لم يمض بعد إلا أقل من 4 أشهر على تعيين وزارة الداخلية القائد الممتاز (عبد السلام باعلي)، مديرا لديوان عامل إقليمالجديدة، خلفا لسلفه عبد اللطيف سعد، حتى تنحى، الثلاثاء 02 أكتوبر 2018، من منصبه بشكل فاجأ الجميع. ما فتح الباب على مصراعيه للقيل والقال، وللتأويلات، سيما في ظل التكتم الشديد، وتعذر الوصول على "صاحبة الجلالة" إلى السبب الحقيقي الذي يكمن وراء هذا التنحي. ما يتعارض بالمناسبة والحق في الوصول والحصول على المعلومة، وفق ما نص عليه الفصل 27 من دستور المملكة. على أي، فالأكيد أن تنحي القائد (عبد السلام باعلي)، الذي كلفته وزارة لفتيت، شهر يونيو 2018، بموجب قرار وزاري، لم يكن نتيجة "زلزال ملكي"، أو "زلزال عاملي"، حسب ما توصلت إليه الجريدة، التي أجرت تحريات، في إطار الصحافة الاستقصائية، التي تعرف في دول العالم المتحضر ب"le journalisme d'enquête/d'investigation". وكانت "الجديدة24" وعدت في مقال نشرته مؤخرا، بالعودة للموضوع في "قراءة ما خلف الخبر". قائد على رأس ديوان العامل: القائد الشاب (عبد السلام باعلي)، من مواليد 1982، حاصل من جامعة ب"بلد الأنوار"، على دبلوم الدراسات المعمقة في العلوم السياسية، باللغة الفرنسية. تخرج من المعهد الملكي للإدارة الترابية، وشغل قائدا بقيادة "أيت رخا"، بإقليمسيدي إفني؛ وبعدها، سنة 2014، قائدا بقيادة سيدي إسماعيل ومكرس، بإقليمالجديدة. وشهر يونيو الماضي، كلفته وزارة الداخلية مديرا بديوان عامل إقليمالجديدة، محمد الكروج، الذي عينه الملك محمد السادس، متم شهر يونيو 2017، بهذه الصفة، بعد اقتراحه من قبل سعد العثماني، رئيس الحكومة المنبثقة عن حزب العدالة والتنمية. جسامة مهام الديوان العاملي: إن العمل وتحمل مسؤولية الديوان العمالة، ليس بالأمر الهين، سيما: عقب "الزلزال الملكي" الذي أطاح بوزراء ومسؤولين حكوميين، أخلوا بإنجاز مشاريع "برنامج التنمية المجالية بإقليمالحسيمة– منارة المتوسط"، وامتدت ارتداداته إلى جهات وأقاليم أخرى، ضمنها إقليمالجديدة، الذي نال نصيبه الأوفر من العقوبات الإدارية، التي نزلت على رجال السلطة الترابية، من مختلف الرتب والدرجات؛ وفي ظل التراكمات والملفات التي ورثها المسؤول الترابي، محمد الكروج، عن سلفه معاذ الجامعي، الذي ظل يتربع على الإقليم، حوالي 7 سنوات، دون أن تشمله في حالة استثنائية مثيرة، حركات التعيينات والانتقالات التي همت الولاة والعمال في جهات وأقاليم المملكة؛ وعلى إثر التعليمات الصارمة التي وجهتها مؤخرا وزارة الداخلية إلى الولاة والعمال، تحمل ضمنيا "توبيخا" غير مباشر، وتوجيهات مؤطرة، لتحمل مسؤوليتهم الكاملة، والعمل بجدية أكثر، والتفاعل إيجابا مع خطابات ملك البلاد، الذي ليس راض على مسؤولين كبار (..)