كان أحد المكاتب لأحد نواب وكيل الملك، يوم السبت الماضي، مسرحا لنازلة غير مسبوقة، اثناء عملية تقديم أحد المتهمين المسمى ( ب- س) على أنظار وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالجديدة، الذي ينحدر من مدينة أزمور،بتهمة السكر العلني البين وإلحاق خسائر مادية بملك الغير،بعد توقيفه بالشارع العام وسط مدينة أزمور من طرف رجال الأمن بمفوضية الشرطة لأزمور. وتعود تفاصيل القضية، مباشرة بعد توصل فرقة محاربة المخدرات التابعة للمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بالجديدة، بمعلومات تفيد أن المسمى ( ب- س) والذي تم اعتقاله من طرف شرطة ازمور، قد قام بابتلاع كمية مهمة من مخدر الشيرا في محاولة منه لتسريبها إلى المؤسسة السجنية سيدي موسى.
وبتنسيق مع النيابة العامة، تم نقل المتهم من داخل مكتب السيد نائب وكيل الملك، من طرف عناصر الشرطة القضائية بالجديدة الى مقر الامن الاقليمي، بعد اقترافه لفعل إجرامي يسهل عليه طريق ايصال المخدرات، بطريقة فريدة من نوعها، الى داخل أسوار السجن المحلي بالجديدة، وبعد اتخاذ الإجراءات المعتادة في مثل هذه الحالات وتأكد عناصر الشرطة أن معدة الموقوف تأوي كمية من المخدرات معبأة بطريقة محكمة عبر كبسولات بلاستيكية صغيرة. اضطرت معها عناصر الشرطة القضائية، بحكم ما يفرضه القانون، الى إخضاع الموقوف بشرب ( أقراص الإسهال )الذي سهل عملية إفراغ المعدة من الكبسولات وإخراجها عبر مرحلة الغثيان، ليتضح بعد ذلك لعناصر الشرطة القضائية بان المعتقل قد قام بالفعل المنسوب إليه،بابتلاعه ل 30غ من مخدر الشيرا،واعترافه الواضح بما نسب إليه.
وبعد عملية التحقيق وتعميق البحث مع المتهم، اعترف هذا الاخير بتلقيه لطلب المخدرات من طرف احد المعتقلين بداخل السجن بتهمة الاتجار في المخدرات المدعو(ي– ح) قصد ترويجها لنزلاء المؤسسة السجنية وبمشاركة ثلاث عناصر اخرى، قامت بعملية تلفيف المخدرات. وهكذا تم ايقاف المسمى( م-ع) في الوقت الذي مازالت فيه باقي العناصر المتورطة في حالة فرار، وقد سجلت في حقهم مذكرة بحث..
وقد استطاعت عناصر الشرطة القضائية من فك لغز هذه النازلة الجديدة التي اختارها أحد تجار المخدرات ،لتهريب مخدر الشيرا إلى سجن سيدي موسى، الاختيار الأول تم بعد عملية ابتلاع 30غ من المخدرات وبكيفية ملفوفة و محترفة، أما الشق الثاني من الاختيار فكان طريفا جدا، وهو قيام الجاني بتناول الكحول والعربدة وسط الشارع العام مع إلحاق خسائر مادية بملك الغير،بعد تكسير واجهات السيارات التي كانت واقفة بالشارع العام وسط مدينة أزمور،معتمدا بذلك الفعل الإجرامي الذي يعاقب عليه القانون المغربي حتى يتمكن من ولوج أسوار سجن سيدي موسى مبتلعا كمية من مخدر الشيرا.
ليطرح السؤال مجددا عن ظاهرة تهريب المخدرات في الأحشاء والتي انتشرت بشكل غير مسبوق منذ مدة، والتي بدأت تغزو المؤسسات السجنية؟والذي يبرز من خلاله هذا التساؤل الذي قد يبدو غريبا للبعض في وقت يعد التهريب عن طريق الأحشاء اليوم من أكثر طرق التهريب شيوعاً للمخدرات إلى السجن، لصعوبة كشفها من طرف الجهات الرقابية دون سكانير، بفعل قدوم المهرب على استعمال أحشائه كحاوية أو مخبأ للسلعة المهربة. ومن دواعي هذا التساؤل كذلك أن بلادنا عرفت في المدة الأخيرة انتشارا مقلقا وخطيرا لظاهرة ترويج هذا النوع من المخدرات ، خاصة مرتادي المؤسسات السجنية. فبعد أن ضيق الخناق على المهربين من خلال التنسيق الامني المكثف مع اطر السجن المحلي سيدي موسى، لجأ المهربون إلى أساليب فريدة في التهريب، مختلفة عن تلك المعتمدة سابقا والمتمثلة بالأجهزة التناسلية والأمعاء. فما فتئت عصابات تهريب المخدرات تبتكر أساليب متطورة في سعيها للإفلات من قبضة حراس المؤسسات السجنية، إذ جعلت من الأجهزة الهضمية والتناسلية مستودعات متنقلة ومحجوبة عن العيون لضمان تهريب سلعتها السامة إلى داخل أسوار السجن. إذ تعد هذه الطريقة في تهريب المخدرات والتي تتمثل في ابتلاع كمية الكوكايين قبيل دخول محطة ماتسمى بالزيارة، ويحتفظ بها في المعدة طيلة مرحلة زيارة السجين، قبل أن يعيد إنزالها بعد الوصول إلى مصافحة السجين عبر القبلات المتبادلة بين النزيل وزائريه بغفلة عن عيون حراس السجن،ومهما يكن من أمر ما تزال الحرب مستمرة بين مصالح الأمن ومهربي المخدرات الذين لا محالة سيعمدون إلى تطوير أساليبهم من أجل عدم الوقوع في قبضة العدالة، وهو ما يستوجب على أطر المندوبية العامة لإدارة السجون تطوير إمكانياتهم كذلك، حتى لا تغرق السجون المغربية بالمخدرات القوية. سيما وأن ممتهني هذا النشاط غير القانوني لن يذخروا جهدًا في ابتكار حيل جديدة وإحداث تقنيات خداع قد لا تخطر على عقل سوي سليم.