ولد الرشيد يجري مباحثات مع وفد عن الجمعية العامة للبرلمان الأنديني    القمة العالمية الثالثة للإعاقة.. بن يحيى تتباحث مع كاتبة الدولة الألمانية المكلفة بالتعاون الاقتصادي والتنمية    رقم معاملات المكتب الوطني للمطارات يتجاوز 5,4 مليار درهم    أسعار البصل والفلفل تلتهب وبرلماني يطالب بتدخل حكومي عاجل    نهضة بركان يعود بفوز ثمين من ملعب مضيفه أسيك ميموزا    برشلونة يحجز مقعده في نهائي كأس الملك    هونغبو يثمن اعتماد قانون الإضراب    ترامب يعد بفرض "رسوم متبادلة"    المغرب يصدر سندات اقتراض دولية بملياري أورو    فاس.. أزيد من 140 مليون درهم لتعزيز نظام المراقبة بالفيديو    فوضى دراجات "Sanya" بطنجة تعيد إلى الواجهة مطالب التدخل الحازم للسلطات    حوض مائي فلاحي يبتلع طفلا    أكثر من 340 مهاجراً يتسللون إلى سبتة حتى نهاية مارس    إنجاز استراتيجي ل"أكديطال" بالعيون    خمس نقابات تعليمية تراسل برادة    نتنياهو: الجيش الإسرائيلي يجزئ غزة    أمريكا تعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط    أداء سلبي في تداولات البورصة    استشهاد عسكريين مغربيين خلال مطاردة مهربي مخدرات على الحدود    مهرجان كان السينمائي.. الإعلان عن مشاريع الأفلام المنتقاة للمشاركة في ورشة الإنتاج المشترك المغرب -فرنسا    حوض سبو.. نسبة ملء السدود تناهز 52 في المائة        "الكورفاتشي" تستنكر سوء المعاملة في مباراة بيراميدز        شراكة بين "Boluda Towage France" و"مرسى المغرب" لإدارة خدمات القطر بميناء الناظور غرب المتوسط لمدة 20 عامًا        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    إطلاق دراستين جديدتين والكشف عن معطيات جديدة بخصوص نفق المغرب وإسبانيا    السعودية تدين اقتحام بن غفير للأقصى    غياب شروط العلاج والظروف غير الملائمة للتكوين تدفع طلبة طب الأسنان بالبيضاء إلى مواصلة الإضراب        الخطوط الملكية المغربية تطرد طيارا أجنبيا بعد تصرف مستفز    دراسة: استخدام المضادات الحيوية في تربية المواشي قد يزيد بنسبة 3% خلال 20 عاما (دراسة)    وزارة الشباب والثقافة والتواصل واليونسكو تطلقان برنامج "مختبرات الشباب"    بعد إعادة انتخاب مكتب جديد انتخاب لحسن بلاج عن الاتحاد الاشتراكي رئيسا لمجموعة الجماعات الترابية التضامن السوسية بالإجماع    كأس الكونفدرالية.. نهضة بركان يواجه أسيك ميموزا اليوم الأربعاء بقميص خالٍ من خريطة المغرب    بسبب تأجج عطائه …اشرف حكيمي مرشح لنيل جائزة مارك فيفيان فوي    مجزرة جديدة في مخيم جباليا.. إسرائيل تستهدف عيادة "للأونروا" ومناطق أخرى في غزة    ثورة العقل النقدي العربي.. بقلم // محمد بوفتاس    "تهديدات تثير القلق".. قضية مارين لوبان تفجر نقاشا سياسيا ساخنا حول القضاء في فرنسا    المغاربة يطالبون بالعودة إلى توقيت غرينيتش والعدول عن الساعة الإضافية    مالي تنفي مزاعم الجزائر بشأن إسقاط مسيّرة مسلحة    بعد يومين من اتصال ماكرون وتبون.. صنصال يستأنف الحكم ومحاميه يطالب ب"بادرة إنسانية"    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    صلاح الدين بنعريم يستهل رحلة طويلة بالدراجة على طول 24 ألف كيلومتر من أوشوايا إلى ألاسكا    وزارة الشؤون الداخلية للدول    قناة فرنسية تسلط الضوء على تحولات طنجة التي حولتها لوجهة عالمية    وفاة أيقونة هوليوود فال كيلمر عن عمر يناهر 65 عاماً    إليوت بنشيتريت ويونس العلمي لعروسي يغادران جائزة الحسن الثاني للتنس مبكرا    إفران تحتضن الدورة السابعة من مهرجان الأخوين للفيلم القصير    بلجيكا تشدد إجراءات الوقاية بعد رصد سلالة حصبة مغربية ببروكسيل    السلطات البلجيكية تشدد تدابير الوقاية بسبب سلالة "بوحمرون" مغربية ببروكسيل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    القهوة في خطر.. هل نشرب مشروبًا آخر دون أن ندري؟    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الاعتدال والتطرف
نشر في الجديدة 24 يوم 01 - 11 - 2020

لقد أصبح من الواضح للعيان أن الدول الغربية الرأسمالية التي تسيطر على مفاصل النظام العالمي خصوصا في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية باتت تدرك أن ريادتها للعالم متجهة نحو الاضمحلال والأفول. ورغم أنها تعيش اليوم في عز قوتها وهيمنتها على العالم الذي أوصلته بجشعها إلى أزمات كبرى إلا أنها لا تعرف اليوم كيف تعالجها وعجزت كليا عن تخطي كل هذه المآزق الكثيرة، مما خلف تدمرا لدى مختلف شعوب العالم الذين لم يعودوا يثقون في هذه الدول ويحاولون بمختل الوسائل الانتفاضة والثورة ضدها.