، خاصة في ظل تقارير سوداء تخص إنجازاتهم المتعثرة، ومسؤوليتهم المباشرة في عدم استكمال إنجاز مشاريع تنموية، سبق لجلالته أن وضع حجر أساسها. فالمسؤولية والمهام الملقاة على عاتق مدير الديوان، جسيمة، وتقتضي مجهودات وتضحيات كبيرة، والعمل بإيقاع متميز، والتعبئة على قدم وساق، 7 أيام/ 7 أيام، و24 ساعة/ 24 ساعة، أي العمل أحيانا دون انقطاع في مكاتب العمالة، والسهر عل أجندة الأنشطة العاملية، وعلى العقلاقات العامة، ومواكبة الاجتماعات التي تعقد في قاعة الاجتماعات الكبرى، أو في مكاتب العامل، وحضور الأنشطة العاملية، ومرافقة السلطة الإقليمة الأولى في الزيارات الميدانية، والخرجات الرسمية، داخل وخارج تراب الإقليم، طيلة الأوقات، التي لا تفرق لا بين النهار والليل، ولا بين العطل والأعياد، ولا حتى عطلة نهاية الأسبوع. فثمة من رجال السلطة من قد يقبلون تكليفهم بمنصب مدير الديوان، الساعد الأيمن للمسؤول الترابي الأول، و"العلبة السوداء"، المؤتمن على الأسرار، والعارف ب"الملفات"، وبخبايا الأمور، وب"الشادة والفادة".. وبالمتدخلين والشركاء، أشخاصا ذاتيين كانوا أم معنويين. في حين ثمة من لا يقوون على تحمل تلك المسؤولية، لعدم القدرة على مسايرة إيقاع العمل السريع والمتقلب، ولثقل المسؤولية الملقاة على كاهل مدير الديوان، على حساب راحتهم، وصحتهم وظروفهم الأسرية. طلب الإعفاء.. الفعل ورد الفعل: لعل الأسباب والمبررات أعلاه، ووضع القائد الخاص (عبد السلام باعلي)، ما حدا به إلى التوجه بكل احترام وتقدير، الثلاثاء 02 أكتوبر 2018، إلى المسؤول الترابي الكروج، بطلب إعفائه من تكليفه بالديوان العاملي. لكن بين القائد وعامل الإقليم، حصل ما حصل، فكان الفعل.. ورد الفعل. وفي تسارع للأحداث، طلب العامل الكروج من رجل السلطة، مدير ديوانه، الالتحاق للعمل بقسم الشؤون الداخلية. فكان رفض الأخير. هذا ما حدث بين المسؤولين الترابيين، الجديدين في المنصبين، عامل الإقليم، ورجل السلطة (القائد). فالعامل الكروج، خريج معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط (IAV)، عينه الملك محمد السادس، شهر يونيو 2017، بهذه الصفة، على رأس إقليمالجديدة؛ وبحلول متم شهر يونيو 2018، تكون تجربته العاملية (expérience gubernatoriale)، قد أكملت سنتها الأولى، وتزامنت مع التحاق رجل السلطة (عبد السلام با علي)، شهر يونيو الماضي، للعمل في الديوان العاملي، والذي تجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية عينته (أو كلفته) بهذه الصفة، بموجب قرار وزاري، في إطار الحركة الانتقالية الواسعة، التي همت مؤخرا رجال السلطة في المغرب، والتي كان فيها لرجال السلطة بإقليمالجديدة، النصيب الأوفر، حيث شملتهم جميعهم باستثناء قائدة الملحقة الإدارية السادسة بالجديدة. عدم احتواء الوضع.. والداخلية على الخط: الثلاثاء الماضي، يوم وقوع الحادث، عرفت قاعة الاجتماعات الكبرى بعمال الجديدة، عقد اجتماع اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، برئاسة عامل الإقليم. وكان الحدث الابرز في هذا الاجتماع غياب مدير الديوان، وكذلك حركة غير اعتيادية لدى المسؤول الترابي، الذي أورد مصدر مطلع، أنه كان يتلقى مكالمات متتالية عل هاتفه النقال، وكان يترك لعدة دقائق الاجتماع الذي عرف، حسب المصدر ذاته، ارتباكا في التسيير.. إلى درجة أن العامل الكروج لم ينتبه إلى حضور عضو جمعية حاملة لمشروع، ضمن تشكيلة اللجنة الإقليمية. ما يفقد بالمناسبة اللجنة مصداقيتها، ويعرض قراراتها للطعن. هذا، وبسرعة وإجراءات