استفزني السجال النقابي الدائر بجرادة وأعاد بي الذاكرة إلى الوراء في لحظة من التاريخ النقابي المحلي ، عندما كانت النقابة المستقلة تواجه تعسفا من النقابات ذات " التمثيلية " ، وكان يفرض علينا الحصار وعدم الاعتراف ، فقد كنا نلمس منهم تخوفا من هذا الوافد الجديد الذي جاء هو الآخر يقتحم الساحة النقابية ويقتسم معهم " الهم النقابي " وكنا نلمس معارضة بكل الصيغ وبكل المبررات ، وكان علينا أن ننتظر حتى تصل انتخابات اللجان الثنائية لنؤكد لهم زعمنا بأننا فعلا قوة أكدتها النتائج المحصل عليها بالجهة على مستوى الابتدائي ، لقد كانت الصدمة مدوية ومعبرة لحقيقة ما كانوا يتخوفون منه ، وما كان يعطيهم مبررا لمحاصرتنا والتكتل في مواجهتنا . محليا لم تكن النتائج بالحجم الذي كنا ننتظره في ظل أول محطة انتخابية وفي غياب التجربة وعدم استثمار ما كان متوفرا ، ورغم ذلك كانت الرتبة مشرفة ، وأصبحت النقابة رقما كانت تحتاج إلى قوة دفع لم تتوفر مما عاد بالنقابة إلى الظل . فتحررت النقابات من الثقل الذي كان يجثم على صدرها ، بل وانفكت عقدة وحدتها لتعود الى صراعها الازلي المختلط بين الايديولوجي والسياسي والمصلحي الذي يطبع حالة التنافر بينها ، وقد حاولت المستقلة ان تتأسس على ملفات مطلبية لرجال التعليم بعيدا عن كل الأهداف السياسية والمصلحية المتوارية وراء المطالب الاجتماعية ، مما كان يضر برجال التعليم خصوصا بعد التجارب الحكومية التي دعمها رجال التعليم ، وفي الأخير استفاقوا على تراجعات كبيرة لم تكن منتظرة عوض ما كانوا ينتظرونه من تحسين لوضعهم الاجتماعي ، أما على المستوى المحلي فقد كانت الملفات تدار على قاعدة المصلحة النقابية مما كان يشرعن للزبونية والانتهازية التي شكلت السمة التي طبعت هذا العمل بالإقليم والتي همت جميع أطياف الجسم النقابي وان كانت متفاوتة من إطار لإطار . وهو الأمر الذي افقد رجال التعليم الثقة ، ولم يستطع مشروع النقابة المستقلة التي التف حولها رجال التعليم تحقيق البديل ذو المصداقية وبعيد عن الثقافة النقابية التي ترسخت بالمدينة ، والتي انبنت على الزبونية . والمؤسف له أن هذه النقابات التي تتصارع الآن تحالفت ضد النقابة المستقلة في لحظة ما لأنها رأت فيها تهديدا لوجودها وعائقا أمام قضاء مصالحها التي تتم تحت الطاولة ، وفي ظل التسويات الغير قانونية بدعوى أن النقابة المستقلة ليست لها تمثيلية ،ولم تخف هذه النقابات التي التقت حول هدف واحد وهو إقصاء المستقلة وإعدام وجودها التمثيلي ، وأحيلكم على مقال يؤرخ للهجوم الذي تعرضت له المستقلة في تلك الفترة عبر هذا الرابط (http://www.oujdacity.net/regional-article-6322-ar.html ) ولما استطاعت النقابة المستقلة الحصول على التمثيلية على المستوى الجهوي وبامتياز بتصويت رجال التعليم عليها حيث استطاعت أن تزيح بعض النقابات " الكبيرة والحزبية ذات التمثيلية " التي فشلت في أن تحجز لنفسها مقعدا على مستوى الابتدائي ، عادت إلى ترديد مقولة عدم التمثيلية على المستوى الوطنى لتتخفى وراء هزيمتها النكراء ، وبالتالي تنفيذ المؤامرة الخبيثة ضد المستقلة لإبعادها عن التواجد . ويمكن للمرء أن يتساءل عن هذا التحالف النقابي بجرادة إذا علمنا حجم التطاحن الذي كنا نراه بينها يوميا والسر في التحالفات اللحظية المفاجئة ، لأنها تتناسى مشاكلها وصراعاتها كلما وجدت لنفسها عدوا مشتركا تبني عليه " نضالها " النقابي الوهمي وتخفي به الملفات الحقيقية لرجال ونساء التعليم الذين ينتظرون أن تنفك العقد التي تبعدهم عن مصالحهم ، ولعل اغلب رجال التعليم " غسلوا أيديهم من هذه النقابات " ولم يعودوا ينتظرون شيئا منها سوى التفرج على المسرحيات الهزلية المتتالية من فترة لأخرى والتي يبدع فيها كتاب النقابات أدوارا ممتازة أدخلتهم إلى مشاهير الممثلين العالميين المتفوقين . كل هذا الوضع الذي تلاقيه فئة من رجال التعليم تتحمل مسؤوليته هذه النقابات وكل التراجعات وكل الملفات العالقة تتحمل فيها المسؤولية لأنها هي التي صنعت هذا الواقع المختل ولا تزال تمعن في إذلال رجال ونساء التعليم كلما رمت بالمشاكل الحقيقية وراحت تخوض الصراعات الوهمية من اجل المصالح الشخصية . يحار رجل التعليم في معادلة هذا " الكوكتيل " النقابي خصوصا بين النقابة الفدرالية وبين النقابة الاخوانية وبين النهج الديمقراطي الذي أصبح يمسك بزمام الاتحاد المغربي للشغل بجرادة ، والذي لا يخفي موقفه العدائي لنقابة الاخوان . فما سر العشق الجنوني بين النقابة الاخوانية والفدرالية او بالاحرى بين كاتبي النقابتين ؟ أليست هناك مصلحة مشتركة تجمعهما ؟ وما سر تماهي ممثل الاتحاد المغربي للشغل الذي عبر في كلمته يوم فاتح ماي عن المبايعة المجانية لنائب التعليم الجديد ( ذو الانتماء النقابي ) فقد أمضى على بياض من خلال المدح المبالغ فيه للوافد الجديد ، أليست المصلحة تفصح عن نفسها من خلال التبعية العمياء للفدرالية . كيف قبلت النقابة الاخوانية أن تجتمع من جديد بالفدرالية وهي التي انتقدت الفدرالية من خلال تراجعها عن ملف ما يعرف بالانتقال المشبوه " أو ما عرف في جرادة بقضية " توتو" المنتقلة من الناظور . فقد وجدت النقابة الاخوانية نفسها وحيدة من خلال البيان الذي أصدرته ولم تخفي الغبن الذي شعرت به عندما تخلت عنها الفدرالية التي صاغت البيان . هل كانت ستصبح الكنفدرالية العدو اللدود لكل هذه النقابات وبالأخص الفدرالية لأن الأمر " هنا " يتعلق بتصفية الحسابات ستجد لها التربة الخصبة في انتخابات المصالح الاجتماعية ؟ كيف فجأة انفرط العقد الذي كان يجمع هذه النقابات حول العدو المشترك؟ فما هو تفسير هذا التضاد في ظل هذا الصراع النقابي الذي تشهده مدينة جرادة ؟ لماذا يلجأ كاتب نقابة إلى الاعتصام داخل مؤسسة تعليمية ولماذا دفعت باقي النقابات إلى وقفة احتجاجية ( لم تنفذ ) أمام مقتصدية المصالح الاجتماعية ؟ لماذا لم تتحرك النقابات لمؤازرة رجال التعليم الذين يلاقون الإهانة خلال التكوين المستمر ، فتركوا بدون غطاء يواجهون هذه الإهانات لوحدهم بوقفات احتجاجية ؟ الم يصل إلى علم النقابات كل الحيف الذي وصل إلى أسماع الخاص والعام ؟ أين هو دور النقابات في معالجة قضايا التعليم ؟ لماذا امتازت نقابة المفتشين بنضالية متميزة واستطاعت ان تخوض معارك ناجحة لهذه الفئة . ربما يكون الجواب في استقلاليتها وفي تحررها مما يعصف بها إلى الصراعات الجانبية التي نجدها عند الأساتذة ، والتي أصبحت المعرقل لكل الملفات . انه السؤال الكبير المطروح على الساحة وإنها كذلك نقطة تعجب حول العدواة الكبيرة التي تحول فجأة إلى صداقة حميمية !!! لن ينخدع رجال التعليم بهذه المسرحيات المألوفة التي اعتادوا عليها ، فالمصلحة النقابية هي المحدد الأساسي للعلاقات النقابية ، فحيثما توجد المصلحة توجد الوحدة وحيثما اختفت المصلحة يعود الصراع إلى الواجهة ، وتظل مشاكل رجال التعليم الحاضر الغائب في الهم النقابي المحلي ، وهذه هي الخصوصية النقابية الجرادية ، ولن نتفاجأ إذا رأينا النقابة الاخوانية تتحالف مع الكنفدرالية ضد الفدرالية أو الفدرالية مع الكنفدرالية ضد الاخوانية ، أو جميعا ضد المستقلة ، فإن للجان الموسعة سحرها الذي يعيد المعادلات إلى نقطة الصفر لتتحدد من جديد التحالفات والصراعات التي ينبني عليها الموقف المصلحي لكل طرف ... ------------------------------------- التعاليق : 1 - الكاتب : رجل تعليم سبحان الله .كل نقابة تكول فولي طياب.المستقلة احسن من الجميع و الفدش رجل فالحكومة و الادارة و رجل ف التخنتيش.و الكونفدرالية تحاول تبقى صامدة فهدا الجو رغم ان بعضها ضربها بركدة الفوق.و اصحاب الحايا التالفين بين بن كيران و بين العثماني بين ود الدولة و حلاوة المعارضة. مانتمناه هو ان يعود العمل النقابي الى اصله و هو الدفاع عن مصلحة المواطنين و الشغيلة بارتباط مع المصالحالسياسية و الاقتصادية و الاجتماعية لكل المواطنين والاختيارات الكبرى التي حددت ابان التاسيس او تم تعديلها في اطار المتحول مع احترام الثابت