وفي الوقت نفسه باتوا يدركون أن الإسلام هو الوريث الحقيقي المنتظر والمنافس الوحيد لحضارتهم وأنه بدأ يستجمع قواه بعد تقهقر كبير نتيجة ضربات متوالية وقوية تلقاها من أعداه الداخلين والخارجيين. وهم يعلمون جيدا مدى قوته وصلابته وقدرته على الصراع في حال استنهض من جديد، كما أنهم يعرفون أن قيمه ومبادئه تشكل النقيض تماما لما يمارسونه ويدعون له، مما خلق لهم قناعة راسخة أن الإسلام يشكل خطرا كبيرا على أنظمتهم المبنية على الظلم ونهب ثروات الشعوب المستضعفة، وأن قوتهم تكمن فقط في ضعف واستكانة غيرهم.
وهذا ما يفسر هذه الحملة الشعواء على المسلمين في كل بقاع العالم سواء كانوا دولا أو أغلبية أو أقليات، وكذلك على مقدساتهم ورموزهم الدينية وعلى رأسها النبي محمد، وكل هذا العداء الذي يكنه الأعداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لذاته طبعا وإنما لمشروع الرسالة التي حملها وبلغها ونافح عنها والتي لازالت قائمة إلى يومنا هذا. وهذا ليس بأمر جديد فمنذ أن كلف صلى الله عليه وسلم بالرسالة وشرع في نشرها بين الناس بدأ يتعرض هو وأتباعه لمختلف صور الاستهزاء والاضطهاد والإساءة.
وقد تطورت كثيرا وخصوصا في الآونة الأخيرة مظاهر الإساءة للإسلام والمسلمين وخصوصا لشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغرب بسبب بروز اليمين المتطرف من جديد لأسباب متعددة، رغم أن هناك شهادات كثيرة لباحثين ومفكرين ومثقفين غربيين أنفسهم تشيد بأخلاق وسيرة النبي محمد وتطمأن العالم من مشروعه النبيل, وكما يقول مايكل هارت في كتابه "الخالدون مئة" ص13، وقد جعل على رأس المئة سيدَنا محمدا صلى الله عليه وسلم, يقول: "لقد اخترت محمدا في أول هذه القائمة... لأن محمدا عليه السلام هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحاً مطلقاً على المستوى الديني والدنيوي, وهو قد دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات، وأصبح قائداً سياسياً وعسكرياً ودينياً، وبعد 13 سنة من وفاته، فإن أثر محمد عليه السلام ما يزال قوياً متجدداً".
وبما أن مقام الرسول صلى الله عليه وسلم وشخصه يعتبر خطا أحمرا عند أي مسلم، فمن الطبيعي أن يهب المسلمون للدفاع عن رسولهم ونبيّهم صلى الله عليه وسلم بكل الطرق والوسائل المشروعة في حدود الاستطاعة قولاً وفعلاً، وأدناها بالقلب، وإن كان الله تعالى قد تكفل بالدفاع عن نبيه ورسوله وحبيبه صلى الله عليه وسلم حيث قال عز وجل {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ}، فإن واجب النصرة في الدين يحتم علينا أن نهب لذود عنه وعن أمته لأن نصرته ومحبته من كمال الإيمان ومن علامات الفلاح كما قال الله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وقد انبهر العالم بأسره لهذا التعبير القوي للمسلمين جميعا وكل هذا الطوفان الهائل من مشاعر المحبة والولاء وتعلق المسلمين بجناب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل قاطع على أن الأمة لازالت بخير رغم كل حملات التغريب والتجهيل التي تعرض لها أبناءها لمدة طويلة وبأساليب مختلفة.
وللأسف رغم كل هذا فقد تعالت أصوات شاذة من داخل صفوف الأمة تدعو المسلمين للصمت والاستكانة والرضوخ للأمر الواقع أمام كل ما نرى من حملات ممنهجة تعرض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لإساءات متعددة ومتكررة بحجة ضعفنا أمام باقي الأمم و أن الله عز وجل قد تكلف بنصرته فلا داعي أن نتحرك نحن في هذه المرحلة لنصرته أخذا بقاعدة جلب المصالح و دفع المفاسد وهذا لعمرو قمة الضعف والذل والهوان لأن التخلي عن نصرته يعتبر خذلانا لله ورسوله و دليل على ضعف الإيمان كما أن الذود والمنافحة عنه شرف ورفعة وعزة و سبب في تأييد الله لعباده, فعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: ( إن روح القدس لا يزال يؤيدك ، ما نافحت عن الله ورسوله ) رواه مسلم .
