يتميز المشهد السياسي ببلادنا بتعددية سياسية عددية في الكم من حيث الشكل لكن تبقى غير ذات جدوى من خلال مضمونه فهي تعددية مبلقنة فقدت بوصلتها وأصبحت أسيرة مفاهيم غامضة وسجال عقيم من خلال توظيف مفاهيم وشعارات في خطاباتها لا تنطبق في أرض الواقع، فلا اليمين يمين ولا اليسار يسار والكل يتشدق بالحداثة والديمقراطية والتشاركية والتقدمية… وأصبحنا نلحظ الكل في شرود. هل الواقع يمثل لنا ما وصلت إليه البلقنة والضبابية التي يعج بها الحقل السياسي والخطابات الشعبوية التي أصبحت قاعدة الأحزاب السياسية وليس استثناء. هذا الوضع الغامض والبئيس أثر بشكل واضح على نظرة المواطن ودفعه إلى العزوف وشكل لديه الإحباط والانزواء واتخاذ موقف المتفرج الساخر للعملية السياسية. أمام هذا الوضع المأساوي طفحت إلى السطح السياسي الطفيليات السياسية والحزبية وأثثت المشهد الحزبي الهجين تكونت على إثره طبقية استفادت من هذا الفراغ وأصبحت تنمو من خلال الريع السياسي وانخراط النخبة الحزبية بعد ترويضها في تثبيت هذا الوضع والقفز عن تأطير المواطن والتكوين الذي هو من مهام الأحزاب السياسية وأصبحنا نرى هذه النخب تلهت وراء المناصب والمسؤوليات والطموح النفعي والريع، لتدمر بنهجها هذه الطبقة المتوسطة التي حملت مشعل التوازن والتغيير داخل المجتمعات عبر العالم وتقود الإصلاحات الكبرى وتساهم في تقدم الدول.