قررت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبليس، وقف جميع الأنشطة الرسمية التي كانت مبرمجة للاحتفال بالذكرى المئوية لإنزال الحسيمة، الذي يصادف 8 شتنبر 2025، وذلك لتفادي إثارة أي توتر دبلوماسي مع المغرب، وفق ما أوردته صحيفة "الكونفيدينسيال". وكانت هيئة أركان الجيش الإسباني، إلى جانب القوات البرية، قد أعدت برنامجا كاملا لإحياء ذكرى هذا الحدث الذي تعتبره الأوساط العسكرية واحدا من أبرز نجاحات الجيش الإسباني في القرن العشرين. غير أن تعليمات وزيرة الدفاع قضت بإلغاء جميع الفعاليات، مع الاكتفاء بإعداد دراسة اكاديمية توثق للإنزال، دون أي طابع احتفالي أو تظاهرات عسكرية رسمية. إنزال الحسيمة سنة 1925، الذي اشتركت فيه قوات إسبانية وفرنسية، كان نقطة تحول في حرب الريف، حيث استُخدمت فيه ولأول مرة طائرات دعم وقوات مدرعة ضمن عملية إنزال بحري معقدة، انتهت بفرض السيطرة على المنطقة وإنهاء المقاومة الريفية بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي. ورغم أهمية هذا الحدث بالنسبة للذاكرة العسكرية الإسبانية، فإن الاعتبارات السياسية والدبلوماسية أملت تغييبه عن أجندة الاحتفالات الرسمية هذا العام. مصادر عسكرية أوضحت أن الاحتفال بهذه المناسبة في هذا التوقيت قد يُفهم من طرف المغرب كاستفزاز، خاصة في ظل استمرار الخلافات حول قضايا جوهرية مثل ملف الصحراء المغربية، ووضع مدينتي سبتة ومليلية والجزر الواقعة تحت السيادة الإسبانية، ومن ضمنها جزر الحسيمة. ويُنظر إلى قرار الحكومة الإسبانية باعتباره محاولة لتجنب أي تصعيد قد يؤثر على العلاقات الثنائية، خصوصا بعد أزمة استقبال زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، في إسبانيا سنة 2021، وما ترتب عنها من تدفق غير مسبوق للمهاجرين نحو مدينة سبتة. ويأتي هذا القرار ليُعيد إلى الأذهان مواقف سابقة للحكومة الإسبانية، التي سبق وقلصت من حجم الاحتفالات المرتبطة بتاريخها العسكري، كما حدث خلال الذكرى المئوية لتأسيس الفيلق الإسباني سنة 2020. وقد أثار هذا النهج انتقادات في الأوساط الإعلامية والأكاديمية، حيث رأت فيه بعض الأقلام الإسبانية، نوعاً من التنكر للتاريخ العسكري للبلاد بدواعٍ سياسية. في نهاية المطاف، يبدو أن مئوية إنزال الحسيمة لن تكون سوى عنوان لدراسة أكاديمية محدودة التداول، بينما يبقى التاريخ العسكري الإسباني رهيناً لمعادلات السياسة الخارجية التي تفرضها الضرورات الجيوسياسية للعلاقة مع المغرب.