لست أدري هل العذاب النفسي الذي سأحكي عنه يقع في أي مؤسسة عمومية في العالم، أم يقع ذلك فقط في مستشفى محمد الخامس بالحسيمة . فعلى المواطنين الراغبين في اجتياز فحص البصر قصد تعبئة ملف الحصول على رخصة السياقة، أو الذين يرغبون في إجراء بعض التحاليل أن يحضروا إلى المكتب الذي يستقبل منهم الأوراق الضرورية قي الساعات الأولى من الصباح ابتداء من السابعة، كي يحضَوْا بالأماكن الأولى التي تكون محدودة، و يوعَدون بأن الفحوص أو التحاليل ستبدأ في الحادية عشرة، و لكن عليهم أن يتسمٌروا هناك في الخارج إلى أن تتم المناداة عليهم، حتى لا يضيع دورهم. و لنا أن نتصور حجم معاناة هؤلاء المواطنين. فمنهم الشيخ العجوز، و منهم المرأة الحامل، و منهم المرضى بالسكري أو ضغط الدم. فما على هؤلاء إلاٌ الانتظار عدة ساعات قد تصل إلى الستة، تحت أشعة الشمس اللافحة و في شهر رمضان، علما بأن المكتب المذكور يوجد في الشارع، خارج المدخل الرئيسي للمستشفى. تنتج عن هذا فوضى عارمة، و هرج و مرج، و استحواذ ذوي السواعد القوية على الأدوار الأولى، و ذلك يؤثر بشكل سلبي على مردودية عمل الممرضين و موظفي المستشفى المساكين المغلوبين على أمرهم. لا أظن بأن هذا العذاب النفسي يقع في أي مستشفى في العالم، و لو في الصومال التي هي في حرب أهلية. و لا أظن بأن المواطن المغربي في القرن الثاني عشر كان ينتظر ست ساعات أمام المارستان الذي بناه بمراكش السلطان المرابطي عبد المؤمن بن علي الكومي.