واصل حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال بتنفيذ برنامج اللقاءات التواصلية مع المواطنين، من خلال رئاسته لمهرجان جماهيري حاشد، نظم أمس السبت 8 يونيو 2013 بمدينة الجديدة. وتميز هذا اللقاء بالخطاب السياسي الهام الذي ألقاه ا الأمين العام للحزب أمام عدد كبير من المواطنين الذين غصت بهم قاعة نجيب النعامي، وهو الخطاب الذي ركز على مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تستأثر بالرأي العام الوطني.
وقد عبر حميد شباط في بداية كلمته عن اعتزازه بالأدوار الطلائعية التي يقوم بها المنتخبون الاستقلاليون، على الصعيدين والمحلي والوطني، من أجل الرقي بالإقليم والجهة ككل والنهوض بأوضاع المواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية، مبرزا أن الحاجة ماسة للمزيد من الكفاح لتحقيق قفزة نوعية في المجال الفلاحي الذي تتميز به الجهة.
وأبرز الأمين العام لحزب الاستقلال أن محطة الجديدة تندرج في إطار استكمال برنامج اللقاءات التواصلية مع المناضلين وعموم المواطنين، والتي كان قرر تنظيمها في مختلف المناطق و الجهات وفي مقدمتها الأقاليم الجنوبية المملكة، مشيرا إلى أن القيادة الجديدة لحزب الاستقلال، فضلت اختيار نضال القرب الذي كان العامل الحاسم في وصولها إلى تحمل المسؤولية النضالية على رأس قيادة حزب مكافح يعتبر ضمير الأمة وصمام أمان الوطن.
وأوضح حميد شباط أن هذه اللقاءات تهتم بالأساس بتقديم المعطيات حول الوضعية الراهنة للمغرب التي تمخضت عن دستور فاتح يوليوز 2011 الذي شكل ثورة هادئة ،والاطلاع على أهم التحولات التي عرفتها المنطقية العربية، والتي كانت بمثابة خريف عربي تسبب في العديد من الكوارث الاقتصادية والاجتماعية وأدى إلى الحرب والاقتتال بين أبناء البلد الواحد مبرزا أن المغرب شكل نموذجا بإصلاحاته الجريئة، وأيضا بعوامل قوته التي تتمثل في تنوعه الثقافي وتعدده السياسي والنقابي وذكاء شعبه .
وتحدث الأمين العام لحزب الاستقلال عن الظروف والسياقات التي أجريت فيها الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر، والتي أفرزت الحكومة الحالية، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال شارك فيها باقتناع كامل، ولكن بشروط يعرفها الجميع، وعلى رأسها الحفاظ على المكتسبات التي تحققت في عهد الحكومة التي قادها حزب الاستقلال والحكومات السابقةالتي شارك فيها، بالإضافة إلى وجود الكثير من العناصر المشتركة بين برنامجي الحزبين الأول والثاني في التحالف الحكومي الحالي، والإيمان بنفس التوجه على مستوى محاربة الفساد والغش والرشوة، والتشبع بنفس المرجعية الإسلامية، مضيفا أن حزب الاستقلال لا يساوم بالحقائب والمنصب أمام المصالح العليا للبلاد.
وأكد حميد شباط أنه بعد مضي حوالي سنة ونصف من العمل الحكومي لاحظ حزب الاستقلال ومعه الشعب المغربي ككل، أن أي شيء مما سبق ذكره لم يتحقق على أرض الواقع، بل إن الأخطر من ذلك هو الإقدام على اتخاذ عدد من القرارات التي تناقض طموحات وانتظارات الشعب المغربي، حيث الزيادة في الأسعار وإثقال كاهل الأسر المغربية بالمزيد من التحملات، عوض الزيادة في الأجور وتحسين مستوى عيش المواطنين، تعريض المعطلين للضرب والجرح، عوض توفير فرص الشغل لفائدتهم، ووصل الأمر برئيس الحكومة إلى التهديد بمغادرة الحكومة في حالة توظيف المعطلين أصحاب محضر 20 يوليوز، في الوقت الذي ظل يردد عندما كان في المعارضة أن الحكومة مطالبة بتوظيف المعطلين المحتجين أمام البرلمان وليس قمعهم من قبل أجهة الأمن، وتنكر رئيس الحكومة للشعب المغربي الذي أوصله إلى السلطة، ونسي أن الدستور الجديد يعطي السيادة للشعب وليس لرئيس الحكومة، وكان من الضروري الالتزام بمضمون الدستور والتحلي بالقيم الإسلامية السمحة التي رسخت مبادئ حقوق الإنسان وحررت المرأة وكرمت الإنسان بشكل عام، وليس ركوب موجة الغرور والمعاندة.
