مصطفى الدودكي (60 سنة) المعروف لدى عالم البحارة ب"الرايس غوغو"، هو أحد ربابنة الصيد بمدينة الجديدة، خبر البحر عن قرب منذ نعومة أظافره لمدة تزيد عن 44 سنة، خلالها اقترنت بذاكرته مجموعة من القضايا والوقائع يرويها. الجديدة مدينة هادئة تحت رحمة القمل
كانت الجديدة في الستينات من القرن الماضي وما تلاها من سنوات قليلة، مدينة هادئة لا يتعدى سكانها 15 ألف نسمة، وكانت بها عمارة واحدة وهي التي تقع الآن بشارع الحسن الثاني والضاية لكنها الآن بحكم كثافتها السكانية بها الآن 4 مقاطعات أمنية بحكم أن سكانها وصلوا 160 ألف نسمة، وكانت مؤمنة ب10 رجال أمن وكان نادرا ما تحدث فيها جريمة. كان سكانها في تحركاتهم يعتمدون على 10 سيارات أجرة من الحجم الصغير بثمن الجولة الواحدة لا يتعدى 1 درهم، وحوالي 16 عربة يجرها خيول "الكوتشي" تربط الملاح بسيدي موسى بثمن 20 فرنك.
وعموما فإن حركة السير والجولان لم تكن كما هي الآن تحت رحمة كثافة سيارات متعددة، فالسيارات لم يكن عددها 100 سيارة محسوبة على رؤوس الأصابع لرجال سلطة وأعيان وعائلات جديدية معروفة كعائلات بالفقير والسراج وبن دغة وبرادة وأولاد الحمري وبوشريط وبن الشرقي وموزينة والباشا حمو والقائد بوبكر القاسمي واحمد كامل، وبعض اليهود والنصارى الذين كانوا يقطنون بالرجيلة والملاح وسيدي الضاوي وقرب القيسارية وبحي بلاطو وشارع محمد الرافعي.
أذكر أن المدينة كانت جميلة وكانت تحرز دائما جائزة أحسن مدينة مغربية في النظافة، ويحضرني اسم اللبار وهو موظف تابع إلى البلدية كان يضبط مكاييل الموازين، وهو الذي يأمر وينهي ولكن كانت الأمور بألف خير.
وبخصوص الأمراض التي كانت منتشرة بالمدينة تاريخها، وهي بوحمرون والتيفوس وكانت حشرة القمل منتشرة بكثرة نظرا لقلة الملابس وأذكر أنه في مدارس راتيل وفوش وكليمونصو وغيرها كان يزورنا لجنة وقاية، عادة ما ترشنا بدواء البرغوث كل أربعاء للحد من انتشار القمل الذي كان عدوا كبيرا للساكنة في بداية مطلع الاستقلال، ولم تخف حدة القمل وجبروته إلا بدخول ألبسة البال إلى المغرب والتي وفرت لشرائح كبيرة من الفقراء إمكانية امتلاك أكثر من قميص واحد.
وفي مدينة الجديدة وبالضبط بمستشفى محمد الخامس الذي يعد أول مستشفى شيد على صعيد الوطن سنة 1916، لازلنا نذكر الخدمات الجليلة التي كان يقوم بها الطبيب الفرنسي فيسيني وزوجته وكذلك الطبيب الجراح أملان، وكان بالمدينة أطباء من الخواص لهم ذكريات طيبة مع أهالي المدينة وفي مقدمتهم الطبيب الفرنسي أرجلا طوس الذي قتله أحد المرضى النفسانيين بطعنة سكين بعيادته المجاورة لمخبزة طاسو بشارع الحسن الثاني كان ذلك سنة 1973 في جريمة هزت أوساط الجديدة وخلفت لديهم حزنا عميقا على واحد من خيرة الأطباء الخواص الذين لم يكن همهم جني أرباح طائلة وإنما كانت صحة وحياة الناس عندهم الهدف والغاية.
ولازلت أذكر أن الماء كوسيلة عيش ضرورية لم يكن يمتلكه في حينا (القلعة) إلا عائلة سي موسى العدل والسراج حيث كان معظم السكان يحصلون على حاجياتهم من الماء من آبار محفورة بالمنازل أو من سانية الكرابة قرب إعدادية لالة مريم الحالية، كما أن الحي بكامله لم يكن يمتلك جهاز تلفاز بل العائلات الميسورة تتوفر على جهاز راديو من حجم كبير تثبت أسلاكه على سطح المنازل لالتقاط برامج كالبرنامج الشهير "سيف دويزن".
