تأسست الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ببوعرفة خصوصا وبكل إقليم فجيج عموما في نهاية الثمانينات من القرن الماضي ، في فترة اتسمت سياسيا بتضييق المخزن للخناق على القوى الديمقراطية( سنوات الجمر والرصاص ) ، وقد شكل هذا التأسيس و لا يزال إضافة نوعية ، إذ ستعمل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل على رفد القوى الديمقراطية إقليميا بالأطر المتمرسة نظريا وميدانيا ، كما ستربي المواطن بالإقليم على ثقافة الاحتجاج والممانعة مقدمة في سبيل ذلك تضحيات جسام ستظل موشومة في الذاكرة النقابية . الآن وبعد مرور عقدين من الزمن على تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بإقليم فجيج/بوعرفة من حقنا أن نساءل عقلنا الكونفدرالي الجماعي عن المكتسبات التي تحققت ؟ وعن الحصيلة النقابية والإشعاعية ؟ وكيف السبيل لتطوير الأداء النقابي بإقليم فجيج حتى ندرك الأهداف المسطرة في بيان تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ؟ إنني في هذا المقال الذي يصادف مرور 20 سنة على تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بإقليم فجيج/ بوعرفة أريد أن الفت اهتمام المناضلين والمناضلات إلى ضرورة القراءة النقدية لهذا الإرث النضالي المشترك ، بعيدا عن النرجسية وتضخيم الذات ، وأملي أن نطلق نقاشا واسعا للوقوف على نقط القوة ونقط الضعف ، واعتبر أن هذا الأمر ليس بالعسير ، لما تزخر به الكونفدرالية إقليميا من طاقات مناضلة مشهود لها بالصدق والنزاهة الفكرية والعملية . توسع تنظيمي متميز : نظرا لمصداقية الخطاب الكونفدرالي ، وبحكم تخندق مناضلي إقليم فجيج ضمن التوجه المكافح / المناضل ، فقد اختارت قطاعات عدة سواء بالوظيفة العمومية اوالقطاع الخاص الالتحاق بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وقد وصلت القطاعات المهيكلة إلى عشرين قطاعا بأزيد من 2000منخرط رغم أن الإقليم لا يحتوي على مؤسسات إنتاجية . ومن المتوقع أن تلتحق قطاعات أخرى في الأمد القريب لاقتناعها بكون كدش إقليميا هي النقابة المؤهلة في الوقت الحاضر للدفاع عن مصالحها المادية والديمقراطية , بعيدا عن الديماغوجية ، المهادنة ، التزلف والانتظارية . النقابة الأكثر تمثيلية : قبل أن تتخذ الكونفدرالية القرار التاريخي بالانسحاب من مجلس المستشارين وعدم التصويت في انتخابات تجديد الثلث ، كانت الكونفدرالية إقليميا تشارك في هذه الانتخابات، وكانت تحصل على الأغلبية المطلقة فيما يخص الأصوات المعبر عنها ( أزيد من 90 في 100) ، وقد كان كل من يصوت على الكدش يصوت بحرية واقتناع . لقد قاطعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الانتخابات الأخيرة لتجديد الثلث وظهر بشكل كبير وزنها ومدى تمثيليتها ، إذ أن عدد المشاركين في انتخابات تجديد الثلث بإقليم فجيج لم يتجاوز الستة فقط ، رغم أن سعر الصوت في البورصة الانتخابية وصل إلى 20000 درهم من طرف سماسرة الانتخابات من افسدوا البلاد والعباد . النقابة المناضلة : لا احد يجادل في أن العقدين الماضيين كانا زاخرين بالنضالات الكونفرالية ، يتعلق الأمر بالمعارك النوعية التي فجرتها النقابات القطاعية ، مجلس الاتحاد المحلي ببوعرفة ، ومجلس التنسيق الإقليمي ، وقد حققت هذه المعارك العديد من المكاسب الملموسة للشغيلة وللجماهير المحلية ، والتي لا احد ينكرها إلا من به مرض الحسد النقابي . إن الكونفرالية الديمقراطية للشغل بإقليم فجيج خاضت معارك نضالية نوعية وجريئة فرضت على مسؤولين من العيار الثقيل الجلوس إلى مائدة التفاوض ، ولكي لا نبقى في إطار العموميات سنذكر بعض المحطات فقط على سبيل المثال لا الحصر ، لان التاريخ النضالي الكونفدرالي لا يجب أن يختزل حتى لا نتعسف على التاريخ : - الإضراب التاريخي الإقليمي ليوم 16 نونبر2005 الذي أرغم الحكومة على تمديد عطلة عيد الاستقلال لمدة ثلاثة أيام ( يمكن الرجوع بهذا الصدد إلى ما كتبته الصحافة الوطنية آنذاك ) - الإضرابين الإقليمين الذين دعت إليهما لجنة التنسيق الإقليمية في بداية سنة 2006 والذين عرفا نجاحا كبيرا ، إلى درجة أن الحركة شلت بكامل الإقليم ، مما اجبر والي الجهة ، ولجنة مركزية موفدة من عالي الهمة إلى النزول لبوعرفة لمحاورة لجنة التنسيق الإقليمية . - الوقفة التاريخية التي نظمتها النقابة الوطنية للتعليم على اثر زيارة الوزير السابق الحبيب المالكي للإقليم والتي أجبرت هذا الأخير على الجلوس إلى مائدة التفاوض وعقد لقاء مع المكتب الإقليمي تم