نشرة انذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800م    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة.. الملك يدعو للخروج بخارطة طريق واضحة المعالم ومتوافق بشأنها تتيح اعتماد توجهات استراتيجية للمرحلة القادمة    7250 سوريّا عادوا إلى بلدهم عبر الحدود الأردنية منذ سقوط الأسد    رابطة الدوريات ترفض تقليص عدد الأندية    السينغالي مباي نيانغ يعلن رحيله عن الوداد ويودع مكونات الفريق برسالة مؤثرة    جديدة قضية "ولاد الفشوش".. الخطيب يتنازل عن الشكوى والمحامية الفرنسية تصر على موقفها    بعد اعتقالهم من طرف الأمن المغربي.. الولايات المتحدة تبدأ محاكمة تجار مخدرات دوليين    الجمعية العامة الأممية تتبنى القرار المغربي بشأن السياحة المستدامة    وفد دبلوماسي أمريكي يصل إلى سوريا    إضرابات القطارات في سيدني تهدد احتفالات ليلة رأس السنة الجديدة    السوداوية المثقفية    كأس الرابطة الانجليزية.. توتنهام يتأهل لنصف النهاية على حساب مانشستر يونايتد    سوريا إلى أين؟        عامل إقليم الجديدة يعقد لقاء تواصليا مع المجلس الجماعي لجماعة بولعوان    الحكم بالحبس ضد سائق "InDrive" بعد اعتدائه على زبونة بطنجة    المنتخب المغربي ينهي سنة 2024 في المركز ال14 عالميا    نهضة بركان يعزز موقعه في الصدارة على حساب "الكوديم" وكلاسيكو الجيش والوداد ينتهي بالتعادل    أخنوش: مشروع محطة "موكادور" يرسخ مكانة المغرب كوجهة سياحية رائدة    بوساطة من الملك محمد السادس.. إطلاق سراح أربعة فرنسيين كانوا محتجزين في بوركينافصو        الزعيم يسقط في فخ التعادل أمام الوداد    لجنة دعم السينما تعلن عن المشاريع المستفيدة من دعم دورة 2024    وزارة السياحة المصرية تنفي تأجير أهرامات الجيزة ل MrBeast    مجلس الحكومة يُقر "سكوت الإدارة"    محكمة اسبانية تُدين 15 شخصا بعد حادثة هروب من طائرة مغربية    اختتام الاجتماع التشاوري بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيان ببوزنيقة بالتأكيد على استمرار المشاورات    اتهامات لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية    تسجيل وفيات بجهة الشمال بسبب "بوحمرون"    سلطنة عمان .. باحثة مغربية من جامعة ابن زهر تفوز بجائزة "أطروحتي في 1000 كلمة"    مديرية الضرائب توضح بخصوص الفواتير المتأخرة في الأداء اعتبارا من فاتح دجنبر 2024    هذا أول تعليق لنجم المنتخب المغربي أشرف حكيمي بعد خسارته الكرة الذهبية    "شغب الملاعب".. دعوات إلى محاربة العنف بالتثقيف والإعلام وفتح قنوات اتصال مع الأنصار والمحبين    بوانو: لا يحق لرئيس الحكومة أن يذكر والده داخل البرلمان والكل يعرف كيف صنع آل أخنوش ثروتهم    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    أرخص بنسبة 50 بالمائة.. إطلاق أول دواء مغربي لمعالجة الصرع باستخدام القنب الطبي    «بذور شجرة التين المقدسة» لمحمد رسولوف.. تحفة سينمائية تحط الرحال بمهرجان مراكش    ميرامارْ    الدشيرة الجهادية تحتفي بفن الرباب الأمازيغي        الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تنظم عملية انتقاء العاملات الفلاحيات للعمل بإسبانيا    اِسْمَايَ الْعَرَبِيَّانِ الْجَرِيحَانِ    المديرية العامة للأمن الوطني تطلق بوابة الخدمات