لكن هذا لا يعني بتاتا أن النصرة تكون برد الإساءة بالإساءة أو استعمال العنف أو وسائل لا أخلاقية بعيدة عن القيم والمبادئ التي كان يدعو لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث قال: (إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه)، أخرجه مسلم. وللأسف الشديد فقد رأينا خلال هذه الأزمة ما يندمل له القلب من تصرفات شاذة لبعض المسلمين بحجة الدفاع عن المقدسات والتي تدل على جهلهم بحكمة الرسالة المحمدية ومعرفة كنهها.
فلتبسيط الأمر هناك وسائل كثيرة ومتعددة فردية وجماعية يمكننا أن ننصر بها ديننا وأمتنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بطرق سليمة ومشروعة وشرعية مؤطرة بقاعدة (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) حتى لا يقع مؤمن في حرج فكل واحد يساهم على قدر وسعه بشكل تكاملي وتجميعي.
ومن بين بعض الوسائل المتاحة والفعالة المقترحة على المستوى الفردي والجماعي لنصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
أولها التعرف على سيرته ودراسة هديه ومعرفة مقامه وكنه رسالته واستخلاص ما تضمّنته من حكم وأخلاق لتكون نبراسا لنا في طريق التأسي والاقتداء به صلى الله عليه وسلم في كل الأحوال والأقوال والأعمال ففاقد الشيء لا يعطيه. مع الحث والتحفيز على كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فرادى وجماعات ونشر معاني محبته وغرسها في القلوب. مع الحرص الشديد على تربية الأبناء تربية سليمة متوازنة مبنية على محبة الله ورسوله لأنهم جيل المستقبل ومن سيرسمون حال الأمة في المستقبل القريب.
وكذلك العمل على تفنيد الأباطيل والشبهات المثارة حول شخصه الكريم من طرف المغرضين وتصحيح المفاهيم عبر كتابات ومطويات وبحوث ومقالات علمية وتدوينات في وسائل التواصل الاجتماعي وأيضا بإعداد مواد إعلامية متنوعة بلغات العالم المختلفة تخدم كل هذه الأهداف لإيصال الحقائق حول الرسالة المحمدية لغير المسلمين كذلك.
ومن بينها أيضا عقد الندوات والمحاضرات والأسابيع الثقافية التي تعرف بالمشروع الرسالي لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا نغفل أبدا الجانب الاحتجاجي والتعبير عن رفضنا لهاته السلوكات الاستفزازية المشينة بكل الوسائل الحضارية من إصدار بيانات وبلاغات استنكارية وتنظيم وقفات ومسيرات وتظاهرات منددة ومهرجانات خطابية تحمل رسائل قوية، ولا نحتقر ما تقوم به كل هذه الأعمال من ضغط على الدول المحتضنة للمسيئين ومن إحراج للأنظمة المستكينة التي من المفروض أن تكون في طليعة المدافعين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن وللأسف أصبح أغلبها يقوم فقط بدور الدرع الواقي للأنظمة الغربية.
كما أن هناك عدة وسائل فنية يمكننا أن ننافح بها عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أشعار ومسرحيات وأفلام وأناشيد وقصص مصورة... وقدوتنا في هذا الشأن الصحابي الجليل حسان ابن ثابت الذي كان يرد على المشركين هجاءهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأبيات شعرية رائعة لا زالت مخلدة في كتب السيرة إلى يومنا هذا ونال بذلك بشائر عظيمة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويمكن لأبناء الأمة على مستوى الحقوقي برفع دعاوى دولية ضد من سولت له نفسه المساس المقدسات الإسلامية وذلك باستثمار القوانين المعمول بها دوليا رغم قلتها وانحيازها إلى جانب التنظيمات العنصرية المعادية لقيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
فهذه تبقى مجرد أمثلة ومقترحات وغيرها كثير تستعمل حسب الظروف والإمكانيات، لتظهر لنا عمليا أنه يمكننا الاستجابة لنداء نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بوسائل كثيرة ومتنوعة ومشروعة كل حسب قدرته واستطاعته وظروفه، بعيدا عما يقوم به بعض المتشددين من أعمال تسيء للإسلام والمسلمين وبعيدة كل البعد عن قيم ومبادئ وأخلاق نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه مما يعطي نتائج عكسية تنعكس سلبا على عموم المسلمين وخصوصا على الأقليات المسلمة التي تعيش في الدول الغربية.
محمد العربي النجار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.