأهدر طفولته وشبابه في الكراجات وتحت السيارات وبين العجلات والجكات والمفاتيح. يقتنص لقمته من قطعة حديد تالفة هنا، ومن موتور يحتاج الى تنزيل أو تبديل هناك ، وربما من عجلات تحتاج الى الترقيع ، والى ما يشابه ذلك من الأعمال القاسية.... قاسية فعلا لكنها تعطيه القدرة على العيش هو وأسرته الممتدة حيث يجهد في تعليم اطفاله حتى لا ينظموا الى مدرسة الشقاء الأبدي .. مثله. تصليح السيارات مهنة خطرة عليه وعلى أصحابها وسائقيها، وعلى كل من حولها من بشر ودواب معدنية وحيوانية .. يتعامل في عمله مع أوزان ثقيلة يقبع تحتها قد تحوله الى جثة معجونة بالدم عند أي خطأ. صاحب السيارة يثق به ويقود جحشته المعدنية بكل أطمئنان ، لذلك فإن أي خطأ يقترفه قد يؤدي الى كارثة تصيب ركاب السيارة ومن يجاورهم . يخشى الدخلاء على المهنة الذين يرتدون الأفرهولات الوسخة ويفتتحون الكراجات دون معرفة ودراية كاملة في العمل .... هؤلاء يسيئون الى المهنة والى سمعته وشرفه المهني والى خبرته التي اكتسبها عبر عقود. لم يختر مهنته ، بل هي اختارته!! لم يختر زبائنه بل هم الذين يختارونه!! يداه سر قوته وعرقها المنقوع بالزيت والشحوم والجهد يعاند السنين ويتحدى شيخوخة الحديد .... ويصنع المعجزات.