الرقمية وخدمة الطلب الإلكتروني لبطاقة السوابق    ألمانيا تمول السياسة المناخية للمغرب    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    بنكيران مخاطبا رئيس الحكومة: 'يا تلعن الشيطان يا تقدم استقالتك'        المغرب – ألمانيا: التوقيع بالرباط على اتفاقية بقيمة 100 مليون أورو لتمويل برنامج دعم السياسات المناخية    الخطوط الملكية المغربية تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"    في اليوم العالمي للغة الضاد…مقاربة اللغة العربية من زاوية جيو سياسية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انجاز مشاريع بين مدينتي الجديدة وازمور على حساب البيئة وتهدد جزءا من تاريخ وذاكرة منطقة دكالة
نشر في الجديدة 24 يوم 11 - 10 - 2020

لا يمكننا ان ننكر دور العوامل الطبيعية، من زلازل وفيضانات و لا دور التبدلات المناخية والتفاعلات الفيزيائية والكميائية والحرائق ، فيما تتعرض له البنايات والمآثر التاريخية من تآكل وما تشكله من خطر على المناظر والموارد الطبيعية والتوازنات الايكولوجية ، وفي هذا الاطار تعمل الدول جاهدة لمواجهة الكوارث الطارئة كما تضع كل الامكانيات للحفاض المادي على ما تبقى من انشطة الانسان خلال قرون خلت وتجند كل الامكانيات للبحث واستنطاق المآثر والبنايات القديمة وصيانتها وترميمها لتبقى شاهدة على حضارة تلك الامة. فالماضي هو كنز الحاضر والمستقبل ومن لم يستطع الحفاض على ماضيه لا يمكن ان يبني مستقبلا ولا يمكنه ان يستوعب تلك العلاقة الذهبية بين الموروث التاريخي والبعد التنموي القائمة على إحكام جسور تواصلية مع الماضي بإبداعاته الحضارية، وإقامة حوار تفاعلي معه بغية استخراج كنوزه و تحويله إلى مادة اقتصادية وصناعة سياحية تساهم في التنمية والتقدم .
ان اغلب البلدان التي اهتمت بتراثها القديم تجني منه ارباحا لا تحصى واطلالة على مؤشرات السياحة في اسبانيا
و اليونان و ايطاليا وتركيا وغيرها من البلدان تبين ان ماضيها بكل عناصره السلبية والايجابية بارز بشكل قوي في الحاضر ،هذا بالإضافة طبعا الى الموارد الطبيعية والبيئية التي تعمل هذه الدول على تطويرها وصيانتها والحفاض عليها.
واذا كان ماض وسلوكيات تلك الدول هو ذاك حاله فان الوضع يختلف عندنا فالبيئة تتعرض باستمرار للتهديدات المختلفة والمآثر التي تعبّر عن عمق تاريخي وثقافي متنوع ومنفتح تتعرض لخطر الاندثار والزوال الذي أصبح يحدق ببعضها بسبب الإهمال نتيجة ذهنية مجتمعية ومؤسساتية يمكن نعتها بأمية الموروث الأثري، التي لا يعي اصحابها القيمة الحضارية للمعالم التاريخية والمباني الأثرية، فلا يكترثون بتدنيسها وتخريبها أو سرقة قطعها الأثرية والتبول على اسوارها والتغوط بزواياها ، و تحويلها إلى مكان للهو والتسكع ورمي القاذورات والنفايات ويصل الامر الى هدمها لأغراض التوسع العمراني واقامة مشاريع اسمنتية باعتقاد خاطئ انها قطاع غير منتج ، وتتحمل الدولة ومؤسساتها المسؤولية الكاملة بسبب ضعف مراقبتها وعدم سنها لقوانين صارمة تجرم العابثين بالمواقع التاريخية، وتحد من هدم الآثار التاريخية وتدمير مقومات البيئة الطبيعية ، اما بالإهمال او بمبرر الحاجة للتمدد العمراني واقامة المشاريع التنموية ،بالإضافة طبعا الى مسؤوليتها في اهمال وعدم ترميم وصيانة وحراسة تلك المآثر .
