يعود مولاي هشام، ابن عم ملك المغرب محمد السادس، لينتقد المغرب وبشدة، موجّهاً سهامه بطريقة مباشرة وغير مباشرة إلى القصر. وأعلن من جديد تعاطفه ومناصرته للمطالب التي ترفعها حركة 20 فبراير، كما كان لحزب العدالة والتنمية الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة حصة الأسد من هذه الانتقادات. وصف إبن عم ملك المغرب محمد السادس الأمير مولاي هشام، حزب العدالة والتنمية الفائز في الانتخابات التشريعية المغربية "بالطموح" الذي يستمد شعبيته من دعوته إلى تأليف الحياة العامة، وكونه "حزباً غير متورط حتى الآن في تدبير الشأن العام"، زيادة على "معارضته القوية لحزب الأصالة والمعاصرة." وقال مولاي هشام في حوار لمجلة "نوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية إن الأصالة والمعاصرة حزب "أسسه القصر، واحتكر الامتيازات وتجاوز القانون، ولم يكن محبوباً من طرف المغاربة". واعتبر أن حزب العدالة والتنمية كان منسجماً مع الرأي العام، ونجاحه الانتخابي يعتبر بمثابة تصويت عقابي ضد الملكية وأحزابها"، يقول ابن عم العاهل المغربي محمد السادس، مستطرداً في الاتجاه ذاته أن "المشهد السياسي المغربي الجديد سيهيمن عليه ثلاثة عوامل رئيسة: الملكية، العدالة والتنمية وحركة 20 فبراير". ويرى مولاي هشام قدرة حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه عبد الإله بن كيران وإرادته على "تكسير الأقفال التي يضعها النظام وتغلبه على تناقضاته الخاصة (كونه حزباً يتقلب بين الولاء والشعبوية)، كفيلةً بنجاحه في مسؤوليته الحكومية. في توصيف حزب العدالة والتنمية، يقول مولاي هشام إنه تنظيم سياسي "اختار دوما أن يكون جزءاً من النظام من اجل إصلاحه من الداخل، والمستقبل سيقول إن كان سينجح في رهانه هذا، أم أن الأمر سينتهي بابتلاعه من قبل القصر، مثل باقي الأحزاب التي سبقته إلى السلطة. وفي هذه الحالة سنحصل على إسلام سياسي ملكي سيعارض حركات أكثر راديكالية. ولا يجب أن ننسى أن هذا الحزب هو حزب جد محافظ، بل بليد. وهذا ما يميزه بوضوح عن الأحزاب الإسلامية التركية والتونسية التي نشبهها به من دون وجه حق". و"العدالة والتنمية"، بالنسبة إلى الأمير،"يمكنه أن يعود إلى حركة 20 فبراير من أجل توسيع هامش مناورته تجاه القصر. لكن هناك غايات جدية للشك في نجاح خطوة من هذا النوع لأن العدالة والتنمية يكتفي فقط بتحريك فزاعة الحركة الاحتجاجية لانتزاع تنازلات من جانب القصر ومن بقية الأحزاب". ويرى المولاي هشام أن نتائج الانتخابات "ترجمت الخوف من تغيير النظام"، متابعا في المنحى نفسه بقوله: "كنا نعرف أن نسبة المشاركة ستكون الرهان الأساسي الذي سيضفي المصداقية على المسلسل الذي أطلقته الملكية منذ شهر آذار(مارس). هل هذا ما يفسر الإعلان المتسرع لنسبة مشاركة بلغت 45 بالمائة؟ على أي، إن المراقبين، بمن فيهم مراقبون من الاتحاد الأوروبي، سجلوا غياب جزء مهم من سكان المغرب ممن بلغوا سن التصويت، عن اللوائح الانتخابية، بالإضافة إلى وجود أمر آخر مزعج، وهو أن نسبة المشاركة انتقلت من 21 بالمائة إلى 45 في بضع ساعات". و دائما بخصوص نتائج التشريعيات، أوضح الأمير:"إذا ما أخذنا في الاعتبار كل أنواع التأثير الممارس من قبل الإدارة، وخاصة في العالم القروي، والدعاية القوية للإعلام المقرب من السلطة، ستظهر أن نسبة المشاركة الفعلية أقل من 40 بالمائة. أمر آخر له دلالةً مهمةً، وهو أن 20 بالمائة من الأصوات الملغاة تعبر عن عدم اهتمام الناس و هو ما يعني رفضا لهذه الانتخابات"، مقارناً الإقبال على الانتخابات التونسية. وإن كانت الانتخابات الأخيرة التي شهدها المغرب ستدشن حقبة ديمقراطية جديدة، يجيب الأمير إنها "تتويج لمسار تم تدشينه بالخطاب الملكي ليوم 9 آذار مارس 2011، استجابة للضغط الشعبي في الشارع. وبخلاف ما كان يقال، فلا وجود لاستثناء مغربي. فالشعب المغربي يتطلع إلى الديمقراطية، والنظام السياسي المغربي نظام استبدادي مثل أنظمة أخرى كثيرة في المنطقة العربية، يواجه الربيع العربي". ويؤكّد أن "الدستور الجديد يمنح بعض السلطات المحدودة للحكومة. ورئيسها، عكس ما كان يحصل في الماضي، ينبثق من الحزب الذي يتصدر نتائج الانتخابات، يعني حزب "العدالة والتنمية"، لكن،بالنسبة له، "في العمق لم يتغير أي شيء. فالسلطات الأساسية ما زالت بيد الملك والدستور الذي تم وضعه بعناية من قبل القصر تم التصويت عليه بنسبة بلغت 98 بالمائة التي تحبها الأنظمة الاستبدادية. وتبين أن الهدف لم يكن إنجاز إصلاح عميق في النظام، وإنما إخماد تهديد الربيع العربي على الملكية"،بحسب تقديره. وأمام هذا التشخيص الذي وضعه في تفسيره للوضع السياسي في المغرب، يعتقد مولاي هشام أن "حركة 20 فبراير الاحتجاجية بالإضافة إلى قوى المعارضة لم تضع سلاحها"، معتبرا أنه "اتضح للنظام أن هذه الصورة الزائفة للديمقراطية لم تعد تكفي لتهدئة الغضب"، على حد تعبيره.