أيها المسؤولون والفاعلون منذ عام ونحن نتابع ما يجري على طول القطاع المحاذي للساحل الممتد من شاطئ اسفيحة حتى شاطئ السواني، الذي تنجز فيه الشركة العامة العقارية (CGI) التابعة لصندوق الإيداع والتدبير مشروعا تقول أنه سياحي وأنه سيساهم في توفير فرص الشغل وتنمية الرواج الاقتصادي بالمنطقة. لقد تابعنا معظم المراحل التي قطعها المشروع، من وضع اليد على الأرض إلى هدم البنايات التي كانت تابعة لنادي البحر الأبيض المتوسط مرورا باقتلاع الأشجار وشق الطرقات... وتابعنا تعامل السلطات والمجلس الجماعي والوزارات المعنية مع هذا المشروع، وتابعنا المبادرات التي قامت بها لجنة الهيئات المدنية المتابعة لملف مدينة المزمة التاريخية الهادفة إلى الحيلولة دون إجهاز مشروع الشركة على هذا الموقع الأثري الهام... وكان لزاما علينا، بعد إطلاعنا على التصميم الهندسي الذي تنوي الشركة اعتماده لإنجاز مشروعها وعلى حيثيات أخرى، أن نتوجه إليكم بهذا النداء الذي نؤكد فيه على بعض من مواقفنا والذي نناشدكم من خلاله على ضرورة التحرك العاجل لجعل مشروع السواني مشروعا سياحيا دائما ومشروعا شفافا في تعامله مع سكان المنطقة ومتلائما مع خصوصياتهم الثقافية... أيتها المواطنات، أيها المواطنون أيها المسؤولون والفاعلون إن أزيد من 50 سنة من الحصار والتهميش والتفقير جعلت إقليمالحسيمة، شأنه في ذلك شأن باقي أقاليم الريف، يعيش أوضاعا اجتماعية مزرية ويعرف اقتصادا هشا وجعلته يتوفر على بنيات تحتية ضعيفة ومهترئة... أصبح معها الإقليم في حاجة ماسة إلى إعمال سياسة منصفة تتوخى تجاوز مخلفات الماضي وترتكز على مشاريع تنموية شاملة ومندمجة. إن تأهيل ساحل الريف وإنجاز مشاريع سياحية على طول شواطئه يجب أن يرتكز على دراسات قبلية للبيئة وأن يحترم الخصوصيات الثقافية والموروث التاريخي، وأن تكون هذه المشاريع دائمة ومدرة لفرص الشغل. إن الأرض التي سيقام عليها مشروع "السواني" كانت في ملكية سكان بلدة أجدير، الذين أعاروها للسلطات الاستعمارية الإسبانية سنة 1942 بموجب اتفاق مبرم بين الطرفين مدته 40 سنة، وفي بداية الستينيات طالب أصحاب الأرض من السلطات المغربية باسترجاع أراضيهم لكن دون جدوى، وبقي الوضع على ما هو عليه حتى استحوذت عليها إدارة المياه والغابات بطريقة يكتنفها الكثير من الغموض، ومع حلول سنة 2008 راجت أخبار عن أن الأرض أصبحت تحت تصرف الشركة العامة العقارية دون التشاور مع أصحابها الحقيقيين أو تعويضهم أو منح امتيازات لهم... إن المساحة التي سيقام عليها مشروع "السواني" تعتبر جزءا من منطقة غنية بالأحداث التاريخية وحافلة بالأمجاد والانكسارات، ويتواجد فيها موقع أثري هام (مدينة المزمة التي تأسست كمرسى تابع لحاضرة انكور عاصمة إمارة انكور، ثم تطورت لتتخذ طابعا توفرت فيه كل مقومات المدينة الوسيطية)، مع إمكانية تواجد مآثر أخرى موغلة في القدم قد يعود البعض منها إلى الفترتين الفينيقية والرومانية. إن مشروع "السواني" الذي شرعت الشركة العامة العقارية في إنجازه، يهدد مجالا معروفا ببيئته الغنية والمتنوعة وبثرواته السمكية والفلاحية والغابوية، ويتواجد قرب شاطئ جميل وحوض بحري تتوالد فيه أنواع متعددة من الأسماك، وبالقرب من واديين كبيرين (غيس وانكور) وقبالة جزيرة انكور التي يحتلها الإسبان منذ 1673... إن المشروع لم يشارك في إعداده سكان بلدة أجدير ومجلسها