ولازلت أذكر كذلك أن نسبة قليلة من ساكنة الجديدة لا تتعدى 30%، هم الذين كانوا يستهلكون الأسماك وذلك على خلفية أن معظم السكان لم يكونوا يتوفرون على الأواني الخاصة المستعملة في طهيه، فمعظم المنازل كانت تتوفر فقط على حسكة وخابية وحصيرة وهيضورة وفي أحسن الأحوال على لامبا وفورنو يشغل بالغاز الذي كان ثمنه 5 ريالات للتر الواحد.
ولوج عالم البحر إبان المغرب العشوائي
كانت بداية علاقتي مع البحر منذ الصغر، لقد كنا نعشقه مكانا للسباحة وممارسة كرة القدم، وكنا نتباهى في عز الشباب بقطع المسافة سباحة بين الشاطئ ومرسى المدينة.
ومع مرور الأيام أصبح يستهوينا عالم المرسى بكل إيجابياته وسلبياته وأذكر أنه ذات يوم في سنة 1965 وكان عمري آنذاك 15 سنة ومع مجموعة من الأقران من نفس العمر، نأتي صباحا إلى الميناء ونمارس هواية جمع ما فضل على مراكب الصيد من أسماك ونعيد بيعها من أجل بعض الدريهمات ندبر بها مصاريف اليوم والتي لم تكن تتجاوز بعض "الكاسكروتات" المكونة من الخبز والتون والحرور ومشروبا غازيا نظير لاسيكون أو كروش أو جيدور أو فيريكود أو بوبس وهي كلها أنواع من المونادا التي كان يعشقها المغاربة بشكل كبير، وبحكم سني الصغير آنذاك لم يكن ممكنا أن أحصل على دفتر بحري "فاسيكول"، بل أكثر من 50% من العاملين آنذاك بالميناء وبمراكب الصيد البحري كانوا بدون أوراق، وهي ظاهرة تكاد تكون آنذاك عامة تمس قطاعات أخرى في مغرب صح أن أسميه "المغرب العشوائي".
فالكثير من ربابنة الصيد مع مطلع الاستقلال وحتى الآن، بدون مستوى دراسي، فوظيفة "رايس" تفترض أن يكون صاحبها تلقى دروسا نظرية وتطبيقية فضلا على ضرورة إتقانه القراءة والكتابة والتحدث بأكثر من لغة، لأن في البحر نصادف مراكب من جنسيات مختلفة.
في دول أخرى تحترم فيها القوانين، يتعين على البحري كي يرتقي إلى مرتبة ربان أن يمضي 3 سنوات في التكوين المرتكز أساسا على ضبط "الكود البحري" والسباحة وقواعد الإنقاذ والتواصل وخياطة الشباك وميكانيك القوارب.
ولابد أن نعرف بأن "الرايس" هو المسؤول الأول عن مركب الصيد ورحلاته وسكناته، يساعده في مهمته خليفته أو مساعد الرايس، وكذلك الخرايشي والكالوتي المكلف بالقارب المرافق للمركب والميكانيكي الذي يكون عادة على أهبة الاستعداد للتدخل لإصلاح أي عطب لحق بمحرك المركب.
فضلا عن هذا الطاقم فالمركب يشغل حوالي 30 بحريا، كل واحد منهم بمهمة خاصة.
أهم الاستعدادات قبيل رحلة بحرية
عندما ننهي رحلة صيد ناجحة وبدون مشاكل نحمد الله على السلامة، ونضرب موعدا لرحلة جديدة عادة تكون انطلاقتها مع العصر أي في حدود الرابعة بعد الزوال، وهي رحلة تستغرق حوالي 14 ساعة وقد يتساءل البعض لماذا نختار هذا التوقيت بدل غيره فلأن أحسن فترة لاصطياد الأسماك هي مع الغبشية مع طلوع الفجر وأثناء مرحلة غروب الشمس، لأنها فترات يقع فيها تبدل مياه البحر وعادة ما تكون أشعة الشمس قليلة جدا لا تساعد الأسماك على رؤية شباك الصيد.
