يحل فاتح مايهذا الموعد الأممي الذي يشكل للطبقة العاملة، ومعها كل الفئات الشعبية ومناصري العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة، مناسبة لتجسيد وحدوية كيانها ومصيرها الطبقي المشترك، باعتبارها الركيزة الأساسية لعجلة إنتاج الخيرات والخدمات، للتعبير عن مطالبها وانشغالاتها إزاء الأوضاع الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية العامة. ويأتي إحياء هذه الذكرى لسنة 2012، في ظل واقع الأزمة الخانقة التي تشهدها جل المجالات، وبالأخص الاقتصادية والاجتماعية، وما المؤشرات المعتمدة وطنيا ودوليا، والرتب التي من خلالها يحتلها المغرب، على مستوى الترتيب العالمي، وكذا الواقع المعيشي اليومي للشعب المغربي، لدليل واضح على مدى خطورة الوضعية، هذا الواقع الذي ما فتئت الضمائر الحية والقوى الصادقة بالقيام بمناهضته، عبر مختلف الأشكال النضالية، للتنديد بمظاهره، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين الذين أجرموا في حق الثروة والاقتصاد الوطني، على سبيل المثال، ما ورد في تقارير المجلس الأعلى للحسابات، والمفتشية العامة لوزارة المالية، والمطالبة كذلك بإطلاق حوار وطني شامل مع كل الهيئات والفعاليات الوطنية والجهوية، وعدم الاقتصار فقط على أبناء وأحفاد موقعي اتفاقية إيكس – ليفان، وتنظيماتهم الحزبية، والتي أصبحت تشكل جزءا من الأزمة. الحوار الذي سيتوج بوثيقة دستورية ديموقراطية ضامنة لتوزيع عادل للسلطة والثروة، بين مختلف فئات المواطنين، وبين الجهات التاريخية لبناء مغرب يتسع لكل أبناءه، ومعتزا بتاريخه ووحدته وتضامنه، على قاعدة المواطنة الحقة. رغم كل هذه النداءات فإن الدولة والمسؤولين عن تسيير شؤونها، اختاروا كعادتهم لغة المناورة والتستر، وإعمال أساليبهم القمعية المعهودة، لإسكات وإخضاع كل الأصوات الحرة الأبية، والتي وصلت لحد التصفية الجسدية، ( شهداء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، شهداء حركة 20 فبراير...). فإذا كان اعتماد هذا الأسلوب الأمني القمعي، يعتبر نهج المسؤولين على الصعيد الوطني، تحت مبرر استرجاع " هيبة الدولة "، فإن الريف الكبير وبالأخص ما وقع في مدن: تازة – بني بوعياش – امزورن- بلدة بوكيدان، خلال هذه السنة من قمع شديد للاحتجاجات السلمية للمواطنين، للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية العادلة والمشروعة، يعتبر بطشا جسديا ونفسيا، وعقابا جماعيا لا يمكن تبريره إلا بوجود نية انتقامية مبيتة في أجهزة الدولة ومسؤوليها، للنيل من كرامة المنطقة، وأهلها وذاكرتها التاريخية، نظرا لحجم الخراب والاعتداء الذي طال ملك الغير، والاعتقالات العشوائية، وتلفيق التهم للمواطنين والمناضلين، وتسخير العدالة في النهاية، لإتمام فصول المشهد القمعي ( 27 سنة سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 20 مليون رهم في حق ستة معتقلين...). بالإضافة إلى ما سبق، وباستحضار واقع الانهيار الذي تشهده مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بالإقليم، سيما الاستراتيجية منها، وعلى سبيل المثال: الصيد البحري: تخريب المخزون السمكي، بفعل التسيب والفوضى في الاستغلال، وما ترتب عن ذلك من مخاطر على واقع ومستقبل البيئة البحرية تنذر بنفاذ المخزون السمكي. التلاعب في تسويق الكمية الضئيلة المصطادة منه، مع التدهور الخطير للحالة الاجتماعية للعاملين بالقطاع ومهنييه، والتراجع على بعض مكتسبات العمال البسيطة. الفلاحة: غياب أية سياسة فلاحية واضحة، بالإقليم من شأنها النهوض بأوضاع القطاع والفلاحين الصغار، ومحدودية دعم الفلاحين الصغار بالريف وضعف استفادتهم من المخطط الأخضر الذي وجد أصلا لخدمة الملاكين الكبار، والمخاطر المحدقة في اتحاد تعاونيات بني بوعياش لإنتاج الحليب، في ظل غياب إرادة حقيقية للتقصي والتحقيق في الاختلالات المالية والإدارية للوحدة الإنتاجية رغم النداءات المتكررة للعمال والمستخدمين، مع الغموض الذي يكتنف مشروع إحداث معمل الحليب ومشتقاته بالمنطقة الصناعية. السياحة: عدم قدرة القطاع على الإقلاع والمساهمة في تنشيط الحياة الاقتصادية بفعل غياب الخطوط البحرية والجوية، والأثمنة الخيالية التي تعتمدها الشركات المستغلة لها على قلتها ( الجوية بالخصوص )، ووعورة التنقلات برا، بالإضافة إلى السياسة السياحية المنتهجة من طرف الدولة التي تستهدف فقط سياحة النخبة ( تشييد المنشآت الفاخرة ). عدم تطبيق مقتضيات مدونة الشغل، داخل هذا القطاع والذي ينم عن وجود تسيير مزاجي، يمس بالحقوق الاجتماعية للعمال