الجماعي والنسيج الجمعوي المحلي، ولم تسبقه دراسات بيئية دقيقة ولا استبارات أركيولوجية... ولا يحدد الأخطار التي قد يحدقها بالمجال ولا كيفية التزود بالماء الصالح للشرب وبمياه أحواض السباحة ولا عن كيفية تصريف المياه العادمة. وكان لزاما على المسؤولين في السلطة والشركة أن تنفتح على السكان والجمعيات المدنية والمجالي الجماعية المعنية وأن تستمع إلى ملاحظات المهتمين والمثقفين... عبر لقاءات مباشرة، وكان لزاما عليها الاستعانة قبل إعداد تصميم المشروع بخبراء البيئة والمتخصصين في الآثار، عوض الإعلان عن المشروع من جانب واحد ثم الالتفاف على مطالب الساكنة والجمعيات بعقد لقاءات شكلية قبيل الشروع في التنفيذ. إن المجهودات التي قامت بها لجنة الهيئات المدنية المتابعة لملف مدينة المزمة التاريخية وبعض المنابر الإعلامية ومواقع الأنترنيت ومقالات عدد من الباحثين والمهتمين ساهمت بشكل كبير في التعريف بالموقع وبأهميته وفي الضغط على المسؤولين في السلطة والشركة للتعاطي الإيجابي مع بعض من مقترحاتهم الموضوعية، وحالت إلى الآن دون المساس بموقع المزمة الأثري. أيتها المواطنات، أيها المواطنون أيها المسؤولون والفاعلون استحضارا لكل الحيثيات المذكورة أعلاه، فإننا نجد أنفسنا مضطرين للتعبير عن رفضنا لمشروع "السواني" في صيغته الحالية التي تتنافى مع المعايير المعتمدة في إنجاز المشاريع السياحية المتكاملة، فالمشروع الذي تنجزه الشركة مشروع عقاري تجاري بامتياز (عبارة عن تشييد فيلات وشقق معدة للبيع) تحاول الشركة تمريره تحت يافطة السياحة، فالمشاريع السياحية الحقيقية هي تلك التي توفر فرص الشغل وتساهم في التنمية المستدامة وتحترم الخصوصيات، ونطالب بما يلي: أولا: توقيف أشغال إنجاز مشروع "السواني" فورا والكف عن اجتثاث الغابة. ثانيا: إيجاد صيغة قانونية لحل مشكلة الأرض وإشراك سكان بلدة أجدير في إعداد المشروع. ثالثا: إزاحة المشروع من مكانه الحالي وإبعاده عن موقع مدينة المزمة التاريخية. رابعا: إنجاز دراسات بيئية واستبارات أركيولوجية قبل إعداد التصميم النهائي للمشروع. خامسا: الانفتاح على النسيج الجمعوي المحلي والمهتمين والمثقفين والأخذ بآراء وأفكار المصالح الخارجية لمختلف الإدارات والمجالس الجماعية المعنية. سادسا: الاعتناء بالموقع الأثري لمدينة المزمة، واعتبار المآثر التاريخية تراث إنساني يجب الحفاظ عليها، واعتبارها قيمة إيجابية للمشاريع السياحية وليس العكس. إننا نحن المبادرين إلى إصدار هذا النداء والموقعين عليه، إذ نؤكد على هاته المطالب المشروعة، فإننا ندعو كل الفاعلين والإطارات المهتمة بالشأن العام إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية، ونعبر عن استعدادنا للعمل المشترك، ونعلن عن استمرارنا في متابعة هذا الملف من مختلف جوانبه (البيئية والأركيولوجية والثقافية والقانونية والتنموية...) وسنتخذ كل التدابير والخطوات الضرورية (مراسلة المسؤولين والهيئات الدولية، الاحتجاجات، تنظيم الندوات واللقاءات، اللجوء إلى القضاء...) لإقرار الحق. الحسيمة في 09 غشت 2009 ملحوظة: النداء مفتوح أمام الجميع، وعلى الراغبات والراغبين في التوقيع عليه إرسال اسمهم الكامل ومهنتهم ورقم بطاقتهم الوطنية ومكان استقرارهم إلى العنوان الإليكتروني التالي: [email protected] اللجنة المؤقتة لمتابعة مشروع "السواني" الحسيمة