وقبل أن تنطلق الرحلة إلى عالم المجهول، من مهمة الرايس أن يتأكد من حالة البحر في هذا الصدد يتعين عليه أن يكون ملما بما تقدره الأرصاد الجوية بخصوص التقلبات الطقسية وعلو الأمواج وهيجان البحر، حتى لا يغامر بحياته وحياة من معه من البحارة.
وعلى الرايس أن يتأكد كذلك من أن جميع الأجهزة الهامة بالمركب تعمل بشكل كبير، نظير الرادار والإنارة وتوفر المركب على صيدلية للإسعافات الأولية تضم الأدوية الضرورية في مثل حالات الحمى والإسهال والقيء أو ما شابه ذلك.
وقبل أن تنطلق الرحلة يكون كل واحد منا هيأ ما يحتاج إليه من زاد ومشرب، ولكن هذا لا ينفي أننا غالبا ما نجمع مع بعضنا مبالغ مالية لإقامة مأدبة جماعية أو ما يصطلح عليه "الكاميلة" وكثيرة هي المرات التي يلجأ فيها البحارة إلى شي الأسماك المصطادة لتلبية وجبات غذائية، وفي غالب الأحيان فالبحارة يهوون شي السردين مع الطماطم والبصل.
ننطلق بمركب الصيد بعد أن نكون قد اتخذنا جميع الاحتياطات، تحت ترديد "اللهم صل عليك يا رسول الله أجاه النبي".
وأثناء الانطلاقة يتحول المركب إلى عائلة واحدة، تواجه البحر وأمواجه العاتية وتقلباته التي لا عد لها ولا حصر فقد يحدث في الكثير من المرات أن نبدأ الرحلة في طقس هادئ وأكثر من نموذجي ولكن ما أن نصبح في عمق البحر، حتى يتقلب علينا كالزمان.
ومن الأشياء التي يتعين على الرايس عدم نسيانها، هي كمية الوقود الكافية في كل رحلة، إذ عادة ما يحتاج المركب إلى 12 طن من الوقود بقيمة 500 درهم.
وهنا دعني أتوقف عند الوقود فهو مدعم من طرف الدولة، إلا أن بعض الأشخاص "كونوا مافيا منظمة لبيع الوقود المدعم خارج الموانئ، إذ عادة ما يتم استعمال البنزين الخاص بمراكب الصيد والقوارب للسيارات الخاصة، وهذا يتطلب مراقبة صارمة على الوقود المدعم والضرب بشدة على أيادي المتاجرين فيه.
بعد التأكد من جاهزية المركب وطاقمه فالمركب يضم البروة وهي مقدمته التي يجب أن تتوفر على 20 فراش للنوم لكنها حاليا لا تتوفر إلا 4 أفرشة، ويضم المركب كذلك السكن البحري وهو عادة تحت سطح السفينة، كما يتكون من لباسريل وهي قمرة القيادة.
تنطلق رحلتنا نحو عمق البحر على مسافة أزيد من 5 ميل من الشاطئ، على خلفية أن صيد الأسماك ممنوع في القوانين الدولية على الكوشطة.
وعلى بركة الله تكون وجهتنا نحو منطقة هامة في الصيد وهي المحصورة بين جمعة أولاد غانم 50 كلم عن الجديدة، والعكارطة قرب الوالدية، وهي منطقة ملائمة للصيد عندما يكون الريح غربيا ونحو منطقة الدزيرة (الجزيرة) عند أزمور 15 كلم شمال الجديدة إلى سيدي عبد الرحمان (الدارالبيضاء) عندما يكون الريح شرقيا وبواسطة الصونار والرادار وغيرها يتم رصد أماكن الأسماك.
وغالبا ما بين الجديدةوآسفي وما بين الجديدةوالدارالبيضاء، فالأسماك المصطادة هي في معظمها من أنواع السردين ولانشوبا والكابيلا والشرن وعندما يكون البحر هائجا على نحو ما يسمح باصطياد أسماك الحداد والبوقة وحلامة.