وأضاف شباط أن رئاسة الحكومة تشكو من الكثير من الاختلالات والممارسات التي كانت تنتقدها عندما كانت في المعارضة، ومنها اتخاذ القرارات الانفرادية والتحكم، واعتماد منطق الزبونية والمحسوبية والحزبية الضيقة في إسناد المسؤوليات، وتبرير أزمة صناديق التقاعد بسبب أن المغاربة يعمرون أكثر، وكأنه يريد لهم الموت، وربط إصلاح صندوق المقاصة بالرفع التدريجي للأسعار، ووصل الأمر ممارسة سلوكات غير مألوفة وغير مسبوقة كالخروج في تظاهرة فاتح ماي إلى التظاهر، وأكد الأمين العام لحزب الاستقلال أن الإصلاح الحقيقي لصناديق التقاعد وصندوق المقاصة يقتضي التشاور الواسع مع جميع الفرقاء و البحث عن الحلول والبدائل التي تحافظ على المكتسبات وتقوي القدرة الشرائية والرفع من مستوى عيش الفئات الفقيرة وتوفي الخدمات الصحية والتعليم والسكن اللائق، وليس السعي إلى تفقير الفئات المتوسطة بإثقالها بالمزيد من التحملات والضرائب، مضيفا أن الدعم المالي المباشر الذي تحدث عنه قادة من العدالة والتنمية كانت أهدافه انتخابية محضة أي كسب المزيد من أصوات الناخبين، وليس تحسين أوضاع الفئات الاجتماعية المعوزة التي من المفروض أن يستهدفها نظام المقاصة، مشيرا إلى أن الضرورة تقتضي تحديد الأشخاص المعيين بالدعم ومعايير منح هذا الدعم، الذي يجب ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور المعمول به حاليا، وتنفيذ الشعارات التي تم رفعها خلال الانتخابات، وهي اعتماد الحكامة ومحاربة الريع والتصدي للفساد وأضح شباط أن الخلل واضح جدا، ويتمثل في أن رئيس الحكومة لا يستطيع ولا يريد القيام بالاختصاصات الواسعة التي خولها له الدستور، وهو ما يدعو إلى القلق والخوف، متسائلا عن الأسباب الحقيقيية التي تدفع رئيس الحكومة إلى عدم التقيد بمضمون الدستور، وهو ما يمكن التمثيل له التردد في إخراج القوانين التنظيمية المتعلقة بالانتخابات والجهوية الموسعة والميثاق الجماعي الجديد، وبالرغم من أن وزير الداخلية كان دائما يؤكد، في اجتماعات الأغلبية أن هذا الملف جاهز ويدعو إلى معالجته، مبرزا أن هذه من الأسباب التي جعلته كأمين عام لحزب الاستقلال يدعو إلى تنظيم مناظرة تلفزيونية مع رئيس الحكومة باعتباره أمينا عاما للعدالة والتنمية لتقديم المعطيات والحقائق للشعب المغربي وتمكينه من معرفة من هم العفاريت والتماسيح في هذا الوطن.
وأبرز حميد شباط ،أنه في ظل ما سبق ذكره، حزب الاستقلال بادر إلى اتخاذ عدد من المبادرات، ومنها مذكرة 3 يناير التي تضمنت تشخيصا دقيقا ومقترحات واضحة، من أجل تجاوز حالة الجمود التي تطبع الأداء الحكومي، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال، منذ انتخاب القيادة الجديدة ، ظل ينبه رئاسة الحكومة إلى الأخطار المحدقة ببلادنا، ودعا أكثر من مرة إلى ضرورة الإسراع باتخاذ التدابير الوقائية اللازمة للتصدي للأزمة وتشجيع الاستثمار وضمان الاستقرار وتسريع وثيرة الأوراش الاصلاحية والتنزيل السليم لمقتضيات الدستور، وهو ما ظهر خلال مناقشة مشروع القانون المالي لسنة 2012، وتم التأكيد على الأمر نفسه، خلال مناقشة مشروع القانون المالي لسنة 2013، إلا أن رئاسة التحالف الحكومي، كانت دائما تتهرب من معالجة الأمور في إطار الحوار، وتدعي أن حزب الاستقلال يشوش على التجربة الحكومية ولا يريد إنجاحها، علما بأن حزب الاستقلال هو الذي يشكل القوة الأولى على صعيد المؤسسة التشريعية، حيث كانت الضرورة تقتضي الأخذ بعين الاعتبار مواقفه ومقترحاته، في الاتجاه الذي يساهم في نجاح التجربة المغربية وتعزيز المكتسبات التي تراكمت بفعل النضال الذي خاضته القوى