كشفت النقابة المهنية لتجارة السمك بالجملة ونصف الجملة بميناء الصيد بأكادير عن فضيحة التدهور المستمر الذي يعرفه قطاع تجارة الأسماك عاما بعد عام بميناء أكادير، نتيجة التهريب المستمر لثروات الأسماك وضعف الأجهزة الرقابية لمحاربة هذه الظاهرة من طرف الجهات المعنية، مؤكدة ثبوت تورط عدة عناصر من بعض الجهات المتدخلة بالقطاع في هذا الأمر، بحكم أن هذه العناصر تجد في فوضى التهريب، وسيلة للاغتناء الفاحش على حساب مداخيل وموارد الخزينة العامة للبلاد، و التي تتحدد في 3% للبلدية، و من 1.5 إلى 2.5% للضريبة، ومن 16 إلى 17% للدولة، و أكدت النقابة المهنية في الرسالة التي تتوفر “اكادير24″ على نسخة منها، أن البلدية والدولة لا تستفيد من أي درهم واحد من هذا التهريب، مؤكدة أن ميناء أكادير مازال وتيرته متصاعدة في نهب المال العام والنزيف المتواصل الناتجين عن تهريب الأسماك الغير قانونية، كما أن تجار الأسماك الذين يعملون في إطار القانون لا يجدون ما يشترونه في سوق الجملة إلا السمك الرديء في هذه السنوات الأخيرة، وأما الحوت الجيد فيتم توجيهه إلى مستودعات أو أماكن غير معروفة خارج الميناء. و أكدت النقابة المهنية أن الإدارات المتدخلة في قطاع الصيد البحري تعلم أن شريحة واسعة من تجار السمك بالجملة ونصف الجملة والذين يتاجرون في إطار القانون، في حالة إفلاس دائم، و أن شريحتهم تزداد اتساعا عاما بعد عام، كما أن جلهم تم الحجز على أمواله وممتلكاته وعقاراته التي تتعرض كل مرة وحسب الحالات للبيع عبر المحاكم من أجل استيفاء الديون التي تراكمت على ذمتهم منذ سنوات. و أكدت النقابة نفسها بان هناك من يتحكم في 11 مركبا من مراكب الصيد بالبحر ويتم توجيه حصيلة هذه المراكب المصطادة لصالحه وبمساومات مجحفة في حق أرباب مراكب الصيد والبحارة من بعدهم، حيث أن هذه الأسماك يتم إخراجها بالليل من باب الميناء إلى مستودعات بالخارج، كما أن جزء منها يتم توزيعه بداخل الميناء، باستعمال الهواتف المحمولة في البيع والشراء. و أوضحت النقابة المهنية بأن هناك من الأشخاص من يستحوذ بماله على 4 حتى 6 مراكب الصيد السمك الصناعي مدة طويلة، ويتصرف في منتجاتها البحرية المصطادة بعشرات الأطنان كيفما يشاء بالبيع والشراء أمام أنظار البحارة، وأكثر من المالك. و ذكر بيان النقابة أن السماسرة والوسطاء يروجون الملايير و يتحايلون على مركز انتقاء السمك الصناعي (الكونتوار)، ويحتكرون كل شئ، ويمنعون كل من يشتري معهم من تجار السمك بكل الطرق الغير المشروعة، و يتحايلون على القانون وغالبا بتوافق وتواطؤ بينهم وبعض الموظفين بالإدلاء بتصريحات كاذبة للحصيلة المصطادة، كتقديم حصيلة الصيد الحقيقية ب 30 طنا أو 20 طنا تتحول بالتحايل والتلاعب في كمياتها في الأوراق من 3 إلى 2 طن. من جانب آخر أكدت نفس النقابة بأن هناك نوعا جديدا من الريع يتجلى في تواجد أشخاص غير معروفين في الميناء حيث الفرد الواحد منهم من يتصرف في 30 إلى 40 قارب صيد تقليدي، يطلقون عليه أصحاب “السوينكا”، ولا يستطيع أحد أن يشتري أو يبيع دون إذنهم أو بمشورتهم، و منهم من لا يتوفر حتى على رخصة الولوج إلى الميناء، ورغم ذلك فهؤلاء تجار السوق السوداء تتواطأ معهم جهات مسؤولة من الموظفين من مختلف الإدارات المتدخلة حيث يعطونهم ويعدلون لهم ويمنحون لهم شواهد و فواتير و وصولات ورسوم للأسماك، متسائلين كيف يتوصلون بها؟ وبأي حق؟ ومن يحررها لهم؟ و كيف تدخل الأسماك أو تأتي إلى ميناء أكادير؟ ومن أين؟ وبماذا تخرج من الوثائق؟ وكيف تخرج؟ و أكدت نفس النقابة، أنها طلبت في عدة مناسبات من الإدارات المتدخلة بعدم السماح باستعمال “التاكس” لأنه لم يعد يفي بالمبتغى منه، بل وصار مسوغا من مسوغات التلاعب والحيل التي تصب في التملص من الواجبات المستحقة. من جانب آخر توقف بيان النقابة عند ما يعرفه ميناء أكادير من تواجد العديد من البراريك والمستودعات العشوائية المنتشرة في أرجاء الميناء التي تعمل في تجارة الأسماك، و سجلت هذه النقابة بهذا الشان بأنها لا تتوفر على أوراق قانونية ترخص لها بإيداع الأسماك بداخلها وإعدادها، كما أنها لا تتوفر على المياه الصحية ولا على الكهرباء فضلا عن غياب المرافق الصحية بداخلها. والخطير في الأمر أن هذه المستودعات محفور بداخلها آبار تستخرج منها مياه الحوض المينائي المعروف بتلوث مياهه ومع ذلك تستعملها في تنقية وغسل مختلف الأسماك دون أن تتوفر على ترخيص قانوني، كما يوجد مستودع كبير معروف كان في الأصل وحدة تصنيع الثلج وكان موضوع نزاع قضائي وتم بيعه بعد الحجز عليه عبر المحكمة، واستطاع مالكه الجديد أن يجعل له ثلاث أبواب، وقسمه إلى 70 براكة، وحفر بداخله بئرا لاستخراج مياه الحوض الملوثة لغسل الأسماك بدون رخصة قانونية، وهذه المستودعات يضيف البيان ، لا تتوفر على الأوراق القانونية المرخصة لتنقية وإعادة الأسماك بداخلها، ولا تتوفر على المياه الصالحة للشرب ولا الكهرباء، فضلا عن الربط بشبكة الصرف الصحي (الواد الحار) بداخل الميناء، و في نفس الموضوع هناك العديد من مستودعات الأسماك المنتشرة خارج ميناء أكادير متواجدة وسط السكان تستقبل يوميا كميات هامة من أجود الأسماك سواء القادمة إليها من ميناء أكادير أو عبر “الترانزيت” ما يسمى بسمك العبور القادم من الموانئ الصحراوية المغربية، و طالبت النقابة بهذا الخصوص الجهات المختصة بإعادة النظر في تواجدها وعملها ونشاطها، على اعتبار أنها صارت وكرا من أوكار التهريب الذي يصعب مراقبته وضبطه، كما طالبت بإخراج قانون ينضم هذه المستودعات المتواجدة خارج الموانئ وخارج المراقبة. إلى ذلك، ذكرت النقابة المهنية بأن إدارة واحدة وجهت لها 117 رسالة لكن دون جواب منها يذكر، مؤكدة بأنه كلما وجهت مراسلاتها إلى عدد من الجهات، لا أحد منها يرد إيجابا ورسميا وبكل مسؤولية، بل و تنتقم عصابات ولوبيات التهريب وجيوب المقاومة من رئيس النقابة بأشكال عديدة من التهديدات الخفية والمعلنة، وتمارس عليه ضغوطات من مختلف الجهات.