كان البراح يخبر الناس باصطياد ساركانا
أذكر أنه في الماضي كانت الكميات المصطادة من السمك تكفي حاجيات الجديدة وسكانها بل وحتى زوارها في الصيف ولازلت أتذكر أن مراكب الصيد حينما كانت تصطاد سمك ساركانا، يخبر السكان بواسطة البراح بذلك حيث يردد في أرجاء المدينة "أعباد الله تسمعون كلام الخير راه ساركانا داخلة".
أما بخصوص أثمنة الأسماك فالزكاغ كان بثمن قرش واحد وفي كثير من الأحيان برباعية وصولدي والروبيو 80 سنتيم والشرغو والميرلا والصول كانت حكرا على النصارى.
وأتذكر جيدا أن مارشي النصارى الذي شيد سنة 1932 كان هو المكان المخصص لبيع الأسماك وكان يتوفر على ساعة حائطية وجرس يدق بمناسبة كل مزايدة "دلالة"، ولم يكن يسمح بالمشاركة فيها إلا لأشخاص يمتلكون دكاكين بيع الأسماك، أما حاليا فيشارك في الدلالة كل من هب ودب.
وكان المارشي يتوفر على حارس وعلى مراحيض عمومية وعلى أماكن متخصصة في بيع مواد غذائية، إلا أن حالة المارشي اليوم يرثى لها فطابقه السطحي أصبح مكانا لتربية الكلاب وبيعها ومجالا لتفريخ البراغيث والقوارض.
بموازاة ذلك كان سوق علال القاسمي مكانا ثانيا لبيع الأسماك في نجمة سداسية إسرائيلية من صنع يهود كانوا يتاجرون في السمك، وهي نجمة تمت إزالتهما عقب اشتداد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
كان ذلك يحدث بسبب قلة عدد الساكنة وضعف حركة التصدير نحو الدارالبيضاء، لكن اليوم معظم الكميات المصطادة تكون عرضة للتسويق في اتجاهات أخرى تعتبر الدارالبيضاء أهم وجهة فيها.
ولم تكن الجديدة مشوهة كما يحدث الآن بأماكن عشوائية لقلي الأسماك وبيعها لأن قسم الصحة البلدي كان يقوم بدوره أحسن قيام لصيانة صحة وسلامة المواطنين.
ولا أخفيكم سرا أن شواطئ الجديدة غنية بالسردين، وهو ما يجعلها في مقدمة المدن من حيث الكميات المصطادة منه علما بأن سردين آسفي أنهكته النفايات الصناعية خاصة ملفوظات المركب الكيماوي مغرب فوسفور، ولا أخفيكم سرا أن الكميات المصطادة من شواطئ الجديدة، ستضمحل مع مرور الأيام لسببين اثنين أولهما الاجتثاث الكبير للطحالب البحرية التي تشكل مبيضا طبيعيا للأسماك التي تبيض فيه 4 مرات في العام إلا أن المناطق المطحلبة بالجديدة آخذة في الانقراض بفعل الاستغلال المكثف للقوارب التي تتعدى 2000 قاربا من البئر الجديد إلى أولاد عيسى والتي تستخرج يوميا أكثر من 150 طن من الطحالب دون احترام الراحة البيولوجية هذا الاعتداء على البيئة البحرية يتم أمام أنظار المسؤولين وخاصة مندوبية الصيد البحري بالجديدة التي لا تحرك ساكنا، لإيقاف هذه الاعتداءات على الطحالب كمكون أساسي في تكاثر الأسماك واستمرارها، والسبب الثاني مرتبط بحركة التصنيع المكثف التي عرفها إقليمالجديدة في الجرف الأصفر والحي الصناعي بالجديدة، ومن المنتظر أن يزداد تلويث البيئة البحرية بانطلاق الحظيرة الصناعية بالجرف الأصفر على مساحة 500 هكتار، فالأسماك العاشبة واللاحمة عادة تبحث عن الكثافة واللون والحرارة المائية والمناطق المطحلبة، لأنها المناطق النموذجية لها للعيش والتكاثر.
