أعربت مصادر مغاربية مطلعة عن استغرابها من إقدام السلطات الموريتانية على ترحيل عمر ولد سيدي أحمد ولد حمة المعروف ب \"عمر الصحراوي\" الى مالي. وكشفت الصفقة التي انتهت بإطلاق مواطنين اسبانيين تحتجزهما "القاعدة" في مقابل ترحيل "عمر الصحراوي" من موريتانيا الى مالي، وجود علاقة ما بين جبهة "بوليساريو" و"القاعدة"، خصوصا أن عمر الصحراوي ينتمي أصلا الى تلك الجبهة كما تظهر وثائق رسمية صادرة عن "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" التي تتخذ من منطقة تندوف الجزائرية مقرات لها. وأدانت محكمة موريتانية عمر الصحراوي باعتباره العقل المدبر من وراء اختطاف ثلاثة موظفي إغاثة اسبان في نوفمبر 2009 وهي العملية التي نفذها "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي". وأفادت المحكمة الموريتانية، التي أصدرت حكما بالحبس المؤبد، إن الصحراوي تم تجنيده في تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال قبل أن يتحول التنظيم الى الفرع المغربي للقاعدة. ونددت المصادر المغاربية بعملية تسليم الصحراوي الى مالي معتبرة ان الحجة التي قدمتها موريتانيا حول الجنسية المالية للصحراوي غير صحيحة مبرزة شهادة ميلاد أصدرتها جبهة بوليساريو للصحراوي. وخففت المحكمة الموريتانية حكم المؤبد عن الصحراوي الى 12 عاما في دعوى الاستئناف في 21 يوليو 2010. وخطف موظفو الإغاثة الاسبان في الطريق الواصل بين نواذيبو في شمال موريتانيا والعاصمة نواكشوط. وعلى الرغم من خطورة القضية وارتباطاتها الإقليمية، إلا أن نواكشوط سارعت بتسليم الصحراوي الى مالي في 16 أغسطس على الرغم من عدم تقديم السلطات في مالي طلبا رسميا الى نظيرتها الموريتانية. لكن السلطات القضائية في مالي نفت الاثنين تسلمها عمر الصحراوي على الرغم من تأكيد مصادر قضائية موريتانيا ان الصحراوي تم نقله الى العاصمة باماكو بطائرة خاصة استأجرتها اسبانيا. وأعربت مصادر مغاربية عن قلقها من ان يتم تسليم الصحراوي الى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب العربي" مقابل إطلاق الرهائن الاسبان المحتجزين لدى التنظيم الذي يرأسه مختار بلمختار أمير "القاعدة في بلاد المغرب العربي" والذي يشرف على العمليات الإرهابية للقاعدة في منطقة الساحل. وذكرت مصادر في العاصمة الموريتانية ان السلطات هناك بررت تسليمها للصحراوي بأنه مواطن يحمل الجنسية المالية واعتمادا على اتفاقية التعاون القضائي الموقعة بين البلدين. لكن وثائق صادرة عن البوليساريو أظهرت ان الصحراوي من مواليد الفرصية وأنه عضو فاعل فيها. وضغطت اسبانيا على موريتانيا لإطلاق سراح الصحراوي كجزء من عملية تفاوضها مع الخاطفين بهدف إطلاق سراح المواطنين الاسبانيين اللذين بقيا محتجزين لدى القاعدة. وهددت مدريد بقطع مساعداتها ومساعدات الاتحاد الأوروبي لموريتانيا بالرغم من خطورة ملف التعامل المباشر مع القاعدة في منطقة الساحل. وكانت نواكشوط قد تغاضت عن قضية إطلاق مالي لسراح أربعة ناشطين من تنظيم القاعدة مقابل إطلاق سراح أربع سياح رهائن غربيين احتجزهم التنظيم شمال مالي بالرغم من سياسة البلدين المعلنة عن عدم التفاوض مع الإرهابيين . وقالت المصادر المغاربية المطلعة ان عملية مبادلة الصحراوي بالرهينتين الاسبانيتين لو تمت، فأنها لا تعني التنازل أمام ضغوط القاعدة وحسب، بل منح الإرهابيين، الذين يتخذون من جنوبالجزائر والمناطق التي تسيطر عليها بوليساريو قواعد لهم، مكافأة مالية قدرها 10 ملايين يورو. وتقول الجزائر إنها في مقدمة الجهد الدولي لمواجهة نشاط القاعدة المتزايد في منطقة الساحل، إلا أن عدم دعوتها لاجتماع باماكو الأمني مطلع أغسطس يعني ان دول المنطقة غير مقتنعة بالإعلانات الجزائرية بهذا الخصوص. وكانت العاصمة المالية قد استضافت اجتماعا امنيا موسعا لبحث المخاطر المتزايدة للقاعدة بحضور مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو والسنغال ونيجيريا. ويعتقد مراقبون ان تنظيم القاعدة يجد مرتعا له في معسكرات بوليساريو في تندوف جنوبالجزائر، مؤكدين على ان الجزائر حاولت الدفاع أمام موريتانيا عن ضلوع صحراويين في اختطاف موظفي الإغاثة الاسبان. وتخشى الجزائر من استغلال المغرب للقضية بالإشارة الى أن مقاتلي بوليساريو المدعومين من الجزائر قد يكونون ضالعين في أنشطة إرهابية ذات علاقة بالقاعدة. وكانت البوليساريو قد أرسلت مؤخرا محمد سالم ولد سالك وبشير صغير القياديين في الحركة للقاء الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بهدف تسهيل عملية إطلاق المقاتلين الصحراويين المحتجزين لدى نواكشوط