غير اعتيادية وغير معهودة، توصل عامل الإقليم، الأربعاء الماضي، ببرقية من وزارة الداخلية، تقضي بتوقيف القائد (عبد السلام باعلي) مؤقتا من مهامه كرجل سلطة. وقد مثل، الجمعة الماضي (أقل من 48 ساعة)، أمام المجلس التأديبي بوزارة الداخلية. المسؤول الذي بصم الديوان العاملي: ظل تدبير شؤون الديوان بعمالة إقليمالجديدة، لصيقا، على امتداد حوالي عقدين، برجل السلطة (عبد اللطيف سعد)، الذي بصم السلطة الترابية والشأن العام، بتفانيه في أداء الواجب المهني، منذ أن التحق، سنة 1991، للعمل ب"قسم الشؤون الداخلية" (DAG)، الذي تحولت لاحقا تسميته إلى "قسم الشؤون الداخلية" (DAI). وبعدها، شغل، سنة 1997، مديرا لديوان العامل، إلى غاية نقله، شهر يونيو 2018، إلى مدينة فاس، لشغل منصب قائد ملحقة إدارية. وتليق برجل السلطة (عبد اللطيف سعد) مقولة "الرجل المناسب في المكان المناسب". وهذا ما أثبتته بالواضح والملوس تجربته المثمرة، إلى جانب العمال الذين تعاقبوا على رأس هرم السلطة الترابية بإقليمالجديدة، والذين لم يكونوا يجدون عنه بديلا. وهؤلاء المسؤولون الترابيون، هم حسب التسلسل الزمني لولاياتهم: أحمد عرفة – أحمد شوقي – محمد الفاسي الفهري – إدريس الخزاني – محمد اليزيد زلو – معاذ الجامعي – محمد الكروج. وضع كان بالإمكان احتواؤه: إن تطور الأحداث كان بإمكان العامل الكروج احتواؤها، وتدبره بقليل من الحكمة والتبصر، والإنصات إلى مدير ديوانه، ساعده الأيمن، وتفهم نفسيته ومعنويته، والأسباب التي حدت به إلى طلب إعفائه من مهام الديوان الشاقة. وبالمناسبة، فإنه ليس القائد الوحيد والأول الذي يرفض هذه المسؤولية، بمبررات واقعية وموضوعية. فقد كان من قبله القائد (أحمد فراسي)، قائد الملحقة الإدارية السابعة بالجديدة. حيث كان العامل السابق، معاذ الجامعي، كلفه، في غضون سنة 2014، بأن يشغل مديرا على ديوانه، عقب ترقية مدير الديوان الأسبق، القائد الممتاز (عبد الله لحرش)، إلى رتبة باشا، ونقله بهذه الصفة، إلى مدينة دبدو بإقليم تاوريرت، بالجهة الشرقية. فالعامل الجامعي، الذي لم يأخذ بحساسية رفض رجل السلطة (أحمد فراسي)، تدبر الأمر بالعقل، وأرجع مدير الديوان الأسبق (عبد اللطيف سعد)، لشغل هذه الصفة مجددا بديوانه، بعد أن كان أعفاه، خلال الفترة من 2011 – 2013. وهكذا، لم يأخذ الوضع وقتها منحى تصاعديا، ولم يتطور إلى حد تدخل وزارة الداخلية، وتوقيف القائد عن ممارسة مهامه، وإحالته على المجلس التأديبي. والأكثر من ذلك أن رجل السلطة هذا، ظل ملفه الإداري نقيا "clean"، وتمت ترقيته، في غضون سنة 2018، إلى رتبة قائد ممتاز. عقلنة تدبير الكفاءات والطاقات: باستشناء منصبي الكاتب العام، ورئيس قسم الشؤون الداخلية بالعمالة، فإن من حق عامل الإقليم، بصفته السلطة الترابية الأولى بالإقليم، أن يتصرف في رجال السلطة، القياد والخلفان وأعوان السلطة، في الملحقات الإدارية والقيادات، وفي العمالة، بما فيهم مدير ديوانه. وبإمكانه أن يعيد انتشارهم في دائرة نفوذه الترابي، وإعادة تعيينهم في مناصب ومهام ترابية. ومن ثمة، فقد كان بإمكان العامل الكروج الاستجابة إلى طلب ورغبة القائد (عبد السلام باعلي)، في إعفائه من ديوانه العاملي، وتعيينه، عوض إلحاقه بقسم الشؤون الداخلية بالعمالة، على رأس الملحقة الإدارية الرابعة بالجديدة، خلفا للقائد (عبد الحق مواق)، الذي عينه العامل بهذه الصفة، شهر يونيو 2018، والذي أعفاه، الثلاثاء الماضي، تزامنا مع وقوع "الحادث–الحدث". وبالمناسبة، فإن عامل الإقليم عين (عبد الرحيم عشير)، الخليفة من الدرجة الثانية، على رأس الملحقة الإدارية الرابعة. هذا الخليفة الذي كان عمل موظفا ب"قسم الأعمال الاجتماعية" (DAS)، ىعمالة الجديدة، ولم تمض على ترقيته إلى رتبة "خليفة" إلا حوالي 4 سنوات، علما أن ترقيته كانت سنة 2014. ومن ثمة، فإن الأجدر بتسيير الملحقة الإدارية الرابعة، يكون هو القائد (عبد السلام باعلي)، بالنظر إلى ال"palmarès bien garni"، الذي يحظى به. فهو – من باب التذكير – حاصل من جامعة بفرنسا على دبلوم الدراسات المعمقة في العلوم السياسية باللغة الفرنسية، وخريج المعهد الملكي للإدارة الترابية، وشغل قائدا بقيادة "أيت رخا"، بإقليمسيدي إفني؛ وبعدها، سنة 2014، قائدا بقيادة سيدي إسماعيل ومكرس، بإقليمالجديدة. ما أكسبه تجربة متميزة، وكفاءات مهنية، تؤهله لأن يتقلد منصب المسؤولية الترابية في الميدان، سيما في هذه الظرفية، التي لم يعد فيها ثمة أي مبرر للتقصير في أداء الواجب، والتهاون في إنجاز المشاريع التنموية، والاستجابة لانتظارات المواطنين، رعايا صاحب الجلالة. وبالمناسبة، فقد عرف القائد (عبد السلام باعلي)، بإجماع الشهادات والارتسامات التي استقتها الجريدة من زملائه رجال السلطة، ومن عامة المواطنين، ومختلف مكونات المجتمع، بأخلاقه الحميدة، وبتفانيه في أداء الواجب المهني، بحس وطني، وب"يديه النظيفتين". فقد كان أول من يلج صباحا إلى مكاتب العمالة، وآخر من يغادرها مساءا، بعد العامل الكروج. العامل.. يحرم قائدا من الحج: تشنج العلاقات بين الرئيس ومرؤسه، بين المسؤول الترابي ورجل السلطة، وصلت ذروته في عهد عامل إقليمالجديدة السابق، معاذ الجامعي، عندما رفض بشكل مفاجئ، حسب مصدر مطلع، الترخيص للقائد الممتاز (عبد الحميد الزيري)، الذي شغل رئيس دائرة الجديدة بالنيابة، وقائد قيادة اولاد عيسي، من أداء فريضة الحج، برسم موسم الحج لسنة 2016. وكان القائد حصل على الموافقة المبدئية من وزارة الداخلية، بعد أن حظي بإدراج اسمه واسم زوجته في قائمة الحجاج، بعد أن ابتسمت القرعة لهما. حيث أديا جميع مصاريف رحلة الحج، وقاما بجميع الترتيبات. وكانت وزارة الداخلية رخصت، في تلك السنة، لعديد من رجال السلطة بأداء مناسك الحج (قياد من الدارالبيضاء وفاس، والأقاليم الجنوبية..)، دون تعرض أو اعتراض من قبل ولاة وعمال تلك الجهات والأقاليم. وحتى أن العامل الجامعي، الذي كان رفضه بدعوى اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، امتنع عن استقبال رجل السلطة (عبد الحميد الزيري)، وغادر بمعية نجله مكاتبه، عبر البوابة الخلفية للعمالة، تاركا القائد، الذي انتظر لساعات طويلة في قاعة الاستقبال بديوانه العاملي. وإثر إصابته بالإحباط، عقب حرمانه من أداء مناسك الحج، أصبح القائد يدلي بشهادات