الطوبا وسراق الزيت يقضان مضجع البحارة
وعندما نعود إلى الحديث عن مراكب الصيد يتضح جليا أن ميناء الجديدة يتوفر حاليا على أكثر من 30 مركب صيد نصفها تتوفر فيه الشروط اللازمة للإبحار، أما باقي المراكب هي عبارة عن مزابل حقيقية لا تتوفر على المرافق الصحية (مراحيض) ولا صيدليات دواء للإسعافات الأولية كما أن الأوساخ ضاربة أطنابها في مراكب الصيد، ولا أخفيكم سرا أن معظم البحارة يعانون من هجومات شرسة للطوبا وسراق الزيت نظرا لكون الأزبال بالمراكب تعتبر تربة خصبة لتكاثرها.
ومن المفروض ألا يتعدى عمر المركب 25 سنة بعدها يجب أن يتم تكسيره وتعويضه بمركب جديد يوفر السلامة للعاملين على ظهره، إلا أن مراكب عديدة تستعمل أكثر من 50 سنة دون أن يتم توقيفها من طرف لجان المراقبة.
وإن التساهل مع هذه المراكب كثيرا ما يتسبب في كوارث عديدة تكون خسائرها البشرية فادحة على نحو ما حصل سنة 1985 حين كان انقلب مركب كان يقوده الرايس سيدي العربي عند مدخل ميناء الجرف الأصفر ومات سيدي العربي ومات معه كذلك 10 بحارة لم ينجو منهم إلا الموس وباكو الذي حكى بعد نجاته أنه شاهد رفاقه يصارعون الموت لمدة ساعتين دون أن تصل صيحات استغاثتهم إلى محطة المراقبة بالجرف الأصفر، وكيف غرقوا تباعا الواحد تلو الآخر وكانت آخر كلماتهم تبليغ السلام إلى أبنائهم وعائلاتهم في مشهد مأساوي يتكرر باستمرار.
ومن المهم أن نلاحظ أن شواطئ الجديدة خطيرة في أماكن بحرية معروفة كمكان فوق الموجات عند سيدي الضاوي وفوق الدزيرة عند أزمور وفي الكاب الأبيض عند الجرف الأصفر.
وهي مناطق يتفاداها البحارة بشكل كبير لأن الداخل إليها مولود والخارج منها مفقود، على خلفية أنه في سنة 1986 كانت باخرة فلبينية قادمة من الكامرون انقسمت عند سيدي الضاوي وغرق ركابها وجميع حمولتها من أخشاب الأكاجو وكانت قيمتها آنذاك 4 ملايير سنتيم ذهب بعضها إلى الدفاع الحسني الجديدي.وفي الكثير من الحالات تكون الحالة الميكانيكية للمراكب سببا في حدوث حوادث سير بحرية كما وقع سنة 1981 عند المحمدية حين صدمت باخرة إسبانية محملة بالفوسفاط مركب صيد مغربي وأدى ذلك إلى موت اثنين من البحارة.
وهناك حوادث مصطنعة من طرف بعض الرياس بتواطؤ مع بعض المالكين، لإغراق المركب للحصول على التأمين بعد أن يعمق بالمركب داخل البحر ويرسل رسالة صوتية إلى المراقبين "ماي داي ماي داي"، بمعنى أن المركب يغرق.
ولابد أن أشير هنا إلى أن حقوق البحارة مهضومة لأن الباطرون يحصل على 50% من قيمة حمولة الصيد في حين لا يتقاضى الرايس إلا 5 حصص.
وتجدر الإشارة إلى أن مصالح المراقبة لا تقوم بدورها أحسن قيام فيما يتعلق بمراقبة الكميات المصطادة بمينائي الجديدة والجرف الأصفر، على خلفية أن بعض المراكب تستخرج يوميا 500 صندوق من الأسماك وأن ورقة الخروج لا يدون فيها إلا 150 صندوق، وهي عملية تضيع فيها حقوق الدولة وكذلك حقوق البحارة لأن ما يخصم من واجبات يذهب 20% منها للدولة و6% للضمان الاجتماعي الخاص بالبحارة، وكلما وقع النقص في التصريح بالكميات المصطادة، يضعف معاش الشغيلة البحرية، وذلك يفرض على وزارة الصيد البحري إيفاد لجان مفاجئة تقوم بدور البحث والتقصي.
وكان من المفروض كذلك اقتطاع نسبة من المدخول لبناء نادي البحارة خاصة وأن ميناء الجرف الأصفر يعتبر منطقة خلاء لا يتوفر على أبسط الضروريات التي تلبي حاجيات العاملين بقطاع الصيد البحري.