فيه انتزاع مكاسب مهمة للشغيلة التعليمية آنذاك . - المعارك البطولية بالجماعات المحلية والتي فرضت العمل النقابي حتى على مستوى العمالة وهي حصن من حصون المخزن رغم أن ضريبة النضال كانت قاسية ( تنقيل مناضلين من طرف العامل السابق). -النضالات المتميزة بقطاع العدل وفرض احترام الحرية النقابية في هذا القطاع رغم تعنت وكيل الملك السابق ، ورغم التضحيات الجسيمة التي قدمها مناضلونا بالقطاع ( إحالة أعضاء المكتب النقابي للنقابة الوطنية للعدل ببوعرفة على المجلس التاذيبي لا لشيء إلا لأنهم مارسوا الحرية النقابية وشاركوا في وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية ) وللتاريخ نسجل أنه رغم كون قرار المجلس التاذيبي كان قاسيا ولا دستوريا فان النقابة لازالت مستمرة وحية بالقطاع . -النضالات البطولية لعمال ديماغاز والتي أتمرت انعقاد اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة ، والتوقيع على محضر مشترك بمقتضاه التزمت الإدارة باحترام الحريات النقابية ، والاستجابة لمطالب النقابة رغم أن رب المعمل لا يعترف بشيء اسمه النقابة ، ويعتبر العمل النقابي (د سارة ) . - النضالات المتميزة لموظفي الفلاحة في إطار نقابتهم والتي انتزعوا عبرها مكاسب هامة : توزيع المساكن الإدارية بطرق شفافة – الاستفادة من التعويضات عن التنقل ومن امتيازات أخرى لا حصر لها . - النضالات النوعية للتجار والتي كانت لها نتائج هامة ليس فيما يخص التخفيض الضريبي فقط ، بل وأيضا الاستجابة لمطالب النقابة بخصوص هيكلة القطاع ومسالة الباعة المتجولين . - النضالات الرائدة لسائقي سيارات الأجر والتي قطعت دابر الرشوة بالقطاع ، وفرضت مرارا على السلطة الإقليمية والدرك والأمن الجلوس قصد التفاوض ، وتنفيذ ما يتفق حوله . - النضالات المتميزة لقطاع الصحة ليس دفاعا عن مطالب فئوية فقط بل وهذا هو الأهم من اجل حق المواطن في الصحة والعلاج ، ففي كل المناسبات تنادي نقابة الصحة بتوفير الأدوية مجانا وتوفير المعدات البيوصحية والاختصاصيين ...الخ وفي هذا السياق يمكن جرد نضال الكدش والقوى المناضلة لعرقلة منشور وزير المالية والصحة سنة 2004 وهو ما أثمر استمرار مجانية الصحة بالإقليم لحد الآن . - النضالات الفتية لنقابة أعوان الحراسة والنظافة والتي فرضت عقد اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة مرتين ، بل وأكثر من ذلك الاستجابة لمطالب هذه الفئة الي تعاني من القهر والتعسف وطنيا . إن الأمثلة كثيرة وكثيرة جذا ، نظرا للزخم النضالي المشرق للكونفدرالية إلا أنني لن استرسل في السرد التاريخي لكل المحطات النضالية ، رحمة بنفسي ورحمة بالقارئ . جماهيرية و أممية الكونفدراية بإقليم فجيج : منذ التأسيس اختارت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التخندق في صف الجماهير الشعبية ، والدفاع عن المقهورين والمهمشين . وقد فرض عليها هذا الاختيار النضال جنبا إلى جنب مع المعطلين من اجل حقهم في الشغل والتنظيم ، ومع سكان الإحياء الهامشية من اجل حقهم في السكن والعيش الكريم ، ومع المواطنين من اجل حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية . وكان من الطبيعي أن تناضل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في جميع الواجهات دفاعا عن المواطن البسيط والمقهور ، وقد استتبع هذا الخيار الانخراط في النضالات الجريئة التنسيقية المحلية لمناهضة غلاء الأسعار والدفاع عن الخدمات العمومية وفي مبادرات وحدوية أخرى ( الحق في بيئة سليمة وضد مبيدات الجراد – الحق في التنظيم – الحريات العامة ...). إن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أيضا أولت القضايا الوطنية والقومية أهمية قصوى، فقد فجرت إقليميا نضالات عديدة ضد غطرسة الامبريالية والصهيونية والانظمة الرجعية العربية ، فساندت فلسطين والعراق ولبنان وكل مواقع النضال والتصدي ضد الثالوث السالف الذكر . على سبيل الختم : إن تاريخ الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بإقليم فجيج هو تاريخ زاخر ومشرق ، تاريخ مليء بالانجازات والعبر ، كما بالتضحيات والمعاناة . لذلك فان أحسن ما اختم به هذا المقال هو توجيه تحية التقدير والإكبار لأرواح من فقدناهم من الكونفدراليات والكونفدراليين ( عمومور محمد – لحجاجي جلول – عاشوري عبدا لله – الأخت الزياني وآخرون كثر ) . كما استغل هذه الفرصة لتوجيه تحية الاعتزاز لكل من لازال تابثا على المبدأ و ما بدل تبديلا . الصديق كبوري كاتب الاتحاد المحلي بوعرفة