طبية، لتبرير غيابه المتواصل عن العمل. وفي الوقت الذي كان الترقب بأن تصدر وزارة الداخلية قرارا تأديبيا في حق رجل السلطة، المشهود له بالنزاهة والكفاءة المهنية، ألحقته بمصالحها المركزية، وبعدها، بأقل من 3 أشهر، عينته قائدا بالقنيطرة. وفد شاءت الأقدار أن تعين وزارة لفتيت القائد الممتاز (عبد الحميد الزيري)، بعد ترقيته، برسم الحركة الانتقالية التي همت، شهر يونيو 2018، رجال السلطة في المغرب، رئيسا على دائرة جرادة الشمالية، بالجهة الشرقية، التي عين عليها معاذ الجامعي، العامل السابق لإقليمالجديدة، بعد ترقيته، شهر يونيو 2017، واليا عليها (جهة وجدة). علاقة المسؤول بمرؤوسيه: لم تكن العلاقة بين "رئيس القسم" السابق بعمالة الجديدة، الذي مارس مهامه في فترتي ولاية عاملي الإقليم، السابق (معاذ الجامعي)، والحالي (محمد الكروج)، والذي سطر بالمناسبة الاستراتيجية التي تدبر بها السلطة الترابية بعمالة الإقليم، والذي ألحقته وزارة الداخلية، شهر أبريل 2018، بالإدارة المركزية، (لم تكن) على ما يرام، سيما مع قياد الملحقات الإدارية، وقياد القيادات، بالنفوذ الترابي للإقليم. "الزلزال العاملي".. يضرب بقوة: امتدت ارتدادات "الزلزال الملكي"، الذي أطاح بوزراء ومسؤولين حكوميين، أخلوا بإنجاز مشاريع "برنامج التنمية المجالية بإقليمالحسيمة– منارة المتوسط"، إلى إقليمالجديدة، الذي حظي بحصة الأسد من العقوبات التي شملت الكاتب العام، و9 من أصل 27 رجل سلطة بالإقليم، أي بنسبة عقوبات بلغت 33.3% (دون احتساب منصب الكاتب العام). وهو رقم قياسي يجعل إقليمالجديدة يتقلد الصدارة في العقوبات الإدارية، بجهة الدارالبيضاء–سطات، التي ينتمي إليها ترابيا، في إطار الجهوية الموسعة، وحتى على الصعيد الوطني، مقارنة مع باقي الجهات والأقاليم. فإذا كان دستور المملكة نص على مبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، ولم ينص بشكل عكسي على "ربط المحاسبة بالمسؤولية"، فإنه من غير المنطقي ترتيب الجزاءات عن مسؤولية أو مسؤوليات غير محددة لا طبيعتها، ولا درجاتها ولا مستوياتها. فهل رجال السلطة بإقليمالجديدة، ممن صدرت في حقهم عقوبات إدارية، يتحملون فعلا المسؤولية.. ؟! مسؤولية ماذا ؟! ولنفترض أنهم "قصروا" في أداء مهامهم، ووووو.. ألم يكونوا يخضعون، عند ممارسة سلطتهم الترابية ومهامهم، للمراقبة من قبل مسؤوليهم في سلم التراتبية الإدارية، وعلى رأسهم السلطة الإقليمية الأولى، ممثلة في عامل إقليمالجديدة..؟! هذا، وبغية "تحميل المسؤولية إلى من يجب أن يتحملها قانونا"، لا بد من استحضار المعايير والشروط، التي كانت تعتمد في تنقيط رجال السلطة، الذين اعتبروا "مقصرين في أداء مهامهم"، (المردودية – المواظبة..)