الوطنية طيلة العقود الماضية، وقد ظهر فعلا أن حزب الاستقلال كان على صواب في مختلف الموافق التي سبق أن عبر عنها بخصوص الأزمة، بدليل أن الحكومة بعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على المذكرة التي قدمها الحزب لرئاسة الأغلبية، استيقظت من سباتها واعترفت بوجود أزمة، والتي كانت طبيعية جدا باعتبار أن رئاسة الحكومة، فتحت الخصومة مع جبهات متعددة، مع الاتحاد العام للمقاولات، ومع أحزاب المعارضة من خلال إقصائها من التشاور والحوار، ومع المعطلين الذين يطالبون بحقهم في الشغل والعيش الكريم، ومع النقابات التي تطالب بالحوار الاجتماعي، ومع الشعب المغربي عبر إثقال كاهله بالزيادة في أسعار المحروقات، التي كانت لها انعكاسات سلبية على جميع المواد الغذائية وعلى وسائل النقل، على عكس الحكومة السابقة، التي تدعي رئاسة الحكومة أنها مسؤولة عن الأزمة الحالية، في حين أنها هي التي تصدت للأزمة عبر الإجراءات الوقائية، و فتحت الحوار الاجتماعي مع النقابات، وبادرت إلى الزيادة في الأجور واتخذت التدابير اللازمة من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما ساهم فعلا في ضمان استقرار البلد وتوفير الأمن والسلامة للمواطنين، كما أن إنجازات الحكومة السابقة هي التي مهدت الطريق للحكومة الحالية من خلال الانتخابات الديمقراطية التي شهد الجميع بنزاهتها.
وأبرز حميد شباط أن العوامل والأسباب المذكورة كانت، كافية لكي يتخذ المجلس الوطني للحزب قرار الانسحاب من الحكومة ، ليتحمل الإخوان كامل المسؤولية في تدبيرهم للشأن الحكومي بعيدا عن مبررات التشويش والعفاريث والتماسيح، مشيرا إلى أن هذا القرار كان صعبا، رجحت فيه المصلحة العامة للبلاد على عكس اتخاذ قرار المشاركة في الحكومة الذي تكون فيه المصالح الذاتية هي الغالبة، مؤكدا أن أصل الخلاف داخل الحكومة وبالضبط مع رئاسة الحكومة وليس مع العدالة والتنمية، موضحا أن حزب الاستقلال يمد يده لجميع الأحزاب الوطنية الجادة التي يهمها استقرار المغرب وضمان تنميته الاقتصادية والاجتماعية، ولكنه لن يتردد في التصدي بكل حزم للتوجهات والأشخاص المتطرفين، الذين يريدون إغراق البلد في المجهول، وفضح كل من يشكك في موضوع الوحدة الترابية ويسترخص المطالبة باسترجاع الأراضي المغربية المغتصبة من قبل الغطرسة العسكرية المتحكمة في رقاب الإخوان في الشقيقة الجزائر ومواجهة العابثين الذين لا يتقون الله في هذا الوطن الذي بناه الأسلاف والأجداد والآباء منذ قرون عديدة، مضيفا أن حزب الاستقلال متشبث بإسلام الاعتدال والوسطية، الإسلام الذي يحرص على العدالة الاجتماعية وينبذ الإرهاب والتطرف، داعيا إلى فتح حوار وطني جاد ومعقول من أجل إخراج البلاد الأزمة، والعمل على إرجاع أمجادها التاريخية والحضارية والثقافية والدينية، مشددا على ضرورة حماية الاستقرار الذي ينعم به المغاربة، على عكس ما يحصل الآن في بلدان عربية أخرى أصبح من المستحيل أن تعقد فيها تجمعات جماهيرية دون حصول مواجهات دموية.
وأكد الأمين العام لحزب الاستقلال في ختام كلمته، على أهمية التواصل مع المناضلين والمواطنين، مع الحرص على اعتماد الشفافية وتقديم المعطيات الحقيقية حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والإنصات لجميع المناضلين والمنتخبين الاستقلاليين من أجل بلورة الإجابات الصحيحة للإشكالات المطروحة، وليس بيع الوهم للمواطنين كما يفعل الآخرون، مبرزا أن حزب الاستقلال سيظل مكافحا من أجل العدالة الاجتماعية والعيش الكريم، متجاوبا مع انشغالات الشعب المغربي، ومواكبا للتحولات التي يشهدها العالم في مختلف المجالات.