عاشت تركيا يوماً شديد التوتر امس مع انتشار انباء اعتقال نحو اربعين شخصاً بينهم اربعة جنرالات متقاعدين من أهم قيادات الجيش في الفترة الاخيرة، بالاضافة الى 12 ضابطا آخرين، بتهمة التحضير لانقلاب عسكري. وهي المرة الاولى التي يقدم فيها قاضي تحقيق مدني على طلب اعتقال هذا العدد الكبير من الشخصيات العسكرية دفعة واحدة. واعلنت قيادة الاركان التركية أن قائد الاركان الجنرال الكر باشبوغ أجَل زيارته الرسمية المفترضة الى مصر اليوم لمتابعة مجريات الامور، خصوصا وأن الجنرالات المعتقلين زملاء له عمل معهم سابقا ويعرفهم من قرب، وهم قائد القوات الجوية السابق ابراهيم فرطنا وقائد القوات البحرية السابق اوزدان اورنيك وقائد الجيش الاول السابق ارغين صايغون وقائد الجيش الاول الاسبق الجنرال شتين دوغان. وكان مدعي محكمة اسطنبول بدأ تحقيقاًَ في وثائق عسكرية سلمت اليه من قبل صحيفة «طرف» اليسارية التركية التي قالت انها تكشف مخططاً وضعته قيادات في الجيش العام 2003 من اجل الانقلاب على حكومة «حزب العدالة والتنمية» وأنها حصلت عليها من ضابط في الجيش. وبحسب الوثائق، فأن قيادة الجيش الاول وضعت خطة بعنوان «المطرقة» تضمنت افتعال احداث عنف وشغب على يد مجموعات اسلامية وعلمانية، منها تفجيرات متبادلة بين المجموعتين لاهداف اسلامية واخرى علمانية اتاتوركية تضم مساجد اثرية ومتاحف اتاتوركية، على ان يقوم الجيش بتسلم زمام الأمور والاطاحة بالحكومة بحجة فرض النظام. لكن احدا في تركيا لم يتوقع ان يسفر التحقيق في الوثائق عن اعتقال هذا العدد الكبير من القيادات العسكرية، خصوصاً وأن قائد الاركان باشبوغ كان أكد ان مدعي المحكمة العسكرية يقوم ايضاً بالتحقيق في القضية، وقلل من أهمية الامر موضحاً ان المخطط الانقلابي المزعوم ما هو الا فرضية عسكرية يقوم الجيش باعدادها سنوياً في إطار نظري يجمع قيادات الجيش لوضع خطط لمواجهة اي نوع من الاخطار المحتملة. وأكد ان هذا النوع من الفرضيات العسكرية لا علاقة له بالواقع، وان الكثير من المؤسسات العسكرية في العالم يضع خططا مماثلة. وانتقد باشبوغ الترويج لمخطط الانقلاب الذي يشمل تفجير مساجد، قائلا ان الخطط الاصلية التي يوجد في ارشيف الجيش نسخ منها، لا تحتوي على تفجير مساجد او متاحف او افتعال قتال بين الاسلاميين والعلمانيين، وان الهدف من الترويج لهذا الامر وتزييف الخطة الاصلية هو اظهار الجيش التركي في صورة العدو للدين الاسلامي. وكان من اللافت أن يتزامن توقيت العملية القضائية مع وجود رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان في اسبانيا، علما بأن وزير الداخلية بشير اطالاي قال انه على علم بكل ما يحدث ويتابع الامور عن كثب، فيما توقع نائب رئيس الوزراء بولنت ارينش ان تسفر الاعتقالات والتحقيقات عن مفاجئات مهمة. ويتوقع مراقبون ان يُضم ملف هذه القضية الى قضية ارغاناكون الشهيرة التي تشير الى وجود تنظيم داخل الجيش يسعى لتوفير اجواء لانقلاب عسكري على حكومة اردوغان منذ فوز «العدالة والتنمية» بالحكم في تشرين الثاني (نوفمبر) 2002