، والتي خولت ترقيهم وترقيتهم إلى الدرجات والرتب العليا. فالعقوبة الإدارية تكون ناتجة ونتيجة إخلال الموظف بواجبه، أو ارتكابه خرقا أو خطأ بدرجة ما، ويأتي اتخاذها بعد سلك المساطر الإدارية والتأديبية، المنصوص عليها بموجب قانون الوظيفة العمومية. وبالمناسبة، فكيف أن تتم مكافأة قائد بمدينة الجديدة، بترقيته إلى درجة قائد "ممتاز"، ثم توجه إليه (بعد 3 أشهر عن ترقيته)، عقوبة "التوبيخ"..؟! الأمر هنا يتعلق برجل السلطة (أحمد فراسي)، الذي شغل قائدا بالملحقة الإدارية السابعة، والذي كان من تبعات العقوبة الإدارية التي صدرت في حقه، أن جرى تنقيله، في إطار الحركة الانتقالية، شهر يونيو 2018، إلى قلب جبال الأطلس الكبير، إلى إملشيل (إقليم ميدلت)، التي تبعد عن الجديدة بحوالي 700. فعما ينم هذا التناقض الصارخ.. المكافأة (الترقية المهنية) والعقاب (العقوبة الإدارية)، والتنقيل إلى نقطة ترابية جد بعيدة.. ؟! فكيف يمكن تبرير ذلك من الوجهتين الواقعية والقانونية، على ضوء عقوبة "التوبيخ"، التي تم اتخاذها في حق رجل السلطة (أحمد فراسي)، والذي تمت ترقيته قبل ذلك؛ وعلى ضوء مقتضيات المواد 15 – 16 – 17 من الظهير الشريف، في شأن هيئة رجال السلطة..؟! أليس المسؤولان الترابيان الإقليميان، العامل (الحالي)، محمد الكروج، وسلفه، معاذ الجامعي، مسؤولين عن مرؤوسيهما من رجال السلطة الترابية، وعما يصدر منهم وعنهم..؟! أوليس المسؤول الترابي الأول بالإقليم، مسؤولا عما تضمنته التقارير بشأن رجال السلطة بالإقليم، التي وضعها على مكتبه "رئيس القسم" السابق، والتي اطلع عليها حتما، وأشر عليها، ثم رفعها إلى وزارة الداخلية، والتي استندت إليها لإصدار العقوبات التأديبية في حقهم.. ؟! هذا، وكانت الجريدة وضعت تحت المجهر، العقوبات التأديبية الصادرة في حق رجال السلطة بالجديدة، في تحقيق صحفي تحت عنوان: "الزلزال الملكي.. قرارات وزارة الداخلية شابها الشطط في استعمال السلطة"، يمكن، لكل غاية مفيدة، الرجوع إليه عبر محرك البحث الإلكتروني "Google". وكما كانت الجريدة أوردت في تحقيق صحفي آخر، تحت عنوان: "مشروع دار العجزة بالجديدة يثير جدلا.. وهذه هي الحقيقة التي يخفيها المسؤولون عن الملك!"، فإن العامل الكروج قد وجد نفسه محرجا، عندما واجهته ووجهت إليه بكل جرأة قائدة الملحقة الإدارية الأولى (السابقة)، خلال اجتماع موسع جمعه برجال السلطة السابقين (باشا مدينة أزمور، الباشا بالنيابة بالجديدة، ورئيس دائرة الجديدة بالنيابة، وقياد الملحقات الإدارية، وقياد القيادات..)، استفسارا عن سبب إصدار عقوبة إدارية في حقها.. فما كان منه إلا أن أدار وجهه صوب "رئيس القسم" السابق، في إشارة تحمل الأخير مسؤولية التقارير التي أشر عليها، والتي استندت إليها وزارة لفتيت. تشنج العلاقات.. هل يفيد؟!: إن تشنج العلاقات في هذه الظروف، وفي هذه الظرفية التي تعيش فيها السلطة الترابية بإقليمالجديدة، مرحلة انتقالية، موسومة أولا، بتعيين العامل محمد الكروج حديثا مسؤولا ترابيا على الإقليم، اكتملت تجربته العاملية سنتها الأولى، نهاية شهر يونيو 2018؛ وثانيا، بتعيين ثلاثة مسؤولين ترابيين جدد في مناصب حساسة بعمالة الإقليم (مدير الديوان – الكاتب العام – رئيس قسم الشؤون الداخلية)؛ وثالثا، بالتحاق رجال السلطة الجدد بالإقليم (زهاء 30 مسؤولا ترابيا من مختلف الرتب والدرجات)، لم يمض بعد على ذلك 4 أشهر (..)؛ قد يكون له تأثير على أداء السلطة الترابية. ويكون من ثمة أول المتضررين، الشأن العام، والتنمية البشرية.. ومصلحة المواطنين، رعايا صاحب الجلالة.