والمستخدمين. النقل: فواقع حال هذا القطاع على مستوى النقل الطرقي والمدار الحضري، يتسم بأعلى درجة الغموض والفوضى في تسييره وتدبير شؤونه، داخل الإقليم بفعل غياب استراتيجية تنظيمية، تشاركية بين المهنيين والسلطات الإدارية، لضبط الحقوق والواجبات، وعقلنته، وفق الحاجيات الحقيقية للمنطقة، مع النهوض بالجانب الاجتماعي للعاملين به. فرغم توسيع مطار الشريف الإدريسي، فيبقى نشاطه شبه منعدم، نظرا لتحويل جل نشاطه إلى مطارات أخرى، بالإضافة إلى اعتماد أثمنة باهضة للرحلات القليلة والموسمية من وإليه، مقارنة مع مثيلاتها على الصعيد الوطني، ويبقى هذا المطار عبارة عن منشأة فارغة، ما ينطبق بصورة أكثر جلاء على المحطة البحرية التي أنشأت مؤخرا، لفك العزلة على الإقليم بحرا، إلا أنها ظلت معطلة طيلة السنة، علاوة على كون الخط البحري العامل سابقا بذات المحطة لم يتم إدراجه ضمن طلبات العروض من أجل منح رخص الاستغلال المؤقت لهذه السنة خاصة أن موسم العبور على الأبواب. أما ما يسجل على القطاعات الاجتماعية الأخرى ( الصحة، التعليم، الشغل، السكن...)، فيطغى عليها التدهور الفضيع في الخدمات المقدمة، مع استمرار واقع التهميش والعزلة الذي عانت وتعاني منه المنطقة منذ عقود وانسداد آفاق الشغل، في وجه المواطنين خاصة حاملي الشهادات، والتلاعب الذي يعرفه توزيع المناصب القليلة المتوفرة، بفعل المحسوبية والزبونية، وعدم الاعتراف القانوني بالجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، كشريك أساسي في تدبير هذا الموضوع. هذا في الوقت الذي يتابع ويسجل الرأي العام المحلي الهجوم الشرس لمافيا العقار المتعفنة، تحت ذريعة السكن الاجتماعي والتنشيط السياحي، على ما تبقى من الوعاء العقاري الحضري، العام والخاص، والملك الغابوي، بأثمنة رمزية لتسخيره أخيرا في مضاربتهم العقارية الجشعة، لمضاعفة أرباح خزائنهم المركزية بالرباط، والحسابات البنكية للوبياتهم، ضاربين عرض الحائط الهدف الأساسي الذي من أجله انتزعت الأرض لتشييد إقامات فاخرة ومساكن معدة للبيع بأثمنة خيالية إلى فئة محدودة من المواطنين، بالإضافة إلى ما تحدثه تلك الاستثمارات العشوائية من آثار هدمية على البيئة البحرية والبرية. بعد استعراض هذه الأوضاع وأخرى كثيرة، وكذا التعاطي القمعي لأجهزة الدولة مع إقليمنا العزيز وحجم الاعتداءات والخسائر التي خلفتها، وعدم استجاباتها للنداءات العديدة لفتح تحقيق شفاف ونزيه في موضوع استشهاد الشباب الخمسة الذين عثر على جثثهم متفحمة بوكالة البنك الشعبي بالمدينة، يوم 20 وصبيحة 21 فبراير 2011، والظروف المحيطة باستشهاد المناضل كمال الحساني ببني بوعياش، وأخيرا ما شهدته مدينتي بني بوعياش وإمزورن، وبلدة بوكيدان من اعتداءات شنيعة واعتقالات عشوائية، ومحاكمات صورية للمواطنين والمناضلين، وعلى رأسهم المناضل المسؤول بأجهزة الفضاء النقابي الديمقراطي الأستاذ محمد جلول، والذي صدر في حقه حكما جائرا وقاسيا 6 سنوات سجنا نافذة، وغرامة مالية خيالية، ولذا فإن مجلس التنسيق العام للفضاء النقابي الديمقراطي في اجتماعه، ليوم 25 أبريل 2012، يعلن للرأي العام المحلي، الوطني، والدولي، ما يلي: تضامنه المطلق مع أسر وضحايا التدخل القمعي الهمجي لأجهزة الدولة. يندد بشدة بالهجوم القمعي الذي تعرضت له مدينتي بني بوعياش، امزورن، وبلدة بوكيدان، لردع كل الأصوات الحرة المطالبة بالحقوق المشروعة والعادلة. يندد بالأحكام القضائية القاسية والجائرة، في حق المعتقلين ويطالب بإطلاق سراحهم فورا، ووقف جميع المتابعات في حق المناضلين والنشطاء. امتعاضه من العجز والصمت الرهيب للدولة ومختلف أجهزتها ومؤسساتها لعدم قدرتها على تقديم حلول حقيقية للقضايا الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة. يجدد تأكيده على ضرورة إيفاد لجن للتحقيق والتقصي، في ما جرى من أحداث بالإقليم منذ 20 فبراير 2011، والاستجابة للمطالب العادلة للمنطقة وأبناءها. وعليه قرر الفضاء الديمقراطي النقابي احتجاجا وغضبا منه على ما آلت إليه الأوضاع مقاطعة احتفالات فاتح ماي 2012، مع تنفيذ وقفة تضامنية مع المعتقلين، واحتجاجا على الوضع المحتقن اجتماعيا واقتصاديا، وذلك أمام السجن المحلي بالحسيمة، يوم الثلاثاء 1 ماي 2012، ابتداء من الساعة 11 صباحا، ويهيب بكل الفعاليات وعائلات المعتقلين والضمائر الحية والغيورين على المنطقة بتفعيل هذه المبادرة بالمشاركة المكثفة نصرة للقضايا العادلة والمشروعة الفضاء النقابي الديمقراطي الحسيمة بتاريخ: 25 أبريل 2012 شارع حجرة النكور الحسيمة بيان