مناسبة هذا الحديث هو ما تتعرض له ذاكرة دكالة وموروثها التاريخي الغني والمتنوع ومواردها البيئية والطبيعية من اهمال وتدمير وطمس لهويتها الحضارية والتاريخية ، لن نتحدث الان عن وضعية قصبة بولعوان ولا عن البنايات التاريخية بالجديدة وازمور ومصب نهره ولا عن مغارة الخنزيرة او اسرار وتاريخ طازوطات دكالة وغيرها من المواقع والمأثر التي قد نعود للحديث عنها لاحقا . في هذه العجالة سنتطرق لما يجري بالمنطقة بين ازمور والجديدة من تغييرات هيكلية للمجال ونؤكد في البداية اننا لسنا ضد المشاريع التي تساهم في تنمية المنطقة بشرط ان تكون في خدمة الاغلبية من ساكنتها من جهة ومن جهة اخرى عدم الاضرار بالتوازن الايكولوجي بتدمير لغابة الحوزية وتهديد لساحل البحر وتلويث للفرشة المائية وتقليص لمساحة الأراضي الفلاحية المجاورة للغابة وتهجير سكانها . فلا يمكن القبول تحت اية ذريعة كانت ومهما كان حجم المشروع واهميته السياحية والعمرانية ان تباد غابة وجودها تطلب سنين طويلة واصبحت تشكل رئة الجديدة ومحيطها خصوصا بعد ان احيطت بما يشبه مدنا صناعية تنفت كميات هائلة من الادخنة والغازات . لحد الان لا علم لساكنة الجديدة بوجود اية دراسة لجدوى المشاريع قيد الانجاز واثارها على البيئة والصحة العامة للمواطنين ولا نعرف بالضبط اهدافها والمستفيدين منها ومدى انعكاساتها على التنمية الحقيقية للمنطقة وهل برمج اصحاب تلك المشاريع تعويض الاشجار المنزوعة وغرس غابة أخرى في منطقة مجاورة بنفس المساحة ؟
هذا على المستوى البيئي بل الاخطر من ذلك هو الخوف على مصير معلمتين على الاقل توجدان ضمن مجال تلك المشاريع حيث منع عمليا الوصول اليهما من طرف العموم بعد وضع سياج يحيط بالأراضي التي سيقام عليه المشروع ، والحديث هنا عن موقع اثري كبير يطلق عليه اسم فحص المجاهدين أو مدينة المجاهدين يقول المؤرخون انه كان مركز قيادة عسكرية ومركبا يتضمن عدة مرافق يتجمع فيه المجاهدون ضد المحتل البرتغالي لمدينة البريجة (الجديدة). هذه المدينة التاريخية طمست و تغيرت معالمها عما كانت عليه، فأسوارها تتهاوى بفعل العوامل الطبيعية وبفعل الاهمال وسلوكات وانشطة الانسان الهدامة . ويتخوف الراي العام المهتم من نية اصحاب تلك المشاريع الذين قد تكون عينهم مفتوحة على اراضي تلك المدينة خصوصا بعد ادخالها ضمن المنطقة التي تم تسييجها ، ويزداد الشك والخوف من عدم تحرك المسؤولين عن السياحة والثقافة والاثار لتحديد مصير هذه المدينة وانقاذ هذه القلعة فقد يكون عدم التحرك هذا قرارا واعيا يسمح بالإجهاز على تلك المآثر وهو ما سيشكل تواطئا لمحو جزء مهم يتعلق بالذاكرة التاريخية للمغرب وذاكرة اهل دكالة على الخصوص ، وتعويضها بمباني اسمنتية لن يكون المستفيد منها الا زمرة قليلة من المحظوظين.
المعلمة الثانية هي منارة سيدي مصباح المجاور للمشاريع الجارية ، معلمة تنتظر هي الاخرى مصيرها المحتوم الذي قد تحدده الجرافات العاملة قريبا منه ، المنارة تعرضت اغلب تجهيزاتها للتخريب والسرقة واصبحت اركان بنايتها ملجأ للمتسكعين ، وهي برج مربع بارتفاع 18 م .يقع على ربوة غير بعيدة كثيرا عن محطة الاداء للطريق السيار كان يبعث وميضا أبيضا وأحمر ا بالتناوب كل ست ثوان خبت انواره هذه منذ زمان وطاله الاهمال ولم يشفع له كونه من تراث المدينة ، ومعلمة معمارية تحكي عن زمن مضى .
على مكونات المجتمع الدكالي ان ينتبهوا لما يجري ويتصدوا لأي تهديد قد يمس ذاكرة وتاريخ دكالة والامر يتطلب التدخل العاجل قبل فوات الاوان للمطالبة بالمناسبة بغرس غابة جديدة على نفس المساحة التي اقتلعت اشجارها والحيلولة دون تدمير مدينة المجاهدين ومنارة سيدي مصباح بل المطلوب من أصحاب تلك المشاريع تمويل صيانتها وترميمها والحفاض عليها والتعبير عن النية في ذلك بوضع سياج خاص حولها واخراجهما من نطاق المشاريع الاسمنتية الجارية.
محمد فتحي
هاتف : 0674904558


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.