شهد فضاء مدرج المختار السوسي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية القاضي عياض بمراكش يوم 11 ماي 2024، على الساعة الرابعة بعد الزوال مناقشة أطروحة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسة تقدم بها الطالب الباحث سيدي محمد العلوي في موضوع "النخبة السياسية بجهة العيون الساقية الحمراء محددات الانتاج والدور السياسي "، و قد إشراف الدكتور محمد بنطلحة الدكالي على تأطير هاته الاطروحة ، و تمت المناقشة أمام لجنة مكونة من السادة الأساتذة: الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي ، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية أكدال، رئيسا، الدكتور محمد الغالي ، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية القاضي عياض مراكش عضوا، الدكتور مولاي إبراهيم كومغار ،أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكادير مقررا و عضوا والدكتور محمد العابدة ، أستاذ مؤهل بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية مراكش مقررا و عضوا والدكتور عمر احرشان، أستاذ مؤهل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش مقررا وعضوا. و بعد مناقشة الاطروحة ، قررت اللجنة منح الطالب الباحث درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا مع التوصية بالنشر. و تعتبر هاته الاطروحة عملا علميا يشكل إضافة علمية في دراسة النخبة السياسية الصحراوية و ما تشكله اليوم من رهان حقيقي ضمن مسلسل التدبير السياسي و التنموي التي تعرفه جهات الأقاليم الجنوبية عامة و جهة العيون الساقية الحمراء خاصة و قد عرفت اطوار المناقشة نقاشا علميا مستفيضا حول محددات الإنتاج و الأدوار السياسية التي تلعبها النخبة السياسية في اطار الدفاع عن مغربية الصحراء و انخراطها وراء الاستراتيجية الملكية الهادفة الى الارتقاء التنموي بهاته الربوع الغالية و انهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ودحض مغالطات خصوم المغرب حول وحدته الترابي. وفي كلمة الباحث المرشح لتقديم تقريره حول مشروع أطروحته المعنونة بالنخبة السياسية بجهة الساقية الحمراء محددات الانتاج و الدور السياسي ابرز اهمية دراسة النخبة السياسية الصحراوية المنتمية لجهة الساقية الحمراء و التي تشكل جزءا من فسيفساء النخبة المغربية و التي برهنت عبر التاريخ السياسي للجهة محل الدراسة عن تشبتها بمغربتيها و دفاعها بكل و سائلها من اجل تكريس ذلك الارتباط ببن مجال الساقية الحمراء و السلطة المركزية كما ابرز ان موضوع دراسة النخبة السياسية بجهة العيون الساقية الحمراء له أهمية خاصة باعتباره موضوعا مهما ، ذو راهينية متجددة ، زيادة على المكانة التي أصبحت تحتلها الجهة و نخبها السياسية في السنوات الأخيرة و ما خص بها الاهتمام الملكي من مكانة متميزة خاصة في افق مسار الجهوية السياسية حيث ستكون البوابة نحو تفعيل و تنزيل هذا الورش السياسي الهام لتكون انموذجا لباقي جهات المملكة، و يسعى البحث الى تحقيق عدد من الأهداف أهمها: 1. الكشف عن محددات انتاج النخبة السياسية بجهة الساقية الحمراء و الأسس التي تساهم في افرازها و تشكيلها. 2. تحديد الأصول والخلفيات الاجتماعية والسياسية لهاته النخبة 3. تفكيك الادور التي تقوم بها من خلال مؤسسات الدولة الحديثة ضمن مجتمع يطبع ذهنية افراده ومخيالهم السياسي منطق القبيلة بما يحبل به من ارث وضوابط تقليدية. ان موضوع الدراسة ارتكز على الإشكالية الرئيسية التالية : هل هناك محدد واحد ام هناك محددات لإنتاج النخبة السياسية وما خصائصها واية أدوار تؤديها هاته النخبة بجهة العيون الساقية الحمراء؟ وتستحضر هذه الإشكالية المركزية تساؤلات فرعية: اي تأثير للبنية القبلية على إنتاج النخبة السياسية بجهة العيون الساقية الحمراء؟ وهل دور الدولة محوري ومركزي في تشكل النخبة السياسية؟ ما خلفيات هاته النخبة وأي تجدد تعرفه ام ان سمة الثبات والجمود هي السمة الغالبة؟ وهل تعرف صراعا وتنافسا في مجالات اشتغالها ام تعرف تجانسا وتوافقا . اية أدوار تلعبها النخبة السياسية في الوساطة السياسية والتمثيلية؟ وأي موقع وأدوار للنخبة السياسية في مبادرة الحكم الذاتي الذاتي التي تعتبر اول معنيي به؟ وفي إطار تفكيك وتحليل إشكالية الدراسة اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي تعاضده مناهج أخرى كالمنهج التاريخي والمنهج الإحصائي والمنهج المقارن . ولمعالجة الإشكالية المحورية للموضوع قسمت الدراسة وفق التصميم الاتي: مقدمة ثم قسمين و خاتمة عامة. و قد تناولت الدراسة محددات إنتاج النخبة السياسية بجهة العيون الساقية الحمراء كجزء من النخبة الصحراوية خاصة وكطيف من أطياف فسيفساء النخبة السياسية المغربية والتي عرفت من خلال مساراتها السياسية والمرتبطة بالتاريخ السياسي للمنطقة الصحراوية محددات وأسس ساهمت في تشكلها وبروزها كقشدة لتسيير دواليب المجتمع المحلي حيث انتقلت من البنية القبلية التقليدية إلى محددات مؤسساتية ارستها الدولة بعد استرجاع الصحراء المغربية وعودة هذا الجزء من الاراضي المغربية الذي بتر فترة من الزمن وقد أحاطت الدراسة بالمقاربات النظرية لمفهوم القبيلة ثم الإحاطة بالمجتمع الصحراوي الذي تميز فترة السيبة بسيادة النمط القبلي مما يجعله يدخل ضمن خانة المجتمعات التقليدية المسيجة بالبنية القبلية التقليدية التي اطرت ونظمت حياة الأفراد و التي حددت مرتكزات ولوج الزعامة القبلية ،ليهمن النظام الكولينالي بعد ذلك مؤسسا نهجه على نفس البناءات التقليدية التي تنتج الزعامات التقليدية مدخلا عليها لمسة متعثرة من المأسسة من خلال اشراكها في البنيات الحديثة للدولة الاسبانية رغم ان هاته النخبة ظلت متشبتة بمغربيتها و بولائها للسلاطين المغاربة ، اذ رغم فصل الاستعمار لهذا الجزء من الدولة الا ان الارتباط الديني الذي يرتكز على البيعة ظل مستمرا بين القبائل المغربية و السلاطين المغاربة وهو ما ترجمته النخبة السياسية التي حاول المستعمر تدجينها بيد انه فشل في ذلك و باسترجاع مجال الساقية الحمراء و عودته الى الوطن الام و تقديم البيعة من طرف زعماء القبائل الصحراوية تم ادماج جهة الساقية الحمراء في النظام السياسي والتقطيع الإداري المغربي و تم تبعا لذلك تأسيس شروط ومحددات إنتاج النخبة السياسية المسيرة والمدبرة لكل الشؤون المحلية والوطنية وفقا لمحددات مؤسساتية نقلت الارتباط بالهوية من القبيلة الى الارتباط بالهوية الوطنية و مؤسسات الدولة . وقد اعتمدت الدولة في إطار بدايات تشكيل النخبة السياسية على النخبة التقليدية على اعتبار أنها نخبة متجذرة في المجتمع المحلي ساهمت إلى جانب البنية الإدارية في تكريس مغربية الصحراء من خلال البيعة التي قدمها امام جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني المرحوم خطري ولد الجماني وهو يمثل جيل الشيوخ اي فئة المسنين ثم البيعة التي قدمها السيد خليهنا ولد الرشيد وهو يمثل فئة الشباب و تلعب النخبة السياسية بجهة الساقية الحمراء كجزء من النخبة السياسية المغربية داخل مجتمعها المحلي أدوارا سياسية مهمة ، تتحدد بين التمثيلية والوساطة في تدبير الشأن المحلي وقنوات الربط بين السلطة السياسية والمجتمع المحلي . و قد انكبت هاته النخبة السياسية من شيوخ تحديد الهوية و نخبة المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ثم النخبة الجهوية المنتخبة على المشاركة الفعالة في تاييد مغربية الصحراء و القطع مع ما تدعيه الجبهة الانفصالية من مغالطات ، و التأكيد على الأهمية الكبيرة لمقترح مبادرة الحكم الذاتي مستحضرة في مرجعياتها الخطب الملكية ومسار النزاع المفتعل في الصحراء المغربية . و من نتائج الدراسة ان النخبة السياسية عرفت تحولات جوهرية على مستوى تشكيلها وانتاجها وعلى مستوى أدوارها و وظائفها، ارتبطت بالسياقات السياسية التي عاشتها جهة الساقية الحمراء . وقد شكل استرجاع الصحراء قفزة نوعية في تشكيل النخبة السياسية بجهة الساقية الحمراء اذ ستتأسس محددات مؤسساتية لانتاج النخبة ستقطع مع القبيلة ومنطقها، و ستترتبط بالدوائر الترابية و بالانتخابات الدورية الجهوية و البرلمانية و وفق مفهوم المواطنة و ما تضمنه من حقوق سياسية تسمح للافراد بولوج الأحزاب السياسية التي يرونها تتوافق و معتقداتهم و آرائهم السياسية . و تتشكل النخبة السياسية بجهة العيون الساقية الحمراء من نخبة تختلف وفق خلفياتها و مساراتها التاريخية و السياسية و الاجتماعية اذ على مستوى القبلي اذ نجد هيمنة نخبة بعض المكونات القبلية دون اخرى على المجالس المتتخبة ، اما على مستوى الأحزاب السياسية نجد هيمنة النخبة المنتمية لحزب الاستقلال ثم نخبة حزب التجمع الوطني للاحرار ثم نخبة حزب الاصالة المعاصرة لتأتي باقي الأحزاب السياسية الاتحاد الدستوري و جبهة القوى الديمقراطية و حزب التقدم و الاشتراكية و الاتحاد الاشتراكي . فالنخب الحزبية لا يمكن أن نموقعها في خانة واحدة اذ هناك تفاوتا ملحوظا في تعامل الأحزاب السياسية مع مسألة استقطاب وإنتاج النخب. اما على مستوى العمر يشكل المسنون اكبر فئة مهيمنة على المقاعد البرلمانية الممثلة للجهة و كذا الجماعات الحضرية بخلاف المجلس الجهوي الذي يعرف تشبيبا لا على مستوى الرئاسة او على مستوى الأعضاء ، وهو ما يعتبر برهانا حقيقيا على الارتفاع الكبير لنسبة الفئة الشابة و فئة النساء في جل الاستحقاقات الجهوية و التشريعية و التنافس من اجل وصول الى المناصب العليا في المؤسسات الدستورية للدولة وهو ما يؤكد بالحجة و الدليل الملموس توفر المناخ السياسي و خصوصا الجانب المتعلق بالكفاءات و الطاقات البشرية ذات التجربة السياسية في تدبير و تسيير المؤسسات السياسية لتنزيل المبادرة المغربية للحكم الذاتي بشكل سلس على ارض الواقع متجاوز ة كل معيقات الاجراءة و التنزيل . كما مكن ولوج نساء الجهة لمؤسسة البرلمان من تمتين دور المرأة سياسيا و انتقالها من التصويت الى الممارسة السياسية على المستوى المجالس المحلية والبرلمان . و قد تمكنت الدولة من جعل النخبة الاعيانية مرافقة لها في مسألة الوحدة الوطنية، وحضورها يكون لاجل تحقيق الإجماع الضروري بهدف إشراكها في القرار، ذلك ان استراتيجية الدولة كانت تهدف إلى إنتاج نخبة صحراوية فاعلة في صناعة القرار. وهو ما أسس للانخراط الناجح للنخبة السياسية في البناء التنموي والمشاريع الكبرى بالجهة التي أسس لها ملك البلاد و التي تشكل احدى الارضيات و الأسس المحورية والواقعية في بناء وتهيئة المناخ والبيئة السياسيين علاوة على الإرادة السياسية الجادة لتنزيل مقتضيات المبادرة المغربية للحكم الذاتي. كما ان انفتاح المراكز البحثية على جهة العيون الساقية الحمراء و الجهات الأخرى للأقاليم الجنوبية عامة شكل حلقة اساسية في تكوين و تدريب النخبة السياسية على الترافع عن الوحدة الترابية و دعم المنطق الحجاجي لهاته النخبة و الاستفادة من الخبرات و المهارات التي توفرها تلك المراكز الفكرية على غرار مركز الدراسات و الأبحاث حول الصحراء التابع لجامعة القاصي عياض و الذي يترأسه الدكتور محمد بنطلحة الدكالي و المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية و التحليل الأمني الذي يترأسه الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي.