لا يكاد سوق الحمراء الأسبوعي الذي ينعقد كل يوم أحد بمدينة الجديدة يفرغ من رواده مساء، حتى يمتلأ من جديد بزوار جدد، فمع مغادرة ساحة السوق من طرف باعة الخضر والدواجن والأسماك وغيرهم ، تتراءى أفواج من رؤوس الماشية وقطعان الكلاب والحمير وهي تتحرك بمعية أصحابها لتلج المكان الذي تعودوا عليه وتعود عليهم من كثرة ترددهم عليه. وتظهر في الأفق أسراب كبيرة من النوارس وهي تحلق فوق المنطقة،لتنطلق رحلة تسوق من نوع خاص وسط أكوام الأزبال والنفايات، ولتستمر معاناة ساكنة الأحياء المجاورة مع الروائح الكريهة والحشرات السامة، خاصة بعد فشل الجهات المختصة في ايجاد حل لما يخلفه انعقاد هذا السوق من أضرار لا توصف بقاطني الأحياء القريبة منه.
إلى ذلك كان عدد من سكان أحياء النجد والسلام المحادية لسوق الحمراء الأسبوعي بالجديدة عبروا عن استيائهم العميق جراء الضرر الكبير الذي لحقهم منذ نقل السوق من مكانه القديم بالقرب من السجن المحلي سيدي موسى، وذلك على خلفية ما يتسبب فيه من معاناة يومية جراء ترك الأزبال المتراكمة بأرضية السوق خصوصا منها تلك التي يتركها باعة الدجاج وراءهم، والتي أصبحت تشكل خطرا على الساكنة بعد أن اتسعت رقعتها وفاحت روائحها، دون أن تظهر أية بوادر لمحاصرة المشكل من طرف المسؤولين بتنظيف هذه المنطقة بشكل كامل مباشرة بعد فراغ السوق من مرتاديه، بدل ترك هذه المهمة للمواشي والطيور التي باتت تقوم مقام عاملي النظافة بتخفيفها من حدة تراكم كميات النفايات.
و اعتبر عدد من سكان العمارات المواجهة لساحة السوق وكذا قاطني التجزئات القريبة منه، أنهم باتوا مجبرين على معايشة أوضاع غريبة خصوصا يوم انعقاد السوق الأسبوعي،حيث تغلق كل منافذ أبواب العمارات والمنازل والأزقة المؤدية إلى هذه الأحياء بالسيارات، كما يجد السكان أنفسهم مجبرين على الإستيقاظ في الساعات الأولى ليوم الأحد بفعل ضوضاء أبواق الباعة والشاحنات التي أرقت السكان وقضت مضجعهم،ما جعل عددا كبيرا منهم يفكرون في بيع شققهم ومنازلهم التي لم يستقروا بها في غالب الأحيان لأكثر من سنة أو سنتين على اعتبار حداثة أحيائهم.
هذا وأضاف احد السكان الغاضبين أنه كان على المسؤولين عن الشأن المحلي بالمدينة دراسة كافة الأضرار الممكنة قبل تحديد مكان انعقاد السوق في المكان المذكور، خصوصا وأن كميات الأزبال تزداد بشكل كبير، ولا تجد من يحد من انتشارها في ظل تمركز جهود عمال النظافة على هوامش السوق، فيما لا تراوح الأزبال التي يخلفها باعة الدجاج مكانها رغم كونها الأكثر أدى من بين بقية أنواع النفايات الأخرى، حيث أن تراكمها يعد مبعثا لكافة أنواع الحشرات والروائح الكريهة، ما يمنع وصول عمال النظافة إليها خصوصا وأنهم يعملون دون التوفر على وسائل تقيهم من أضرارها أو تساعدهم على التخلص منها، الأمر الذي تسبب بحسبهم في ظهور حالات مرضية متعلقة بالحساسية والجهاز التنفسي، سيما وأن هذه الروائح تشتد حدتها ليلا وأثناء هبوب رياح الشرقي ما يجعلهم غير قادرين على التنفس، فيما اضطرتهم أسراب الحشرات الضارة إلى وضع شبابيك واقية على نوافذهم للحيلولة دون ولوجها إلى منازلهم وامتصاص دماء صغارهم دون رحمة.