لقارئ لمذكرات المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي زعيم حرب التحرير الريفية سيعجب بمدى فهم هذا الرجل لطباع الريفيين و نزوعاتهم و يصل في بعض تقريراته بهذا الخصوص الى مستوى تحليل نفسي شامل يلم بمجمل أوضاعهم الوجدانية و النفسية و هي بطبيعة الحال إمكانيات و قدرات ساعدت المجاهد محمد بن عبد الكريم في مشروعه الوحدوي لقبائل الريف أنذاك .غير أن القراءة في هذه المذكرات سيلاحظ أن المجاهد محمد بن عبد الكريم كان مهادنا بشكل كبير لفرنسا بل و ملاطفا في ذكرها كما أن بعض ذكرياته تحمل نوستالجيا غريبة للفرنسيين فهل كان المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي ذو هوى فرنسي أم هي المكيدة و السياسة باعتبارها الدولة المضيفة له في منفاه ؟ يقول محمد بن عبد الكريم في فقرة من مذكراته " إن مستقبلنا متعلق بفرنسا وحدها.أما مستقبل أولادنا فقد كنا نتمنى حيث كنا بالريف أن نبعث بأولادنا الى المدارس الفرنسوية لتلقي العلوم العصرية و التربية الحسنة و كذلك أولاد رؤساء الريفيين أما اليوم فلا جدال أن عزمنا الوحيد هو إدخال ابناءنا الى المدراس الفرنسوية " و يقول في فقرة أخرى " مستقبل الريف إن لم تتدخل فرنسا فيه مظلم للغاية و لا يعلمه الى الله " كما يضيف " إننا كنا نتحاشى قبل احتلال الجيوش الفرنسوية لقبائل صنهاجة كل ما من شأنه أن يكدر علائق الصفا مع الحماية الفرنسوية " واضح اذن ان المجاهد كان منبهرا بالتجربة الفرنسية أمة و حضارة و هذا ما نستشفه صراحة في الفقرة التالية التي لا تبقي شكا أن الأمير كان ذو هوى فرنسي في قوله " لا جدال في أن الجيش الفرنسوي قد امتاز بالمقدرة الفائقة في ادارة رحى الحرب و البسالة التامة في القتال منذ كانت الأمة الفرنسوية أمة و كان جيشها جيشا و ما بالعهد من قدم فإن أعماله المدهشة في الحرب الكبرى خلدت له التاريخ .......هذا هو الحق و هذا هو فكرنا " إن الفقرات التي يتحدث فيها الأمير بإكبار تجاه الدولة الفرنسية كثيرة جدا مما يطرح تساؤلات منطقية حول حقيقة هذا الإعجاب بفرنسا و هل هو حقيقي حيث هو نابع من تشبع بقيم الحضارة الفرنسية أم هي مجرد مناورة من سياسي محنك يداري سلطات بلد المنفى ......؟ ورد في إحدى فقرات مذكرات الأمير ما يفهم منه شبه اعتذار من طرف الأمير للدولة الفرنسية لقيام المجاهدين الريفيين بالحرب المباشرة معهم في معركة ورغة بقيادة الجنرال ليوطي حيث قام المجاهدون بدك الجيوش الفرنسية في هذه المعركة التاريخية و هو ما وصفه الأمير بضرورة الإلزام التي وضعتنا في صراع مع فرنسا في هذه المعركة !!!! هي اذن أسئلة تاريخية كثيرة تنتظر الإجابة عنها من طرف الباحثين حتى يكشف النقاب بشكل جلي عن فترة من التاريخ المغربي المعاصر لا زالت تعرف حساسيات متنوعة .